فى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، أقدمت نقابة الأطباء على نفس الخطوة.. تشكيل لجنة لتحديد أتعاب الأطباء، معتمدة على قانون النقابة الذى يتيح لها وفقا لنص المادة 64 من الفصل الثانى من القانون تقدير أتعاب الأطباء، على أن يتولى مجلس النقابات الفرعية تحديد المبلغ. وما بين السبعينيات والألفية الجديدة، اتجهت النقابة لنفس الخيار، الذى فشلت فى تحقيقه قديما 3 مرات، أعوام 74، 82، 86، لتحد من أتعاب الأطباء، التى وصفها البعض بأنها أصبحت خيالية، وبها شىء من الجشع. ويفسر حمدى السيد، نقيب الأطباء، أسباب فشل النقابة فى تنفيذ قرارات اللجنة قديما بعدم وجود سلطة تسمح لهم بالتفتيش على الأطباء والتأكد من التزامهم بقرارات اللجنة، ويقول «كان من الصعب جدا أن يتم متابعة القرارات التى تتخذها اللجنة، لأننا بدون سلطة رقابية». وكشف السيد، عن أن النقابة تسعى حاليا لأن يكون لها سلطة التفتيش على الأطباء، قائلا: «نحاول أن يكون لنا حق التفتيش القضائى لمتابعة القرارات التى تتخذها اللجنة حتى نضمن تنفيذها». السيد، كان قد أعلن من قبل أن قرارات اللجنة ستطبق بشكل اختيارى فى أول الأمر، وبعد ذلك سيتم تطبيقها إجباريا على كل الأطباء، وأنهم سيضعون ضوابط ووسائل تحد من عدم التزام الأطباء. وكانت المشاورات الأولية بين أعضاء اللجنة قد اتجهت إلى تحديد أسعار الكشف بحسب الدرجة العلمية للطبيب، على أن يكون الحد الأدنى لأسعار كشف الإخصائى 10 جنيهات تتدرج ليصبح الحد الأقصى 100 للأستاذ الذى تزيد خبرته عن 15 سنة. «دور النقابة المفروض يكون أكبر من كده»، بهذه الكلمات علق الدكتور رشوان شعبان، عضو حركة أطباء بلا حقوق، وأضاف «ليس من مهام النقابة الرئيسية أن تقوم بتحديد الأتعاب ولكن عليها أن تنتبه لمشكلات الأطباء التى لا تعد ولا تحصى». وتساءل شعبان، حول ما إذا كانت النقابة ستقوم بنفس الدور لمساعدة الأطباء الذين لا يجدون الخبز؟ وقال: «عدد الأطباء الذين يحصلون على أتعاب مرتفعة يقدر بنحو 200 300 طبيب، أما الباقى فما هو تصرف النقابة تجاههم»؟ وأوضح شعبان أن المشروع لن يطبق على أرض الواقع، لأن النقابة لن تستطيع تطبيقه على المستشفيات الخاصة، مضيفا أن النقابة عليها أن تتجه لأى شىء يزيد مواردها بدلا من مشروع تحديد الأتعاب الذى لن يفيد. النقابة من جانبها أعلنت أنها ستقدم عدة مميزات للأطباء الذين يلتزمون بقرارت اللجنة عن طريق وضع أسمائهم على موقع النقابة وإعداد كتيبات بمؤهلاتهم العلمية وتخصصاتهم الدقيقة وتزكيتها لدى الهيئات الحكومية والشعبية، التى تقدم خدمات علاجية لأعضائها وتخصيص خط تليفونى ساخن للمواطنين، الذين يطلبون أسماء الأطباء وعناوين عياداتهم. لكن السؤال المطروح الآن هل يجوز قانونا أن تجبر النقابة أعضائها على تخفيض أسعار الكشف، المحامى خالد على، مدير المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يقول «النقابة لا تحتاج إلى سلطة قضائية لتباشر مهامها، لأنها لديها سلطة تأديبية يمكنها من خلالها أن تعاقب أى طبيب يخالف قراراتها». وأضاف على، «النقابة تستطيع، من خلال الحوار بين أعضائها، الاتفاق على صيغة محددة للعقوبة التأديبية التى يجب أن يلتزم بها الأطباء»، مشيرا إلى أن النقابة لديها عدة أدوار منها الدور القومى، وهذا ممثل فى تحديد أتعاب الأطباء التى شهدت ارتفاعا شديدا خلال الفترة الماضية. من جهته يرى الدكتور أحمد عبدالعزيز، أستاذ جراحة العظام، أن الخدمة الطبية تحتاج لمنشآت طبية متكاملة بدلا من تحديد أتعاب الأطباء، لأنه وبحسب قوله «سيكون الأمر غير عادل لكل الأطباء، لأن فى النهاية الطب مهنة يتكسب منها صاحبها». ويضيف عبدالعزيز، الذى يعد أحد أشهر أطباء العظام فى مصر، أن «الأطباء أنواع وخبرات والمريض هو الذى يختار أيهما يفضل، وفى النهاية الأمر يعود للطبيب نفسه، فأحيانا يأتى مريض يشعر الطبيب أنه غير قادر على دفع الكشف، فلا يأخذ منه». وتساءل عبدالعزيز عن عدد الأطباء الذين يغالون فى أسعار الكشف والعمليات، ولماذا يتم النظر للطرف الضعيف دائما، فى حين أن أسعار الحديد ترتفع وتنخفض ولا أحد يعرف لماذا، على حد قوله، مشيرا إلى أنه سيلتزم بأى قرار تتخذه النقابة لأنها هى الكيان الذى يدافع عن مهنة الطب. وما بين قرارات النقابة وجشع بعض الأطباء يقف المريض، الذى يريد أفضل خدمة طبية وبأقل الأسعار.