أثارت التصريحات الحكومية الأخيرة حول إلغاء الدعم على جميع منتجات الطاقة خلال خمس سنوات حفيظة المواطنين المثقلين حاليا بضغوط الأسعار ومحدودية الدخل. اعتبارا من عام 2014، سوف يحصل المواطن المصرى على جميع منتجات الطاقة (مثل البنزين، والكهرباء، وغيرهما) بأسعار تكلفتها الحقيقية، حيث ستلغى الحكومة دعمها لجميع هذه المنتجات، ماعدا أنبوبة البوتاجاز، التى سيتم دعمها نقديا، تبعا لخطة الحكومة التى كشفت «الشروق» النقاب عنها منذ أسبوعين. وتبعا لهذه القرارات، من المفترض أن يصل سعر لتر البنزين، وفقا للأسعار العالمية، إلى تسعة جنيهات، مقابل 1.75 جنيه السعر الحالى للتر البنزين فئة 90، و1.85 جنيه سعر اللتر فئة 92. «لو الحكومة تريد محاسبة المواطنين على استهلاك البنزين والكهرباء والبوتاجاز بالأسعار العالمية، يجب عليها أولا إعطاؤهم رواتب موازية للمعدلات العالمية، ومحاسبتهم على الساعات الإضافية، التى يعملونها مثل الدول المتقدمة»، هكذا عبرت ميرفت محمد، موظفة فى إحدى شركات القطاع العام عن استيائها من هذه القرارات. مضيفة شرطا آخر لإضافة عبء أسعار الطاقة على كاهل المواطن المصرى، وهو تعويضه بتحسين الخدمات التعليمية والصحية المقدمة للمواطنين، التى تستحوذ على نسبة كبيرة من إنفاقهم. ويوافقها الرأى حسام أحمد، أحد أفراد الأمن فى إحدى شركات القطاع العام، الذى يرى أن «زيادة الرواتب شرطا أساسيا لتنفيذ قرارات رفع أسعار البنزين والكهرباء»، مشيرا إلى أن إجمالى دخله من وظيفته الحكومية، إلى جانب عمل إضافى آخر يقوم به بعد ساعات العمل الرئيسية، يصل إلى 1100 جنيه، وهو «ما يكفى بالكاد مصاريف مستلزمات البيت، وفاتورة الكهرباء وتكاليف المواصلات». ويوجد 5.4 مليون موظف آخر، غير ميرفت وحسام، يعملون فى الجهاز الإدارى للدولة، ويعانون من تدنى مستوى الأجور. ووفقا لأرقام وزارة التنمية الاقتصادية فإن بند الإنفاق على الأجور قد تراجع خلال العام المالى 2008/2009، ليبلغ 21.6٪ من جملة المصروفات العامة، مقارنة بنحو 22.2٪ فى العام 2007/2008، بانخفاض نسبته 2.8٪. ولم يقتصر الاستياء من قرار إلغاء الدعم على موظفى القطاع الحكومى، الذين يصنفون ضمن الشريحة الأدنى من الطبقة المتوسطة، بل امتد أيضا إلى من يصنفون فى قائمة الشريحة الأعلى فى هذه الطبقة. حيث تقول هويدا عبدالحميد، التى تعمل مهندسة فى إحدى شركات البترول: «سوف لا يتحمل أى شخص، سواء كان غنيا أو فقيرا، سداد فاتورة الكهرباء، أو تحمل الزيادة فى أسعار البنزين». وتضيف عبدالحميد، التى تمتلك فيللا مقسمة إلى ثلاث شقق منفصلة فى مدينة القاهرةالجديدة، أن فاتورة الكهرباء لهذا المنزل بلغت الشهر الماضى ألفين ونصف الألف جنيه، متساءلة: «كيف ستبلغ تكلفة فاتورة الكهرباء بعد رفع الدعم؟». وتشير الأرقام الرسمية إلى أن قيمة دعم الكهرباء فى موازنة العام المالى 2008/2009، تقدر ب 3 مليارات. ووفقا لتصريحات سابقة، لوزير الكهرباء حسن يونس، فإن عدد المستفيدين من هذا الدعم يصل إلى 20 مليون مشترك، 98.5٪ منهم يستهلكون الكهرباء فى الاستخدامات المنزلية. وتعد وزارة الكهرباء حاليا، حسب يونس، هيكلا تعريفيا جديدا لأسعار الطاقة الكهربائية، بنفس الأسس، التى يتم على أساسها التسعير فى العالم، مع مراعاة البعد الاجتماعى على حد تعبير يونس. وتقسم طرق حساب استهلاك الكهرباء إلى ثلاث شرائح، حيث يتم احتساب ال50 كيلو وات الأولى ب 5 قروش، والشريحة الثانية من 51 إلى 200 كيلو وات ب11 قرشا، والثالثة من 201 إلى 350 كيلو وات ساعة تحاسب ب16 قرشا، والرابعة من 351 إلى 650 كيلو وات ساعة ب24 قرشا. ويذكر أن تكلفة الكيلو وات تصل إلى 19 قرشا. كما تستنكر نسمة فوزى، حاصلة على بكالوريوس تجارة، الزيادة فى أسعار البنزين، مشيرة إلى أن الحكومة سبق وأن رفعت أسعار البنزين العام الماضى، ضمن قرارات مايو، مما تسبب فى زيادة بند مصروفات السيارة من إجمالى إنفاق الشخص، معتبرة أى زيادة إضافية «خراب بيوت»، على حد تعبيرها. وترى محمد أن هذه الزيادة فى بنود البنزين والكهرباء من إجمالى إنفاق المواطن ستأتى على حساب نفقات أخرى ضرورية، «ماذا بوسع المواطن أن يفعل، هل سيستغنى عن مدارس أطفاله، أم عن مصروفاتهم اليومية فى المدرسة»، تتساءل محمد مستنكرة. وتشير الأرقام الرسمية المعلنة فى ميزانية العام المالى 2008/2009، إلى أن دعم المنتجات البترولية يبلغ 63 مليار جنيه، بما يساوى 67٪ من إجمالى قيمة الدعم السلعى، والخدمى، الذى تقدمه الحكومة للمواطنين، الذى يقدر ب94 مليار جنيه.