أثناء تسلمه لجائزة الأسد الذهبى فى الدورة السادسة والستين بمهرجان فينسيا السينمائى الدولى عن فيلم «لبنان»، قال المخرج الإسرائيلى صموئيل ماعوز إن فيلمه «يحمل رسالة مهمة تدعو العالم أن ينظر الى بلده ومجتمعه بشكل أفضل، مؤكدا أن الجنود الإسرائيليين هم الضحايا فى كل الحروب التى خاضوها !». وتلخص مقولة ماعوز طريقة تفكير السينما الإسرائيلية منذ نشأتها وحتى الآن، وإن كانت قد وصلت إلى درجة عالية من الاحترافية فى تنفيذها خلال السنوات القلية الماضية، مما جعلها تنتزع أكثر من جائزة دولية من مهرجانات سينمائية كبيرة. وجدت السينما الإسرائيلية فى دور «الضحية» أقصر الطرق نحو الجوائز، فاعتمدت على «التزييف» فى نقل أفكارها وادعاءاتها بشكل يبرز للعالم أن هناك حقيقة أخرى غير التى تنقلها الفضائيات من غزة ورام الله، لتحاول إسرائيل من خلال هذه الأفلام الدفاع عن جنودها باعتبارهم مغلوبين على أمرهم طوال الوقت فى هذه الحروب أمام الأوامر التى تجبرهم على القيام بأعمال يرفضونها، وربما يجبرون عليها من الغير!. والعجيب فى الأمر أن السينما الإسرائيلية بالفعل بدأت تخترق المهرجانات العالمية بمثل هذه النوعية من الأفلام، وأصبحت تحظى بمعجبين ومؤيدين، بل وأصبحت تحصد الجوائز فى المهرجانات وآخرها مهرجان فينسيا الدولى الذى حصل فيه فيلم «لبنان» على جائزة الأسد الذهبى هذا الأسبوع، فيما اختار مهرجان «تورنتو» السينمائى الدولى «تل أبيب» كى يحتفى بها فى دورته الأخيرة. وإذا نظرنا إلى تاريخ السينما الإسرائيلية نجد أن الأمر من البداية يسير على نفس النهج وهو محاولة الدعاية الفجة للدولة الناشئة وتزييف التاريخ لتحقيق تلك الأهداف، والطريق إليها لا يكون إلا باستجداء عطف العالم بأكاذيب وقصص غير واقعية. وكانت البداية من خلال فيلم «التل 24 لا يرد» الذى أنتج عام 1949 وكان يهدف الى اجتذاب اليهود للهجرة الى أرض الميعاد كما يطلقون عليها وذلك لإظهار العصابات الصهيونية وكأنهم أبطال أمام الشعب الفسلطينى. وتوالت الأفلام الإسرائيلية، والتى شاركت هوليوود فى إنتاجها أيضا لمساعدة الكيان الإسرائيلى ومنها فيلما «شمشون ودليلة» عام 1949 و«داوود وباتشيع» وغيرهما من الأعمال السينمائية التى اتفقت جميعها على شىء واحد وهو تشويه التاريخ وإخفاء الحقائق وإظهار اليهودى كالملاك البرىء يكره الحروب. وفى عام 1956 حاولت السينما الإسرائيلية الترويج لرغبة الإسرائيليين فى السلام وإمكانية التعايش مع العرب، من خلال فيلم «غيوم فوق إسرائيل»، والذى صور قصة طيار إسرائيلى تسقط طائرته فى سيناء ويحاول إقناع سيدة عربية بعدم الخوف وأنه شخص طيب ولن يؤذيها. وبالعودة إلى فيلم «لبنان» الذى انتزع جائزة الأسد الذهبى بمهرجان فينسيا فى دورتها الأخيرة، سنجد الفيلم يلخص اتجاه السينما الإسرائيلية خلال السنوات القلية الماضية، حيث تدور قصته حول مجموعة جنود فى دبابة يضطرون لخوض الحرب أثناء غزو لبنان عام 1982. وطوال أحداث الفيلم يحاول مخرجه إظهار الجنود الإسرائيليين باعتبارهم ملائكة يحبون الخير والسلام، ولا يرغبون فى قتل الأبرياء، لكنهم فى النهاية مضطرون لخوض المعركة بضغط من قادتهم ورغم أن السينما الإسرائيلية لم تكن تحظى بوجود ملفت فى المهرجانات السينمائية الدولية فى الماضى إلا أنه يبدو أنها وضعت يديها على الطريق الصحيح بعد أن وجدت فى دور «الضحية» أقصر طريق نحو الاستيلاء على الجوائز.