اتفقت مصادر جزائرية ومصرية، من بينها مصدر فى أوراسكوم تيليكوم، على أن «العد التنازلى لخروج نجيب ساويرس من السوق الجزائرية قد بدأ». وقال مصدر جزائرى، طلب عدم نشر اسمه، ل«الشروق»، إنه «على الأقل فإن تواجد ساويرس فى السوق الجزائرية سيخضع لتخفيض متدرج خلال الفترة المقبلة»، وذلك فى الوقت الذى أكد أيضا فيه مصدر مصرى مطلع، أن «أيام ساويرس فى الجزائر ستنتهى سواء باختياره أو بغيره». وتأتى هذه التصريحات فى الوقت الذى أشار فيه مصدر فى أوراسكوم، طلب عدم نشر اسمه، للشروق، إلى أن شركته تتعرض لضغوط عنيفة حاليا، «إننا نواجه بصعوبات بالغة بصورة متزايدة»، بحسب تعبيره. وقد علمت الشروق أن وساطة شخصيات سياسية عربية مع السلطات الجزائرية فشلت فى التوصل لحل مُرضٍ للأطراف. وبينما أرجعت المصادر الجزائرية المشاكل التى يواجهها ساويرس إلى ما وصفته «بخلافات تجارية ومالية» بين رجل الأعمال المصرى وشخصيات اقتصادية جزائرية رفيعة المستوى، كانت قد ساندت ساويرس لدى دخوله السوق الجزائرية. فإن المصادر المصرية، ومن ضمنها أوراسكوم، أرجعت ما يحدث إلى وجود اتفاق بين إحدى شركات الاتصالات القطرية والسلطات الجزائرية، يقضى بمساعدة الأخيرة للشركة القطرية، التى لم يتم الكشف عن هويتها، فى الدخول إلى سوقها والاستحواذ على شركة أوراسكوم فى الجزائر (جيزى). وفى هذا السياق، أشار أحد هذه المصادر إلى أن «الشركة القطرية أعطت شخصيات جزائرية بارزة مبالغ كبيرة من المال، نظير خروج جيزى من السوق الجزائرية». وقد اتفقت المصادر جميعها على أن المشكلة التى يواجهها ساويرس لا تتعلق بالجدل الذى دار بين مصر والجزائر حول التأهل لمباريات كأس العالم، وإنما بمنافسة تجارية على السوق الجزائربة الذى أصبح جاذبا. وبحسب مصدر أوراسكوم، فإن «هناك توجها خليجيا كبيرا نحو السوق الجزائرية»، وقد استنكر المصدر أن «شركته دخلت السوق الجزائرى عندما كانت به مخاطرة كبيرة، وقد تحملت العديد من المتاعب وقتها، والآن بعد أن استقر الوضع وأصبح العديد من الأنظار متوجها إلى هذه السوق، فإن السلطات الجزائرية تدفع بالشركة خارجها». من ناحية أخرى، ذكرت مصادر جزائرية أخرى، أنه إلى جانب الشركة القطرية، فإن شركتى نجمة، العاملة فى السوق الجزائرىة، والتى تملك الشركة الوطنية الكويتية للاتصالات 71% منها، و«زين» الكويتية مرشحتان أيضا لأن تحل إحداهما محل جيزى، فى حال خروجها من السوق الجزائرية. وهذا الأمر قد رجحه أيضا بنك الاستثمار بلتون، ثانى أكبر بنوك الاستثمار فى الوطن العربى، أمس الأول. وتعد نجمة المنافس الأول لجيزى فى السوق الجزائرية، وتستحوذ جيزى على 63% من سوق المحمول الجزائرية، ويصل عدد مستخدمى شبكتها إلى 14.7 مليون شخص، فى مقابل حصة بنسبة 26% لنجمة، التى يبلغ عدد مشتركيها 5.9 مليون، والنسبة المتبقية 11% من نصيب موبيليس، المملوكة للحكومة الجزائرية. ويذكر أن عدة صحف جزائرية كانت قد أشارت، فى وقت سابق، إلى أن شركتى نجمة، وفيفندى الفرنسية كانتا قد أبديتا، أكثر من مرة، رغبتهما فى شراء جيزى. وفى تطور آخر، أبدى رئيس مجلس إدارة شركة «اتصالات» الإماراتية، أمس الأول، اهتمامه بدخول السوق الجزائرية، «الجزائر واحدة من الدول التى تستهدف شركتنا اقتحامها، وهى مدرجة ضمن خطة الشركة التوسعية، وإن كان نجاحنا فى اقتحام هذه السوق سيعتمد على موقف السلطات الجزائرية تجاه هذا الأمر، فى ضوء القيود الأخيرة التى كانت قد وضعتها السلطات الجزائرية على دخول الاستثمارات الأجنبية بها»، بحسب تعبيره لوكالة رويترز. وكانت بلتون قد أشارت، أمس الأول، إلى أن شركة «اتصالات» تتمتع بتوافر سيولة كبيرة لديها تمكنها من الاستحواذ على جيزى، والمقدرة بنحو 2.3 مليار دولار، مع الأخذ فى الاعتبار أن الشركة كانت قد أبدت استعدادها للقيام بعدد من عمليات الاستحواذ، تبعا لبلتون. وقد قدر بنك الاستثمار قيمة صفقة بيع جيزى عند 6.7 مليار دولار، والذى أضاف أنه إذا نجحت أوراسكوم فى بيع الشركة التابعة لها عند قيمة قريبة من هذا المبلغ، فإن هذا «سيكون مفيدا جدا لأواسكوم، كونها تحتاج إلى سيولة، ويصل صافى مديونيتها إلى 5.2 مليار دولار». وكانت وكالة رويترز للأنباء، قد نقلت، مساء أمس الأول، عن مصدر حكومى بالجزائر، طلب عدم نشر اسمه، قوله لم نعد نريد أوراسكوم بعد»، كما نقلت الوكالة عن مصدر مطلع بالقطاع المالى بالجزائر، طالبا هو الآخر عدم نشر اسمه، بأن «حكومة بلاده تعتبر أن أسلوب أوراسكوم فى أداء الأعمال بها ليس فى صالحها، وعليه فإن أوراسكوم يجب أن تغادر السوق الجزائرية»، بحسب تعبير المصدر، قريب الصلة بالحكومة الجزائرية. والذى أشار إلى أن ساويرس طالب السلطات الجزائرية أكثر من مرة خلال الفترة الماضية أن يجتمع معها، إلا أن الأخيرة رفضت هذا المطلب. وكان ساويرس قد قال، قبل يوم من هذه التصريحات: «نحن فى حاجة إلى معرفة ما إذا كانت استثماراتنا محل ترحيب فى الجزائر أم لا، وفى حالة عدم الترحيب باستثماراتنا سوف ننظر عندئذٍ فى خيارات أخرى» بحسب ما جاء على لسان ساويرس خلال لقائه مع ماركت ووتش على هامش فعاليات المؤتمر العالمى للهواتف المحمولة. وأضاف رجل الأعمال المصرى أن هناك إقبالا شديدا على أصول أوراسكوم فى الجزائر، لذلك «لن يتردد فى اتخاذ قرار البيع إذا اتخذت المسألة منحى شديد الخطورة».
