رغم اعتبار البعض أن إعلان الرئيس الفلسطينى محمود عباس (74 عاما) عدم ترشحه فى الانتخابات المقبلة «مجرد مناورة سياسية»، فإن عددا من الأسماء من حركة فتح وخارجها يشهد صعودا وهبوطا فى بورصة المرشحين المحتملين لخلافته.. «الشروق» رصدت أكثر هذه الأسماء تداولا، واستطلعت رأى الدكتور سمير غطاس مدير مركز مقدس للدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، فى حظوظ كل منها. أحد هؤلاء هو محمد دحلان (53 عاما)، فالبرغم من كونه حاليا خارج دائرة صنع القرار فى السلطة الفلسطينية، فإن البعض ينظر إليه كأكثر الشخصيات كاريزما وقدرة على قيادة فتح والسلطة. إلا أن مشكلة دحلان تكمن فى الحملة الشرسة التى تشنها عليه حركة حماس بسبب دوره الأمنى فى قطاع غزة قبل أن تسيطر عليه الحركة فى يونيو 2007؛ ما حوله إلى شخصية جدلية. ويرى د.غطاس أن دحلان هو «الأقل حظا؛ فمؤسساتيا هو ليس الأقدم تاريخيا داخل الحركة، وشعبيا لا يتمتع بتأييد واسع بين الفتحويين سواء فى الضفة الغربيةالمحتلة أو غزة». كما أنه، بحسب د.غطاس، «ليس مقبولا من واشنطن وإن كانت إسرائيل راضية عنه، فالبرغم من كونه ليس عميلا لتل أبيب، فإن طريقته فى التعامل مع حماس حين كان مسئولا عن جهاز الأمن الوقائى لبت احتياجات الاحتلال». الشخصية الثانية المتداولة هى أبوماهر غنيم (74 عاما)، الرجل الثانى داخل فتح. وفى ندوة بعنوان «تشخيص عملية سلام الشرق الأوسط»، حضرتها «الشروق» أمس الأول فى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، القريب من دوائر الحكم الإسرائيلية واللوبى اليهودى بالولايات المتحدة، برز اسم غنيم كخليفة محتمل لعباس، إذ قال إيهود يارى كبير معلقى القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلى، وزميل زائر للمعهد، إن عدة شخصيات ستحاول الانقضاض على الرئاسة الفلسطينية، من أبرزها غنيم. وقالت مصادر داخل السلطة الفلسطينية إن «غنيم ليس شخصية سياسية ولا يمكنه إدارة السلطة، ولم ينخرط يوما فى محادثات السلام والشئون السياسية، كما أنه بعيد عن محادثات المصالحة (الفلسطينية) ومتقدم فى العمر»، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس. بالرغم من ذلك، يرى د.غطاس أن غنيم «مرشح تسوية كونه مقبولا من الجميع؛ باعتباره أقدم أعضاء فتح بعد عباس، فهما يمثلان نهاية مرحلة الخارج»، مشددا على أنه «الأقرب للرئاسة ولو لمرحلة انتقالة (فترة رئاسية من أربع سنوات)، منعا لحدوث انشقاقات داخل الحركة أو حتى انهيار السلطة، لكن فى حال عدم ترشيحه فإن أحمد قريع (72 عاما) سيكون الأقرب للرئاسة». كذلك يتداول البعض اسم مندوب السلطة السابق لدى الأممالمتحدة ووزير الخارجية السابق ناصر القدوة (60 عاما)، وهو يتمتع بمهارات سياسية وعلاقات دولية. لكن د.غطاس يعتبره «أضعف المرشحين؛ فهو ليس من الأعضاء القدامى فى الحركة ويفتقد إلى الشعبية، ولا ميزة له سوى كونه ابن شقيقة الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات». من الأسماء المتداولة أيضا مروان البرغوثى (52 عاما) القيادى البارز فى فتح، الذى يقضى خمسة مؤبدات فى سجون الاحتلال، ويتمتع بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين، حتى أنه يتوفق على أى سياسى فلسطينى فى استطلاعات الرأى. ويصفه الإعلام الأمريكى بالقائد ذى الكاريزما والشعبية الواسعة، ويرى البعض داخل فتح أنه الأقدر على هزيمة حماس فى أى انتخابات، إذ يفوز فى الانتخابات وهو خلف القضبان بينما تسقط قيادات فتحاوية تتمتع بحرية التحرك والدعاية. ويعتبره د.غطاس «أكثر شخصية يتوافق عليها الجميع خارج فتح، حتى أنه يتمتع بشعبية جارفة داخل حماس نفسها، إلا أن (رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين) لن يُفرج عنه، فإطلاق سراحه يعنى إضعاف حماس، وهذا ما لا يريده نتنياهو لكونه مستفيدا من بقاء الأوضاع على ما هى عليه». لكنه لا يستبعد أن «يُضطر نتنياهو إلى الإفراج عن البرغوثى بضمانات، وذلك تحت ضغوط أمريكية وأوروبية إذا رأى الأمريكيون والأوروبيون أن وضع فتح فى خطر وأن السلطة قد تنهار»، مضيفا أنه «على أى حال سيعلن البرغوثى ترشيح نفسه ليمارس المجتمع الدولى ضغوطا على نتنياهو». آخر الأسماء فى هذه البورصة هو سلام فياض (56 عاما)، رئيس حكومة تصريف الأعمال فى رام الله، والذى تعود بداية ظهوره على الساحة السياسية لعام 2003 عندما شكل الرئيس عرفات حكومة برئاسة عباس تولى فياض فيها حقيبة المالية بعد أن ترك البنك الدولى بعد عمل دام سنوات. وآنذاك تردد أن فياض تم فرضه من الإدارة الأمريكية والبنك الدولى على الرئيس الراحل بدعوى ضمان عدم سيطرة الأخير على أموال الدول المانحة. وبعد سيطرة حماس على غزة حل الرئيس عباس حكومة الوحدة برئاسة هنية، وكلف فياض بتشكيل الحكومة الحالية فى رام الله، والتى لم تنل ثقة المجلس التشريعى (البرلمان). ويرى د.غطاس أن «فتح لن تقبل بفياض رئيسا للسلطة؛ لكونه لا ينتمى للحركة، فهو عضو كتلة الطريق الثالث، غير أنها قد تضطر للقبول به على مضض تحت ضغوط أمريكية وأوروبية». وختم حديثه ل«الشروق» بدعوة الرئيس عباس إلى «إصدار قرار بحل السلطة الفلسطينية، ووضع الأراضى الفلسطينية تحت الوصاية الدولية لمدة سنتين، كى يتحرر الفلسطينييون من الاحتلالين.. احتلال الفصائل واحتلال إسرائيل»، حسب قوله.