يبدو أنه لم يحن بعد موعد إسدال الستار على قضية جمعية أتيليه القاهرة، والصراع بين إدارتها السابقة ممثلة فى مجلس إدارتها المعزول برئاسة الفنان «وجيه وهبة»، والإدارة الحالية ممثلة فى مجلس الإدارة الجديد برئاسة الفنان «صلاح عنانى»، والإدارة الوسيطة ممثلة فى الكاتبة «سلوى بكر» المفوضة السابقة من قبل وزارة التضامن الاجتماعى لعقد الجمعية العمومية وإجراء الانتخابات. هذا بالإضافة إلى إدارة غرب القاهرة للتضامن الاجتماعى المختصة بمتابعة سير عمل الجمعية وفض الاشتباكات بين الأطراف الثلاثة المتخاصمة التى صارت هى الأخرى خصما رابعا، بعدما أقرت حق المجلس المعزول فى الترشيح فاكتسبت خصومة الطرفين الآخرين، لكنها فى الوقت نفسه لم تمنع الإدارة المفوضة من حرمان هذا المجلس من الترشح للانتخابات التى أجريت الأربعاء الماضى فاكتسبت بذلك خصومة هذا المجلس. ففى الوقت الذى يتلقى مجلس الإدارة المنتخب مؤخرا التهانى بفوزه فى انتخابات الأتيليه، ينتظر المجلس القديم حكم المحكمة أول نوفمبر فى الدعوى التى أقامها أعضاؤه ضد قرار عزلهم بدون حيثيات، على حد وصفهم، بينما تستعد إدارة غرب القاهرة للتضامن الاجتماعى لبحث مدى صحة الانتخابات التى جرت، والتى خالفت المفوضة قرار الإدارة بتمكين مرشحى المجلس القديم من خوضها. فقد أكدت مديرة إدارة التضامن بالقاهرة «سيدة حسن» ل«الشروق» أحقية المجلس القديم فى خوض أى انتخابات داخل الجمعية سواء كمرشحين أو منتخبين، مشيرة إلى عتبار أى انتخابات يحرم منها هؤلاء الأعضاء باطلة. وقالت «سيدة»، عقب إعلان نتائج الانتخابات، إن الإدارة حاولت أكثر من مرة إثناء المفوضة عن قرار شطب عضوية المجلس القديم، وأوضحت أنه تم إبلاغ المفوضة خطابيا وتليفونيا وفى لقاء مباشر ببطلان قرارها الأخير، وبطلان أى انتخابات تتم بدون هؤلاء الأعضاء، ولكن يبدو أنها لم تستجب. وذكرت «سيدة» أنها تنتظر تقرير مندوبى التضامن الذين راقبوا عملية الانتخابات الأخيرة فى الجمعية لتعلن قرارها بشأن صحة أو بطلان هذه الانتخابات، لكنها عادت لتؤكد أن إسقاط عضوية مرشحى المجلس السابق يعد سببا كافيا لإبطال هذه الانتخابات والدعوة إلى اجتماع جديد للجمعية العمومية تعاد فيه الانتخابات فى وجود قوائم سليمة تضم جميع المرشحين. من جهته أكد الفنان التشكيلى «صلاح عنانى»، صاحب أكبر الأصوات فى الانتخابات الأخيرة والرئيس القادم لمجلس إدارة الجمعية، صحة هذه الانتخابات، مؤيدا حرمان مرشحى المجلس القديم من خوضها لسقوط عضويتهم على خلفية ما ارتكبوه من مخالفات. وقال «عنانى»: إن هؤلاء الأعضاء الذين استمروا فى الإدارة السابقة لما يزيد على 18 عاما قد أدوا إلى تهديد المكان التاريخى (الأتيليه) بالضياع، وقاموا بتبديد لوحات كبار الفنانين، فضلا عما يشاع من ارتكابهم لمخالفات مالية وإدراية متعددة ، متسائلا: ألا يكفى كل هذا لاعتباره مخالفات مادية ومعنوية تستوجب الشطب. وأضاف أنه رغم ذلك، ففى حال تبرئة ساحتهم من كل ما نسب إليهم عن طريق الجهات المختصة فستعود لهم كامل أهليتهم كأعضاء فى الجمعية. وتابع أنه بالفعل قد اتخذ بشأنهم أول قرار معنوى بقبول استمرار عضويتهم فى الجمعية لأنهم على حد وصفه زملاؤهم وأصدقاؤهم. لكنه اعترض على فكرة إبطال الانتخابات من قبل التضامن، واصفا إياها بأنها كانت الأفضل والأكثر نزاهة التى تجرى فى الجمعية منذ 25عاما، وقال إن وزارة التضامن لا سلطان لها على الثقافة والمثقفين، وإنها مجرد جهة إدارية تختص فقط بما هو إدارى من إجراءات الجمعية. وأضاف أن قرار الانتخابات والمرشحين هو قرار أعضاء الجمعية العمومية الذين شاركوا وانتخبوا، فضلا عن كونهم أيضا من كشفوا المخالفات السابقة وأدوا إلى عزل المتسببين فيها. وتابع قائلا: «نحن المثقفين ضمير الأمة المصرية، لا ينفع معنا وزير ثقافة ولا وزير تضامن، فنحن لسنا موظفين عند أى منهما. وهدد «عنانى» فى حال إصرار أى جهة على إبطال أو إعادة الانتخابات بالدعوة إلى جمعية عمومية غير عادية تقوم بإعادة هيكلة الجمعية وتغيير جميع اللوائح الحالية، ووضع لوائح جديدة يقرها أعضاء الجمعية، الذين هم أصحاب المشروع كما يحلو لهم. لكنه من جانب آخر أعلن عن نيته فى عمل تغيير جذرى للمكان، ومحاولة «عمل حاجة كويسة» للناس المشغولين بمصير ومستقبل جمعيتهم من أعضاء الأتيليه. وقال إنه يتعهد بتحويل جمعية أتيليه القاهرة إلى أكاديمية فنية ثقافية، تكون أقرب إلى وزارة ثقافة أهلية تعيد الاعتبار للجماعة المثقفة التى قال إنها قادرة على إحداث انقلاب فى أربع دول. أما عضوا مجلس الإدارة المعزول «مدحت الجيار» و«سعيد الجزار» فقد هاجما الانتخابات التى جرت مؤخرا، كما هاجما طريقة المفوضة فى إدارة هذه الانتخابات وما وصفوه بقراراتها غير القانونية، لكنهما صبا غضبهما على وزارة التضامن الاجتماعى، واتهما مندوبيها بالتواطؤ مع الإدارة لمنعهم من الانتخابات. وقال «الجيار»: إن قرارات وزارة التضامن الاجتماعى متناقضة، وإنها تكيل بمكيالين، وتساءل قائلا: كيف يمنحوننا حق الترشيح فى الانتخابات، ثم يقرون انتخابات حرمنا منها؟». وأضاف أنه لا ذنب لزملائهم الذين نجحوا فى الانتخابات لأن الخطأ فى الإدارة وليس فيهم، لكنه استدرك قائلا: لكننا كنا ننتظر أن يطالب أى شخص فيهم بالسماح لنا بالمشاركة فى الانتخابات». وأوضح «الجيار»، الذى انسحب من مقر الانتخابات تجنبا لما وصفه باستفزاز «سلوى بكر» له، أنه ينتظر حكم المحكمة فى القضية المرفوعة من قبل مجلسه القديم ضد وزارة التضامن الاجتماعى بسبب قرار عزلهم، والتى من المقرر البت فيها أول نوفمبر المقبل، مشيرا إلى كون هذا الإجراء هوالحاسم بشأن قضيتهم. أما العضو سعيد الجزار فقد اعتبر سلوك وزارة التضامن دعوة صريحة لامتناع الناس عن محاولة كشف ومحاربة أى فساد، منددا بتعامل الإدارة معه بنفس طريقة تعاملها مع من ثبت إدانتهم من أعضاء المجلس الذى أبلغ هو عن مخالفاتهم. وشدد «الجزار» على ضرورة إعادة الانتخابات الأخيرة لأنها على حد وصفه «مفيهاش حاجة صح». وأوضح قائلا: كان لابد من انتخاب الجمعية العمومية للأشخاص الذين سيشرفون على الانتخابات لضمان نزاهتها، لكن المفوضة وحدها هى التى اختارت، فضلا عن قيام المفوضة باختيار المرشحين الذين سيقومون بالتصويت من خلال وقوفها خلف الباب تدخل من تريد وتمنع من تريد، بالإضافة طبعا إلى منع مرشحى المجلس القديم من المشاركة رغم قرار وزارة التضامن تمكينهم من ذلك، ما جعل الانتخابات كلها باطلة شكلا ومضمونا.