لا أحد يجهل من هو طارق سليم.. نجم الأهلي الكبير والقديم، أحد أهم وأشهر من أداروا الكرة في النادي العريق، عضو لجنة الكرة التي تدير مشاعر الملايين من جماهير الأهلي في كل مكان.. لكن لن يبدأ أي أحد حديثا عن طارق إلا بالتأكيد والتوضيح أولا أنه شقيق المايسترو الراحل العظيم صالح سليم.. وغالبا سيدوم الحديث ويستمر وينتهي عن الأهلي والذين يعشقون الأهلي دون أى إشارة أو توقف عند طارق نفسه.. هذا هو قدر طارق سليم طول الوقت.. ألا يكون طارق فقط.. إنسان كانت له حياته ومشاعره وأحلامه وانتصاراته وانكساراته ونجاحاته وهمومه.. وإنما تعامل الجميع مع طارق طول الوقت كمجرد لافتة أو عنوان للحديث إما عن صالح سليم أو النادي الأهلي.. وطارق نفسه لم يكن أبدا يمانع في ذلك.. لم يكن يضيق بذلك.. كان طول الوقت سعيدا وراضيا بأن ينال صالح أو الأهلي كل الكلام والاهتمام والحب والاحترام.. فلم يحب طارق طيلة حياته أكثر وأعمق وأجمل وأصدق من حبه لصالح والأهلي.. وكنت شاهدا على حكايات ومواقف لا أول لها ولا آخر تنطق بهذا الحب وتؤكده وتجسده.. ولم يشعر طارق باليتم والوحدة والانكسار والحزن ولم يستسلم للصمت والوجع ولم ينسحب من الحياة كلها إلا لأن صالح مات.. وحين جاء كثيرون لطارق عقب رحيل صالح يطالبونه بترشيح نفسه رئيسا للأهلي وأكدوا له نجاحه، استنادا إلى شعبية صالح ولأن أعضاء الأهلي سيريدون منه إكمال ما بدأه صالح للأهلي.. سخر منهم جميعا وقال إن الأهلي أكبر وأعظم من أن يكون مجرد إرث يتسلمه بعد رحيل صالح.. بل ذهب طارق ووضع يده في يد حسن حمدي يشاركه كل أحلامه وطموحاته من أجل أن يبقى الأهلي قويا وقادرا.. ومن المؤكد أن صالح والأهلي أيضا أحبا طارق سليم كثيرا وجدا.. فعبر عشر سنوات قضيتها قريبا جدا من صالح سليم.. لم أر هذا الرجل العظيم يبكى إلا مرتين.. حين كان يحكي عن والده وما تعلمه منه.. وحين اجتمع مجلس إدارة الأهلي دون صالح وقرر الإطاحة بطارق سليم وتعيين زيزو بدلا منه مديرا للكرة.. وقال صالح لي يومها إن طارق ليس مجرد شقيق ولكنه جزء منه.. وحكايات أخرى كثيرة قد يكون عنوانها طارق سليم.. وقد تجد فيها اسم طارق يقال كثيرا، لكنك ستكتشف في النهاية أنك لم تكن تتكلم أو تسمع عن طارق، وإنما عن صالح أو الأهلي.. وحين كنت أعاتبه أحيانا وأطالبه بأي حديث عن طارق كان يعتذر بمنتهى التهذيب، مؤكدا أنه ليس هناك في حياته ومشواره ما يستحق أن يقال أو يمكن أن يثير اهتمام الناس.. هكذا كان الرجل طول الوقت وهذه كانت قناعته بمنتهى الصدق دون أي تمثيل أو زيف أو خداع.. ولهذا كنت كثيرا أرى طارق سليم ككثير من الناس في مصر.. دعكم من فوارق الشكل والمادة والمكان والدور والوظيفة.. انسوا ذلك كله وستكتشفون أكثر من طارق في أى مكان حولكم.. الرجل الذى يعيش من أجل أولاده والزوجة التي تعيش من أجل أسرتها والأخ الذى يضحي من أجل البيت كله والإنسان المهموم طول الوقت بالآخرين حوله، ناسيا أنه أيضا إنسان له حقوق ومشاعر واحتياجات.. كل هؤلاء مثل طارق سليم.. يعبرون الدنيا ويعطون للآخرين كل شيء دون أن يتوقف عندهم وأمامهم أي أحد.