تعرف على نتيجة انتخابات هيئات مكاتب اللجان النوعية بمجلس النواب    رئيس مجلس الشيوخ يلقي الكلمة الافتتاحية لدور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعي الأول    استقرار أسعار الذهب في مصر خلال تعاملات اليوم    ننشر كلمة رئيس مجلس الشيوخ بمناسبة افتتاح دور الانعقاد العادي الخامس    عاجل.. الأهلي يرد على أنباء هروب كولر وسفره من السعودية دون إذن    فودين: الفوز على براتيسلافا لم يكن سهلا.. وبدأت أتحسن    مصرع أسرة من 4 أفراد في حريق شقتهم بالدقهلية    تجديد حبس المتهمين في واقعة فبركة سحر مؤمن زكريا    عرض الفيلم المصرى بحر الماس بمهرجان الإسكندرية السينمائي غدا    وزارة الثقافة تعلن فتح باب التقدم لجوائز الدولة التشجيعية لعام 2025    إيمان العاصي وابنتها ضيوف برنامج صاحبة السعادة الاثنين المقبل    محافظ البحيرة ورئيس هيئة الكتاب يفتتحان الدورة ال7 لمعرض دمنهور للكتاب    بعد تسعير أردب القمح 2200 جنيه.. نقيب الفلاحين: مكسب الفدان سيصل ل 44 ألف جنيه    محافظ المنوفية: رصف طرق في قويسنا والمنطقة الصناعية بطول 1200 ضمن «حياة كريمة»    جامعة المنوفية: إحالة عضو هيئة التدريس صاحب فيديو «الألفاظ البذيئة» للتحقيق (بيان رسمي)    الصحة الفلسطينية: 51 شهيدا و82 مصابا فى 5 مجازر إسرائيلية بغزة    9 معلومات عن صاروخ «الفاتح».. قصة «400 ثانية من إيران إلى إسرائيل»    الجيش الأردنى يحبط محاولة تسلل وتهريب كميات من المواد المخدرة قادمة من سوريا    بث مباشر.. أولى جلسات مجلس الشيوخ بدور انعقاده الخامس    الحوار الوطني يدعو للمشاركة بالآراء في قضية الدعم.. ويؤكد: نفتح المجال أمام الجميع    عثمان إبراهيم: الأندية الألمانية تعد الأقوى هجوميا في دوري أبطال أوروبا    علي معلول يهدد فرص نجم الأهلي في الرحيل    تفاصيل اتفاق الزمالك مع الجزيري بشأن تجديد عقده وإنهاء أزمة المستحقات    وزير الشباب والرياضة يتابع مجموعة ملفات عمل تنمية الشباب    عبدالواحد: المبالغة في الاحتفال؟!.. نريد جماهير الزمالك أن تفرح    المتحدث العسكري: أسطورة الجيش الذي لا يقهر تحطمت تحت أقدام المصريين    أستاذ جامعي: شمولية «حياة كريمة» سببا في توفير مناخ جاذب للاستثمار    رئيس مياه القناة: مستعدون لاستقبال فصل الشتاء بالسويس والإسماعيلية وبورسعيد    ضبط 27 طن لحوم ودواجن وكبدة فاسدة بالجيزة خلال سبتمبر الماضي    الثانى والأخير ب2024.. تفاصيل كسوف الشمس الحلقى المرتقب خلال ساعات    النيابة تطلب تحريات مصرع عامل تكييف سقط من الطابق الثالث في الإسكندرية    قبل نتائج طلاب المعادلات الفنية.. عطل فني يضرب موقع المجلس الأعلى للجامعات    الوزراء يوافق على 2200 جنيه سعراً استرشادياً لأردب القمح موسم 2024/2025    زيادة رأسمال الشركة الوطنية لخدمات الملاحة الجوية إلى 5 مليارات جنيه    10 مليارات دولار حجم صادرات الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية    هنا الزاهد.. أول الخارجين من دراما رمضان 2025    مواليد 3 أبراج محظوظون خلال الفترة المقبلة.. هل أنت منهم؟    الجمعة المقبل غرة شهر ربيع الآخر فلكياً لسنة 1446 هجريا    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة    أستاذ أمراض القلب: مصر تحتل المركز السابع عالميًا في الإصابة بالسكر    «الصحة»: ننفق 20 مليار جنيه على أمراض التقزم والأنيميا    «مستشفيات بنها» تحذر المواطنين من التناول العشوائي للأدوية.. تسبب في تسمم 136 حالة    الاعتماد والرقابة الصحية: القطاع الخاص شريك استراتيجى فى المنظومة الصحية    السيسي يستقبل قائد قوات الدفاع الشعبية بجمهورية أوغندا    الرئيس السيسي يهنئ غينيا وكوريا وتوفالو بيوم الاستقلال والتأسيس الوطني    سقوط 6 تشكيلات عصابية وكشف غموض 45 جريمة سرقة | صور    ضبط شركة إنتاج فنى بدون ترخيص بالقاهرة    البحوث الإسلامية يختتم فعاليات «أسبوع الدعوة».. اليوم    كلاكيت ثالث مرة.. سهر الصايغ ومصطفى شعبان في دراما رمضان    مساعد وزير الصحة: مبادرة «بداية» تهتم بالإنسان منذ النشأة حتى الشيخوخة    أذكار الصباح والمساء مكتوبة باختصار    محمد فاروق: الأهلي يجهز عرضين لفك الارتباط مع معلول    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    بالصور.. نجوم الفن في افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    حكم زيارة قبر الوالدين كل جمعة وقراءة القرآن لهما    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    عاجل - أوفينا بالتزامنا.. هذه رسالة أميركية بعد هجوم إيران على إسرائيل    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواطن.. الوطن: المكانة والتقدم
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 03 - 2009


(أ)
أحرص دائما فى برنامج قراءاتى أن أقرأ كتابا قديما وآخر جديدا فى نفس الوقت.. قد يكون القديم قرأته من قبل ورأيت أن أستعيد ما فيه لسبب أو لآخر.. فى هذا السياق قرأت مؤخرا كتابا جديدا بعنوان «أزمة الهويات» لكلود دوبار (صدر فى العام 2000 وقامت بترجمته رندة بعث نهاية 2008) وكتابا للمفكر الراحل المثقف الكبير أمير اسكندر عنوانه: «حوار مع اليسار الأوروبى المعاصر» (صدر فى سلسلة كتاب الهلال فى عام 1970)... ووجدت من ضمن موضوعات الكتابين الكثيرة، موضوعا يتعرضان فيه للوطن والمواطن فى الحالة الفرنسية، ومن أهم ما لفت نظرى فيما جاء فى الكتابين، بالرغم من البعد الزمنى بينهما واختلاف السياق، هو أن هناك علاقة جدلية وطردية بين تقدم ومكانة كل من الوطن والمواطن... وتبدو النصوص فى كل من الكتابين وكأنها تكمل وتفسر بعضها البعض.. وتقدم لنا دروسا لواقعنا... ومن خلال القراءة يمكن أن نخرج بأكثر من درس.
(ب)
الدرس الأول عن تقدم وتراجع الأوطان بما تضم من مواطنين... ففى كتاب منهما يذكر كيف عانت فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية أزمة كبيرة فى السياسة الوطنية والسبب هو «انهيار القوة المادية والمعنوية الفرنسية وإحساس غالبية السكان بضعف بلادهم وإدراكهم أن وطنهم لم يعد يلعب الدور الذى كان يلعبه من قبل»... وفى نفس اللحظة التى تراجعت فيها مكانة الوطن بسبب الضعف تراجعت مكانة المواطن واستقلاليته. فالمواطن بات يكتسب الشرعية والمكانة فى فترة الضعف من تبعيته إلى الجماعة الفرعية... حدث هذا ويا للمفارقة فى بلد الثورة والتى اخترعت ثلاثية «الحرية والإخاء والمساواة».. فالمواطن بفضل هذه الثورة (1789) أصبح يستمد مكانته فى وطنه من منطلق قيمته كفرد بعيدا عن ثروته أو انتسابه لعائلة ما أو منطقة بعينها أو... إلخ.
ولاستعادة المكانة للوطن / المواطن، كان لابد من وجود رؤية تعيدها.. كانت البداية أنه بالرغم من وجود الكثير من التحديات والأخطار التى تواجه وتهدد فرنسا إلا أن ذلك لم يمنعها من التقدم..فمن المعروف أن العامل القومى قد لعب دائما دورا مهما فى السياسة الفرنسية لاسيما وأن فرنسا تعتبر من أقدم الدول القائمة فى أوروبا ويتميز سكانها بدرجة عالية من التجانس والتلاحم.. ومن هنا كان استنهاض الهمة الوطنية والأخذ بأسباب التقدم فى إمكانية التصنيع وتوطين التكنولوجيا والمنافسة، وأن يكون لفرنسا دورها الدولى... لقد آمن ديجول آنذاك وبقوة فى الأمة الفرنسية، فنالت ما تستحقه من مكانة خلال سنوات قليلة بعد الحرب العالمية الثانية... وهكذا عادت المكانة للوطن/ المواطن وتحقق التقدم.
(ج)
أما عن الدرس الثانى.. فإنه فى اللحظة التى شعر فيها المواطن الفرنسى بأن السلطة «تتشخصن» فى زعيمها ديجول، فباتت السلطة ديجول وديجول هو السلطة، مما يعنى غيابا للمؤسسات من جهة، والافتراض مقدما أن أصوات المواطنين لزاما عليها أن تذهب إلى الزعيم الكاريزما.. كان لابد من وقفة مع الواقع.
ففى هذه الفترة التى كانت تعود فيها فرنسا إلى نفسها تذكرت أن الثورة الفرنسية هى التى من رحمها ولد الفرد الحر المستقل.. فالهوية المواطنية إن جاز التعبير ليست جماعية أو كلية، بمعنى لا يوجد تصويت جماعى أو تصويت بالإنابة أو ما يمكن تسميته بتصويت القطيع... فأصوات الأفراد من حق أصحابها كل واحد على حدة، يضع صوته حسبما يرى هو أين الخير العام... شريطة ألا يصادر فرد حق كل فرد من الآخرين أن يحدد أين يضع صوته... وأن الخير العام يتشكل من مجموع رؤى الأفراد على اختلافهم.
على الجانب الآخر، ليس من حق أحد أن يتحدث باسم الأمة حتى لو كان ديجول (رمز المقاومة ضد النازية والذى استطاع أن يكون مستقلا عن السياسة الأمريكية ويحقق التقدم لفرنسا الخمسينيات والستينيات).. فكل ما فعل لم يشفع لديجول، فالأمة يتقاسم الحديث باسمها الجميع من دون تمييز، لا الزعيم أو من ينيبه ولا كتلة تظن أنها تملك الحق المطلق من دون الآخرين.
(د)
درس ثالث يشير إليه كتاب أزمة الهويات عن حاضر فرنسا التسعينيات.. هو أنه إذا كانت مؤسسات المشاركة التاريخية مثل الأحزاب غير قادرة على تجديد نفسها... وإذا كانت الدولة لم تعد هى الدولة فى زمن الأسواق... فكيف يستطيع أن يصمد المواطن وكيف يبقى الوطن قدر الإمكان مستقلا.. مساران لا ثالث لهما أمام المواطن إما الارتداد للهويات الفرعية: الاثنية الدينية، أو الارتباط بمجموعات الضغط الاقتصادية أو التمترس بالروابط المهنية ضيقة المصالح... أو التقدم فى كشف مفارقات الهوية الشخصية وعدم الارتهان للانتماءات الضيقة أو الفرعية حيث يسجن المرء نفسه فيها ظنا منه أن العالم هو قريته أو عشيرته أو طائفته،والسير بثقة نحو المواطنة الفعالة..
ففى الحالة الأولى / المسار الأول يمكن أن نبنى أوطانا فى الوطن الواحد قد يكون كل منها قوى على حدة ولكن الوطن الجامع ضعيف... أما فى الحالة الثانية / المسار الثانى فإن الحضور فى الوطن للأفراد الأحرار المستقلين يضمن تقدم الوطن.
إذن، متى تقدم الوطن تقدم المواطن،
ليس من حق أحد أن يحتكر السلطة والمواطنون أفراد أحرار مستقلون يتقاسمون الحديث باسم الأمة والتفكير والعمل من أجل خيرها العام،
وأخيرا الحركة التى تكون فى إطار الخاص الضيق لكل كتلة فئوية أو نوعية على حدة لا تعود بالفائدة على الوطن مثل حركة المواطنين التى تكون فى إطار العام الرحب، فعندئذ يتقدم الوطن...
هل تقدم هذه القراءة لخبرات الآخرين إجابة عن بعض من التساؤلات الحائرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.