يتهافت مئات المرضى الفلسطينيون على عيادات العلاج بلسع النحل التي انتشرت بصورة كبيرة في غزة في أعقاب الحصار الإسرائيلي. وعادة ما يتجنب الناس لسعات النحل المؤلمة، لكن في غزة يتهافت مئات المرضى للحصول عليها من يد المهندس الزراعي راتب سمور الذي يدير العيادة الأولى والوحيدة في القطاع للتداوي بسم النحل الذي زاد الإقبال عليه خصوصا منذ الحصار الإسرائيلي. ويتنقل المهندس راتب من مريض إلى آخر داخل عيادته المزدحمة بعشرات المرضى حاملا صندوقا صغيرا يحتوى على عشرات النحل ليوجه لكل مريض عددا من اللسعات في موطن الألم. ويقول الشاب محمد الداية (25 عاما)، الذي أصيب بشلل في أطرافه السفلية منذ ثلاثة أعوام، "كنت أعالج بصفة دورية من ضمور العضلات الذي أصابني منذ عشرة أعوام لكن لم أستطع السفر لاستكمال علاجي بعد الحصار فتدهورت حالتي وفقدت القدرة على الحركة في الجزء السفلى .ويتابع بحسرة وهو يجلس على كرسيه المتحرك أنه لو تمكن من السفر لما أصبح مقعدا الآن، وسيكون علاجه أصعب بعد أن فقد الحركة. ولا يملك مرضى قطاع غزة أي خيارات للعلاج في الخارج بعد أن فرضت إسرائيل حصارا على القطاع منذ أكثر من ثلاثة أعوام ما أدى إلى تدهور القطاع الصحي ونقص في العقاقير الطبية بحسب وزارة الصحة التابعة للحكومة المقالة. ويشيد الشاب النحيل بالعلاج بلسع النحل ويقول إنه: "ممتاز جدا فقد خلصني من الآلام التي كانت تحرمني النوم. فهذا العلاج جعل حالتي تستقر ولم تعد تتدهور إلى الأسوأ وذلك حتى أتمكن من السفر". إلا أنه لا يتوقع أن يعيده هذا العلاج للمشي ثانية. ويقر راتب سمور، الذي أنهى دارسته من جامعة الزقازيق، "لن أتمكن من جعله يمشى ثانية فعلاجي له يرتكز بشكل أساسي على تخفيف آلامه ومنع حالته من التدهور أكثر وهذا بحد ذاته تقدم في نظر الطب". ولجأ إسماعيل مطر (23 عاما) هو الآخر له للتخفيف من أعراض صدمة عصبية تعرض لها في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.. ويقول: "تمزق جسد صديقي أمامي بشظايا صاروخ إسرائيلي أطلقته الطائرات الحربية بينما كنا في طريق عودتنا إلى المنزل في بيت لاهيا أثناء الحرب". ويتابع "أصبت بصدمة نفسية حادة فلم أقو على الحركة وكنت بالكاد أرى ولم تنفعني الأدوية لكن الآن بعد سبعة شهور من العلاج بسم النحل أنا أفضل حالا بكثير فعدت إلى التحرك وممارسة حياتي بشكل طبيعي لكنني لم أستعد بصري تماما وهو مع ذلك فى تحسن. أما نيفين عجور (32 عاما) والتي تعاني من التهاب المفاصل، فتشعر بفخر وسعادة للنتيجة التي منحها إياها "لسع النحل".. وتقول: "أعاني من الروماتويد منذ خمسة أعوام ولم تفدني المسكنات فليس هناك علاج لهذا المرض في غزة" .وتضيف، وهي تتلقى لسعة في معصمها، "لم أكن أستطيع صعود الدرج إطلاقا قبل أن آتى إلى هذه العيادة لكنني الآن بعد خمسة شهور من العلاج أصعد الدرج أكثر من ست مرات فى اليوم". ويقول راتب سمور: "افتتحت هذا المركز فى عام 2003 وبدأت أعالج المرضى بعد نجاحي في تطبيق ما درسته في الجامعة خصوصا في مادة علم الحشرات والنحل على أهلي وأصدقائي" .ويتابع: "لم أكن أتلقى مقابلا ماديا من المرضى كما أن العلاج بسم النحل لم يلق إقبالا كما هو الحال في الوقت الراهن". ويضيف وهو منشغل بانتقاء مجموعة من النحل من بين عشرات الخلايا المنتشرة في حديقة منزله الخلفية: "ازداد الإقبال على بعد أن حققت نتائج مبهرة بالعلاج بالنحل لعدد كبير من المرضى. وزاد الإقبال أكثر بعد الحصار الإسرائيلي". ويباشر سمور علاج مئات المرضى من الرجال والنساء والأطفال ثلاثة أيام في الأسبوع مع ثلاثة من أبنائه قام بتعليمهم طريقة العلاج ويتلقى سمور (دولارين ونصف الدولار) من كل مريض مقابل كل ثلاث زيارات. ويفخر سمور بإنجازاته، إلا أنه يقر بأنه لا يستطيع أن يضع سقفا لهذه الإنجازات، موضحا "لا يوجد تفسير علمي واضح لما يقوم به النحل وإن كان يحتوى على مركبات تعادل أضعاف المركبات المستخدمة في العقاقير الطبية". ويضيف الرجل (53 عاما): "على سبيل المثال سم النحل يحتوى على مادة الميلودين وهى تعادل مائة أضعاف مادة الكورتيزون التي يطلق عليها اسم العلاج السحري، كذلك يحتوي على مادة أدولابين وهي تعادل عشرة أضعاف المورفين الذي يستخدم في تسكين الآلام". لكنه يشدد على أن العلاج بسم النحل طريقة مكملة للطب"، ويقول: "لا أقوم بتشخيص المرض بل أعتمد كليا على رأى الطبيب المعالج. ويرفض سمور علاج مرضى القلب والسكري والسرطان.