شغل الشارع الفلسطيني يوم الخميس بفضيحة جنسية واتهامات بالفساد المالي تمس مسئولين فلسطينيين نقلها تلفزيون إسرائيلي عن ضابط فلسطيني سابق، بينما اعتبرتها السلطة الفلسطينية محاولة للإساءة لرئيسها محمود عباس. وبثت القناة العاشرة الإسرائيلية مساء الثلاثاء والأربعاء مقابلة مع الضابط الفلسطيني السابق فهمي شبانة عرض فيها وثائق أكد أنها تثبت تورط مسئولين في السلطة في قضايا اختلاس مالي طالت ملايين الدولارات. إلا أن أكثر ما أثار دهشة الشارع الفلسطيني هو بث شريط فيديو لرفيق الحسيني رئيس ديوان الرئيس الفلسطيني عاريا في منزل امرأة. وبحسب شبانة فإن الحسيني حاول استغلال المرأة جنسيا مقابل الموافقة عل طلب توظيف تقدمت به للسلطة الفلسطينية وتم تصويره من قبل جهاز المخابرات الفلسطيني. ولم يلبث هذا الشريط أن وجد طريقه إلى موقع يوتيوب على الإنترنت وسارع عدد كبير من الفلسطينيين لاسيما الشبان للاطلاع عليه وإرسال الرابط المؤدي إليه إلى معارفهم. ونفت السلطة الفلسطينية الاتهامات بالفساد على لسان النائب العام أحمد المغني الذي أعلن أنه ستتم ملاحقة "ما يسمى بالقناة العاشرة الإسرائيلية لتناولها أكاذيب وإدعاءات زائفة"، مؤكدا أن شبانة "ملاحق في قضايا يجري التحقيق فيها من طرفنا والمتعلقة بتسريب أراض لدولة أجنبية وتهمة الشروع بالقتل والإيذاء البليغ والنيل من هيبة الدولة". إلا أن هذا النفي لم يقنع على ما يبدو الرأي العام الفلسطيني لاسيما وان الاتهامات بالفساد التي تطال مسئولين في السلطة تتكرر منذ سنوات. وقال أحمد وهو موظف في وزارة المواصلات اكتفى بذكر اسمه الأول، "إنها بالفعل قصة مأساوية". أما شاكر أحد أفراد الأجهزة الأمنية فقد اعتبر: "ما جرى فضيحة، وبتقديري هناك عدد من القصص المماثلة، لكن المؤسف أن نعرف عنها من خلال الإعلام الإسرائيلي، وعلى السلطة أن تعلن محاسبتها لكل قضية فساد يتم إثارتها". واعتبر المجلس الثوري لحركة فتح التي يتزعمها عباس أن ما نشرته القناة الإسرائيلية يهدف إلى "التشهير" بالرئيس الفلسطيني وسلطته بسبب رفضه استئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل دون وقف الاستيطان. ودان الطيب عبد الرحيم، أمين عام الرئاسة في بيان له "الحملة المسعورة التي بدأتها بعض أجهزة الإعلام الإسرائيلية" مؤكدا أن التقرير "كاذب" والصور "مفبركة". من جهتها, أكدت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة والتي طالما كالت تهم الفساد لمسئولي السلطة أن: "مثل هذه القيادات سواء التي وردت أسماؤها في التقرير أو التي لم يرد اسمها لا تمثل الشعب الفلسطيني، وهي تعمل لمصلحتها الشخصية ولنزواتها وهي التي تعطل المصالحة وتعطل مقاومة الاحتلال، ولا بد من عزلها ومحاكمتها". وحذرت الحركة من: "استخدام العدو الصهيوني لمثل هذه الفضائح الأخلاقية التي نشرت والتي لم تنشر حتى الآن في ابتزاز رجالات السلطة وحركة فتح للعودة إلى طاولة المفاوضات والمساومات العبثية بدون شروط، لأن ذلك يعرض القضية الفلسطينية برمتها إلى التصفية". وعزا هاني المصري الكاتب والمحلل السياسي اهتمام الشارع الفلسطيني بهذه القضية بالرغم من بثها من خلال قناة تلفزيونية إسرائيلية إلى عدم اقتناعه بالطريقة التي عالجت فيها السلطة "العديد من قضايا الفساد التي أثيرت سابقا". وقال المصري: "قضايا الفساد لدى السلطة أثيرت أكثر من مرة، حتى أن النائب العام الفلسطيني تحدث عن قضايا بحوالي 700 مليون دولار، لكننا لم نسمع عن محاسبة وإرجاع هذه الأموال من قبل أي مسئول تم اتهامه". وأضاف: "صحيح أن هناك نوايا مشبوهة إسرائيليا في عرض هذه القضية اليوم، لكن هذا الأمر لا ينهي المسألة، بمعنى أن على السلطة ملاحقة ومحاسبة الفاسدين لتقوية موقفها السياسي الذي من الممكن استغلاله في أي لحظة". ولم تتطرق الصحف الفلسطينية للقضية إلا من خلال نشر بيانات النفي التي أصدرتها السلطة. إلا أن ناصر اللحام رئيس تحرير وكالة "معا" الإخبارية الخاصة لم يتوان عن المطالبة باستقالة الحسيني، دون ذكره بالاسم. وقال في مقالة له على موقع الوكالة: "برغم بلاغتنا، واعتقادنا أننا خطباء مفوهون فإننا لم نتمكن من إقناع أطفالنا بأي دفاع مفيد ... فالصدمة كبيرة والضربة مؤلمة، وبغض النظر عن الضحية وحجم الألم الذي أصابه شخصيا إلا أن مصلحة الوطن والمصلحة العامة تتطلب خطوات جريئة وصعبة لتجاوز الأزمة وبسرعة، فالصمت لا يكفي". وأضاف: "لو كنت مستشارا إعلاميا للرجل +الضحية+ في الفيلم لاقترحت عليه تقديم استقالته فورا ومن جميع مسئولياته إلى حين انتهاء لجان التحقيق في الأمر".