حد ارتفاع أسعار القمح الأمريكي بسبب زيادة تكاليف الشحن من صادرات الولاياتالمتحدة لمصر -أكبر مستورد للقمح في العالم- والتي كانت قبل عامين فقط ثاني أكبر مشتر للقمح الأمريكي. وشكلت المواصفات الصارمة التي تضعها مصر بشأن جودة القمح المستورد قيودا إضافية على المصدرين مما دفع بعض الموردين الأمريكيين إلى الامتناع تماما عن التقدم بعروضهم في المناقصات التي أجريت في الآونة الأخيرة. وانخفضت مبيعات الولاياتالمتحدة -أكبر مصدر للقمح في العالم- إلى مصر في السنة التسويقية الحالية التي بدأت في أول يوليو الماضي بنسبة 70% مقارنة بالسنة الماضية. وتوخى الموردون الحذر بعد أن رفضت إدارة الحجر الزراعي المصرية أو عطلت دخول العديد من شحنات القمح الواردة إليها هذا العام من روسيا وفرنسا وانضمت إليهما الولاياتالمتحدة لتصبح أحدث عضو في هذه القائمة. وتعللت إدارة الحجر بأن هذه الشحنات لا تطابق المواصفات القياسية. وقال تاجر أمريكي "منذ رفض سفينة (القمح الأمريكية) في مصر انتاب البعض قلقا بالغا بشأن تعطيل مصر لسفن الشحن وإبقائها لخمسة أو عشرة أيام لتفريغها." وتعطيل دخول الشحنات يمكن أن يكبد الموردين عشرات الآلاف من الدولارات من مصاريف شحن إضافية. مصر ترسل مسئولين لفحص القمح قبل شراءه وفي الأسبوع الماضي أعلنت مصر بأنها سوف تبدأ في إرسال مسئولين بالحجر الزراعي لفحص القمح في موانئ المنشأ. ورد بعض التجار الأمريكيين بأن ذلك الإجراء من شأنه الحد من كفاءة عمليات التحميل. غير أن بعض مصادر التجارة قالت انه من السابق لأوانه القول بأن الولاياتالمتحدة ستخسر مصر للأبد كعميل من أفضل عملائها. وقال شاون ماكمبردج المحلل لدى برودنشيال باش "نفقد الآن حصة من السوق بسبب وجود قمح رخيص متاح في الخارج يمكن توريده للسوق المصرية بسعر أقل... واذا صادفنا عاما تعاني فيه دول الاتحاد الأوروبي أو منطقة البحر الأسود خسائر هائلة بسبب الجفاف على سبيل المثال فعندئذ سنشهد تحولا في السوق." وفي ظل وفرة القمح في الأسواق العالمية يمكن لمصر - التي تستورد كميات هائلة من القمح لبرنامج الخبز المدعوم - أن تكون انتقائية. وأوضح دان مانترناش المحلل لدى دوان ادفايزوري سرفيسيز "من سوء الحظ أن سوق القمح أصبحت سوقا يهيمن عليها المشترون ومصر تستفيد تماما من هذا الوضع." وتقلصت صادرات القمح الأمريكية إلى مصر بشكل كبير في الآونة الأخيرة بفعل شحنات القمح الأقل سعرا من منطقة البحر الأسود التي تضم روسيا وأوكرانيا وكذلك من أوروبا. ويقول تجار إن سعر طن القمح الأمريكي الشتوي الأحمر اللين الذي يتم شحنه من خليج المكسيك أغلى الآن من سعر طن القمح الفرنسي بخمسة وعشرين دولارا على الأقل. وتكلفة القمح الأمريكي تزيد عن تكلفة القمح الروسي بما يتراوح بين 35 و40 دولارا على أساس تسليم البضاعة على ظهر السفينة. وبالإضافة إلى ذلك قال التجار إن تكلفة شحن القمح من الولاياتالمتحدة إلى مصر تزيد في الوقت الراهن بما يتراوح بين عشرة وعشرين دولارا للطن مقارنة بشحنه من بلدان قريبة من الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن صادرات القمح الأمريكية إلى مصر ربما تشهد ارتفاعا في النصف الثاني من السنة التسويقية اذا انخفض المعروض من القمح عالي الجودة الذي تنتجه مناطق أخرى. وقال مانترناش "المبيعات الأمريكية بصورة عامة لن ترتفع إلا عندما يعلق المنافسون لافتة (نفد المخزون). ومازلت أعتقد أن هذا سيحدث في النصف الثاني من السنة التسويقية." لكن بعض مصدري القمح الأمريكيين ينتابهم الشك في هذا الأمر لأن الأسعار الأمريكية تواصل الارتفاع على الرغم من أساسيات الاقتصاد المنخفضة. وقد ارتفعت أسعار العقود الآجلة للقمح في بورصة مجلس شيكاجو للتجارة بنحو 15% مقارنة مع مستوياتها المنخفضة في مطلع الشهر. ويعزى هذا الارتفاع إلى موجات شراء من صناديق الاستثمار.