أكد الخبراء أن توصيل الدعم إلي مستحقيه يعد التحدي الأكبر أمام الحكومة شريطة تقليل نسبة الهدر في السلع المدعومة وانتهاج سياسات جادة تهدف إلي القضاء علي "مافيا الدعم" التي تلتهم المليارات، خاصة أن الدراسة الأخيرة للبنك الدولي أشارت إلي أن 34% من المبالغ المخصصة للدعم تصل للمستحقين فيما يتسرب 66% من هذه المبالغ للأغنياء والقادرين. بينما خلصت أحدث التقارير الخاصة بدعم البترول إلي أن ثلث الدعم يذهب للأغراض الصناعية و30% منه للمرافق العامة والحكومية و35% فقط للاستخدام المنزلي.. فالمؤشرات الأخيرة تشير إلي أن 30% من الأسر التي تستحق هذا النوع من الدعم لا تحصل عليه وأن حوالي 35% من الأسر الفقيرة لا تحصل عليه أساسا.. فكانت المحصلة النهائية عبئاً جديداً علي الموازنة العامة ومواطناً محدود الدخل لا يستفيد. الخبراء الذين تحدثت إليهم "العالم اليوم" يرسمون لنا الطريق الأمثل لوصول الدعم إلي مستحقيه. يري عمرو كامل حمودة "الباحث في شئون الطاقة ومدير مركز الفسطاط للدراسات" أن ثمة آليات بعينها تضمن وصول الدعم غير المباشر الخاص بالطاقة إلي مستحقيه أبرزها علي الاطلاق القضاء نهائيا علي صور الإهدار المختلفة التي تنتهجها للأسف الحكومة حيث يتم توفير الطاقة المدعمة للمصانع الاستثمارية التي تحقق بالفعل ارباحا خيالية وصلت في قطاع الأسمنت علي سبيل المثال إلي 40%، هذا بخلاف توفير الطاقة المدعومة أيضا للمشروعات السياحية الكبري التي تتضمن فنادق الخمس نجوم والقري والمنتجعات السياحية التي تباع فيها الليلة الفندقية الواحدة بأسعار عالمية، في الوقت الذي كان يتعين فيه استغلال هذه الطاقة لصالح محدودي الدخل وسكان مناطق الإسكان الشعبية، وعليه يقترح عمرو حمودة ضرورة إعادة تسعير الطاقة بشكل متباين حسب المستفيد منها اجتماعيا واقتصاديا بوصفها الحل الأمثل لوقف هذا الإهدار. صورة أخري من صور الإهدار ودعم الأغنياء منذ سنوات عديدة علي حساب الفقراء التي تتمثل بوضوح في دعم "البنزين" والمستفيد الأكبر منه الأغنياء وليس الفقراء فمن غير المعقول أن يحصل مواطن لديه سيارة مرسيدس علي نفس دعم البنزين الذي يحصل عليه مواطن لديه سيارة فيات. ويقترح حمودة للخروج من هذا المأزق ضرورة العمل بالاقتراح الذي طرحه معظم الخبراء مؤخرا والذي يتمثل في فرض رسوم عند تجديد رخصة السيارة سنويا حسب السعة اللترية للسيارة وموديل الصنع. ويعتبر عمرو حمودة أن فرض الضرائب التصاعدية علي كبار رجال الأعمال الوسيلة المثلي لزيادة مخصصات الدعم في جميع انحاء العالم أبرزها أوروبا وأمريكا. وينوه عمرو حمودة إلي أن دعم الطاقة بالموازنة العامة المصرية وصل خلال عام 2006/2007 إلي 40 مليار جنيه أي ما يعادل 20% من حجم الموازنة، استخدم لتغطية فروق الأسعار بين استهلاك الداخل وأسعار البترول ومشتقاته في الخارج، وهو الأمر الذي جاء نتيجة سوء سياسة الطاقة التي تنتهجها الحكومة إلي الحد الذي جعلها توفر الطاقة المدعومة للعديد من المصانع والمشروعات الاستثمارية بدعوي تشجيع الاستثمار في مصر، مع الوضع في الاعتبار أن ارباح هذه الصناعات خيالية هذا بخلاف حرص الحكومة علي توفير العديد من التسهيلات التي لا توفرها الكثير من البلدان مثل العمالة الرخيصة وتدني أسعار الأراضي والدعم الكبير المقدم للطاقة واتساع حجم السوق المصرية، وكذلك سهولة التصدير للخارج سواء للدول العربية أو الأوروبية والسبب الأكثر أهمية أن الكثير من هذه الصناعات "الأسمنت وغيرها" ملوثة للبيئة وتفضل البلدان الأوروبية استيراد منتجاتها دون إقامة مصانعها علي أراضيها مما يترتب عليه تدمير النشاط البيئي داخل المحافظات التي تضم هذه النوعية من المصانع في مصر.