رئيس جامعة الأقصر: انتصارات أكتوبر ستظل محفورة فى ذاكرة الوطن واعادت الكرامة    نشاط مكثف للرئيس السيسى خلال النصف الثانى من سبتمبر.. فيديو    أستاذة علوم سياسية: لا يمكن مواجهة الخارج بشكل فعال ما لم يكن الداخل قويا    مصطفى الفقي أمام رئيس الوزراء: جزء كبير من التزامات مصر الخارجية بحاجة إلى إعادة النظر    التنمية المحلية والعمل يبحثان آليات تنفيذ أهداف مباردة "بداية جديدة لبناء الانسان"    878 مدرسة لبنانية تستقبل النازحين كمراكز إيواء    كوريا الجنوبية واليابان تتفقان على تنسيق الاستجابة تجاه «استفزازات» كوريا الشمالية    حقيقة إقامة مباراة بين بطلي دوري أبطال إفريقيا وأوروبا وأخري لأبطال السوبر    مصر تكتسح أمريكا بنتيجة 12-3 استعدادًا لبطولة العالم للكروكيه    تفاصيل التراجع عن تعيين شوقي غريب مديرًا فنيًا للإسماعيلي (خاص)    بالأسماء.. إصابة 9 أشخاص في انقلاب سيارة ربع نقل بالمني    فرض سيطرة وبودى جاردات.. الاعتداء على موظف بسبب شقة بالقناطر الخيرية    حبس نجل التربي لاتهامه في واقعة أعمال سحر اللاعب مؤمن زكريا    «ايزابيل أدرياني»: أعشق الحضارة المصرية القديمة والتاريخ الفرعوني وتأثرت بهما كثيرا    قبل عرضه غدا.. تعرف على أحداث مسلسل 'مطعم الحبايب'    22 فيلما في ترشيحات جائزة النقاد العرب للأفلام الأوروبية 2024    معارض الحضارة المصرية في الخارج تجذب 625 ألف زائر    مواعيد عرض وإعادة مسلسل برغم القانون على ON.. بطولة إيمان العاصي    «وما النصر إلا من عند الله».. موضوع خطبة الجمعة المقبل    محافظ الأقصر يعلن قرب افتتاح قسم الطوارئ بمجمع الأقصر الطبي الدولي    ارتفاع حصيلة القتلى في استهداف إسرائيلي لمبنى سكني بدمشق إلى 3 أشخاص    سامية أبو النصر: نقول للشباب أن استرداد الأرض لم يكن سهلا ولكن بالحرب ثم التفاوض    قافلة تنموية شاملة لجامعة الفيوم توقع الكشف على 1025 مريضا بقرية ترسا    بوتين يوقع قانونا يسمح بتجنيد المشتبه بهم جنائيا وتجنيبهم الملاحقة القضائية    جولة بحرية بقناة السويس للفرق المشاركة بمهرجان الإسماعيلية الدولى للفنون الشعبية    تغيير كبير.. أرباح جوجل بالعملة المصرية فقط    ظاهرة فلكية تُزين السماء 6 ساعات.. متى كسوف الشمس 2024؟    مقتل وإصابة 7 جنود من الجيش العراقي في اشتباكات مع داعش بكركوك    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة    شيخ الأزهر يكرم طلاب «طب أسنان الأزهر» الفائزين في مسابقة كلية الجراحين بإنجلترا    رئيس الوزراء: نعمل على تشجيع القطاع الخاص وزيادة مساهمته    وزير الشباب والرياضة يتابع مجموعة ملفات عمل تنمية الشباب    تفاصيل زيارة أحمد فتوح لأسرة المجنى عليه.. وعدوه بالعفو عنه دون مقابل    قرار قضائي جديد ضد المتهمين في واقعة «سحر مؤمن زكريا»    الحوار الوطني.. ساحة مفتوحة لمناقشة قضايا الدعم النقدي واستيعاب كل المدارس الفكرية    حقوقيون خلال ندوة بالأمم المتحدة: استمرار العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان يقوض السلم والأمن الدوليين    وزير الثقافة يلتقي أعضاء نقابة الفنانين التشكيليين (صور)    محافظ القاهرة يشيد بدور عمال النظافة المهرة في تطوير ورش الهيئة    البورصة المصرية تتحول إلى تحقيق خسائر بعد اتجاهها الصاعد في الجلسات الأخيرة    عالم أزهري: 4 أمور تحصنك من «الشيطان والسحر»    وزير التعليم العالي يناقش فتح فرعا لجامعة أبردين البريطانية في مصر    جوارديولا: جوندوجان لعب أسوأ مباراة له ضد نيوكاسل.. وفودين ليس في أفضل حالاته    قافلة طبية في قرية الشيخ حسن بالمنيا ضمن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    جمال شعبان: نصف مليون طفل مدخن في مصر أعمارهم أقل من 15 عامًا    منح الرخصة الذهبية للشركة المصرية للأملاح والمعادن بالفيوم «أميسال»    الجمعة المقبل غرة شهر ربيع الآخر فلكياً لسنة 1446 هجريا    «بونبوناية السينما المصرية».. ناقد: مديحة سالم تركت الجامعة من أجل الفن    أستاذ جامعي: شمولية «حياة كريمة» سببا في توفير مناخ جاذب للاستثمار    النيابة تطلب تحريات مصرع عامل تكييف سقط من الطابق الثالث في الإسكندرية    بالصور.. 3600 سائح في جولة بشوارع بورسعيد    عرابى: اختيار رمضان لمنصب المدير الرياضى موفق للغاية.. منح اللاعبين راحة من إختصاص الجهاز الفنى فقط    سقوط 6 تشكيلات عصابية وكشف غموض 45 جريمة سرقة | صور    وزير الداخلية يصدر قرارًا برد الجنسية المصرية ل24 شخصًا    ما حكم كتابة حرف «ص» بعد اسم النبي؟ الإفتاء توضح    "أبوالريش" تستضيف مؤتمرًا دوليًا لعلاج اضطرابات كهرباء قلب الأطفال    وزير الري يلتقى السفيرة الأمريكية بالقاهرة لبحث سُبل تعزيز التعاون في مجال الموارد المائية    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    خبير عسكري: إسرائيل دخلت حربًا شاملة ولن يوقفها أحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليابان.. ومحاولات فك الارتباط
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 12 - 2009

يعانى الرئيس أوباما مشكلة مع اليابان. صحيح أنها ليست بالقضية التى تقض مضجعه ليلا. ولكن عندما تسوء علاقات الولايات المتحدة مع حليفتها الأهم فى آسيا، بسبب الأمن وليس أشباه الموصلات، فلا شك فى أن يشهد العالم تغييرا.
من المؤكد أن اليابان تشهد تغييرا.
فبعد أن صوت اليابانيون لعزل «الشوجن» (الحكام العسكريون) الذين حكموا البلاد أكثر من نصف قرن، وأعلنوا الحرب على البيروقراطية التى سهلت صفقات نهب المال العام طوال تلك الفترة، بدءوا الآن ينظرون نظرة جديدة إلى الولايات المتحدة: القوة التى صاغت دستورهم، وضمنت سيادتهم.
وهناك متاعب نتجت عن ذلك.. فلم تعد اليابان تلك التى يعتمد عليها وإنما صارت صعبة المراس. فهى تتحدث عن «الشراكة المتكافئة» بمعنى أنها صارت أقل خنوعا. وحلَّ النزوع للجدل محل الخضوع.
وأرى ذلك طبيعيا، من حيث إن اليابان شهدت للتو تغييرا سياسيا هائلا بالطريقة نفسها التى تم بها بعد الحرب الباردة تحطيم أى سيطرة للحزب الواحد، وهو الوضع الراهن المدعوم أمريكيا.
ومع ذلك، اتضح أن المشكلات بين أكبر اقتصادين فى العالم حادة على نحو غير متوقع. فالوزراء هنا يهزون رءوسهم وهم يتمتمون: «أمر سيئ حقا». وفى مواجهة ذلك، هناك أمور كثيرة مشتركة من ضمنها التغيير بين أوباما ورئيس الوزراء اليابانى يوكيو هاتوياما، الذى قاد الحزب الديمقراطى الناشئ نحو الفوز فى سبتمبر الماضى. ومع ذلك، لم يكن من الممكن تجنب حالة العداء.
فقد وصل كلا الزعيمين إلى منصبيهما على خلفية معاناة الطبقة الوسطى من انخفاض الدخول وعدم الاستقرار الوظيفى، حيث اشترك الأجير اليابانى والعامل الأمريكى فى المعاناة من عقد من الزمن الردىء.
وتتمحور أفكار كل من الزعيمين حول تيار الوسط، على الرغم من بعض ميول ومثاليات يسار الوسط. ويحمل كل منهما مهمة تعديل توقعات بلده وفقا لعالم تتآكل فيه قوته النسبية. صحيح أن أوباما كان بعيدا تماما عن دائرة الحكم، بينما هاتوياما سليل أسرة سياسية تشابه أسرة كيندى (وريث لثروة شركة بريدجستون للإطارات). غير أن الاهتمامات المشتركة ربما تكون غطت على تفاوتات الخلفية الاجتماعية.
لكن الثقة بينهما تبددت على نحو سريع. وكانت الشرارة الأولى للخلاف حول مستقبل قاعدة بحرية جوية فى جزيرة أوكيناوا جنوب اليابان، حيث غضب المواطنون مما صاحب الوجود العسكرى الأمريكى من ضجة وجريمة وتلوث. أما المسألة الأعمق فهى أكثر تعقيدا، وهى التذمر اليابانى المتنامى من الاعتماد على واشنطن بعد الحرب، وأبرز رموزه هو القوات الأمريكية الموجودة هنا ويبلغ عددها 37 ألف جندى.
وساند هاتوياما ذلك الاحتجاج. وتعهد خلال حملته الانتخابية بإظهار قدر أكبر من الجرأة، مشككا فى اتفاق عام 2006 الخاص بنقل قاعدة فوتينما الجوية إلى موقع طبيعى بِكْر شمال الجزيرة (الأمر الذى أغضب المدافعين عن البيئة من أعضاء حزبه)، وطالب بنقل القاعدة خارج الجزيرة، أو حتى خارج اليابان. وتحدث أيضا عن إعادة النظر فى الدستور، الذى تُنكِر المادة التاسعة منه على اليابان حقها فى أن يكون لها جيش مكتمل.
وقال أكيهيسا ناجاشيما، نائب وزير الدفاع اليابانى: «نحن نأخذ التحالف الأمريكى اليابانى على محمل الجد، فهو صميم سياستنا الخارجية، على الرغم من أن هاتوياما يتحدث عادة عن تحالف من دون قواعد عسكرية دائمة، وذلك قد يربك أصدقاءنا الأمريكيين قليلا»، وأضاف: «أعتقد الآن أن هاتوياما لا يؤمن بضرورة طرد القوات الأمريكية، أبدا، ليس هذا على الإطلاق».
غير أن الشكوك قد غرست بالفعل على الجانب الأمريكى، وتضاعفت من خلال سوء التفاهم. فعندما كان الرئيس الأمريكى فى اليابان الشهر الماضى، ناشده هاتوياما الثقة، فقال أوباما أن ذلك مؤكد، غير أنهما لم يوضحا أبدا الأمر الذى تدور حوله هذه الثقة المتبادلة. فهى بالنسبة لهاتوياما تتعلق بمستقبل التحالف. وبالنسبة لأوباما تتعلق بتنفيذ اتفاقية عام 2006 بشأن أوكيناوا التى بلغت تكلفتها 26 مليار دولار.
وكان ذلك الغموض وخيم العواقب. فقد صار الجميع غير سعداء الآن، وانهارت مجموعة عمل رفيعة المستوى أعلن أوباما عن تشكيلها بخصوص القاعدة البحرية.
وأنا أعلم أن هاتوياما لن يتخذ قرارا نهائيا قبل عدة شهور، وربما ليس قبل انتخابات مجلس الشيوخ المقررة فى شهر يوليو المقبل التى يمكن أن تخلصه من شركائه اليساريين فى التحالف. وليس ريتشارد أرميتاج الذى يتحدث كثيرا عن الأمر وهو نائب سابق لوزير الخارجية سوى أوضح تعبير عن نفاد صبر الولايات المتحدة، والذى يشاركه فى ذلك أوباما.
وقال ناجاشيما، مشيرا إلى غضب أهالى أوكيناوا، وضغط التحالف على هاتوياما: «لا أستطيع تغيير الموقف السياسى هنا. أريد بالفعل أن يتقبلنا أصدقاؤنا الأمريكيون ويعملون معنا على الرغم من هذه الصعوبات».
وتبدو هذه نصيحة مهمة للغاية. فبعد أن استغرق أوباما أكثر من 90 يوما لإصدار قرار بشأن أفغانستان، لا يستطيع أن يعيب على هاتوياما تردده. فقد تولى الأخير زمام الحكم بعد أكثر من خمسة عقود من حكم الحزب الديمقراطى الليبرالى. وهو بحاجة لمزيد من الوقت، وقد يؤثر عليه تسرب رائحة فضيحة تمويل حملة انتخابية.
ويرجع فوز أوباما، وتعقيد موضوع فوتينما إلى أن اليابان، مثلما كانت ألمانيا قبلها، تريد التخلص من الوصاية الأمريكية التى امتدت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، فهى على العكس من ألمانيا، تقع فى جزء من العالم ما زال يحمل بقايا الحرب الباردة كوريا الشمالية المسلحة نوويا ولا يفصل بينها وبين الصين الصاعدة بسرعة إلا المياه.
وباختصار، فالحاجة إلى التحالف اليابانى الأمريكى أمر حقيقى، حتى وإن تزايد سعى اليابان للتخلص من مظاهره المهينة. لذلك يبدو لى أن على الجميع أن يتريثوا قليلا. فينبغى الحد من نفاد صبر الولايات المتحدة وكذلك الحد من أفكار «عالم الأخوة» الخيالية التى يتبناها عناصر من حزب هاتوياما. ولا بد أن تكون هناك مرونة فيما يتعلق بقاعدة فوتيناما، وحزم فيما يتعلق بالإستراتيجية الحتمية التى تربط بين أمريكا واليابان.

New York times syndication


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.