نحن نعيش اليوم في مرحلة ينتحل فيها الإستعمار الجديد صفة المنقذ بعد نجاحه في تخذير الفئات النافذة في الدول العربية بفعل تضافر قوى التضليل الإعلامي المكثف والرغبة الجامحة في حب العيش ومتاع الحياة التي تجري وراءها المعارضة في البلدان العربية0 كما أنه لم يعد الإستعمار اليوم المتمثل في الولاياتالمتحدة وحلفائها يكفي بنهب الثروات النفطية بل بالتطاول على إسلام بلداننا0 هذا وقد نجح التضليل الإعلامي المكثف في تكوين وعي مزيف حقيقي على نطاق واسع0 كما أن الدليل على أن هذا الوعي هو وعي مزيف وليس وعي ثوري تغييري إصلاحي 0 لأن عادة الوعي التغييري و الإصلاحي عادة تظهره وتنضجه التجارب النضالية العميقة التجارب التي تحمل مشاريع حضارية وترسم طريق الخلاص وتقدم القدوة في التضحية 0 بدليل أن الثورة الجزائرية الوعي الثوري هو الذي أسس لها وقادها ثم غذاها0 كما أن الوعي الثوري قد كان ثمرة نضال جيلين جيل أول من أمثال مصالي الحاجو الأمير عبد القادر وجيل ثاني من أمثال محمد بلوزداد وعبان رمضان وشعبانى والقائمة طويلة 0 على أن يستمر مثل هذا الوعي وتعيش القوى الحية لتثمن مكاسب مرحلةالثورة التحريرية ثم مواصلة النضال بإستكمال بناء الإستقلال على أسس صحيحة وقوية كالثقافة الوطنية والإقتصاد المنتج 0 هذا مع مواصلة بناء القوى المادية والمعنوية التي عادة تحفظ أمن الوطن والشعب وتضمن هيبة التقدير والإحترام في الساحة الدولية هذا من جهة ومن جهة ثانية فإننا في عالنا العربي نرى اليوم بأن المعارضة العربية الأولى التي كانت قد إستعانت بالدول الأجنبية هي المعارضة العراقية حيث إستعانة بالولاياتالمتحدة الأميريكية على إسقاط نظام صدام حسين 0ودخلت العراق بعد ذلك على ظهر الدبابات الأميريكية هذا في المشرق العربي 0 أما في المغرب العربي فالمعارضة التي إستعانت بالتدخل الأجنبي فهي المعارضة الليبية على إسقاط نظام القذافي 0 وقد كان عذرهم طبعا طبعا هو أن نظام القذافي قد ظل على مدار 40 سنة يؤسس للتدخل الأجنبي ويجمع أسباب هذا التدخل وبالتالي فقد كانت الإستعانة بقوات الحلف الأطلسي هي الخيارالوحيد بالنسبة للمعارضة في ليبيا للرد على جرائم القدافي0 لكن لا أتصور بأن المعارضة في ليبيا لم تكن تدرك أطماع الولاياتالمتحدة الأميريكية وحلفائها في المنطقة المغاربية خاصة منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي0 ومع أن نظام القذافي لم يكن قد أعد العدة لحماية الثروات النفطية الليبية التي هي تقدر اليوم بأضعاف ثروات الجزائر النفطية 0 قد يكون نظام القذافي يومها طبعا قد أعد الشروط السياسية والإجتماعية والنفسية ونسي أو تناسى اليوم الذي يمكن فيه أن تستباح فيه سيادة ليبيا ودماء شعبها ثم بعد ذلك تستباح ثرواتها0 لأن آلتدخل الأجنبي في جوهره هو إستعمار جديد يتخذ من المشاكل الداخلية ذريعة للعودة من النافذة بعد أن تم طرده من الباب في شكله لقديم0 حيث هذا الإستعمار قد تدخل في كثير من دول القارة السمراء كالصومال والكونغو وكون ديفوار وانتهاء بالجارة ليبيا0 هذا طبعا مع تدخله في كثير من البلدان الإسلامية كالعراق وأفغانستان0 وإذا ما عدنا إلى القارة السمراء فإننا نجد أن الكونغو وهو أكبر البلدان الإفريقية وأغناها لكنها قد كانت عرضة للتدخل الأجنبي بعد إغتيال وزيرها الأول باتريس لوموبا عام 1961 0وهذا مما جعل طبعا فرقاء الجزائر لايستعينون بالخارج أثناء أزمة صائفة عام 1962 مع الخارج يومها حتى وإن كان قد ظهر سخيا ومتحمسا في تقديم عروض دعمه على الأطراف الجزائرية التي كانت يومها متنازعة على السلطة 0 ففرنسا قد تم زعيمها الجنرال ديغول بتقديم عروضه على كريم بلقسام أحد رجال الثورة الأقوياء في الثورة الجزائرية فرفض لأنه قد كان يعتبرها يومها خيانة خاصة وأن الخيانة قد كانت لاتزال تحتفظ بكامل معناها ومغزاها0 كما عرضت الولاياتالمتحدة الأميريكية يومها دعمها على رئيس الحكومة يوسف بن خدة عن طريق وساطة أردنية لكن رئيس الحكومة المؤقتة يومها قد رفض مع قد كان يومها يفكر فعلا في التصدى لتحالف بن بلة وبومدين0 وهذا طبعا قد باسم شرعية الحكومة المؤقتة0 كما كان قد رفض أيضا مصالي الحاج رئيس الحكومة الوطنية يومها أميريكيا في وساطة ألمانية كندية0 فهؤلاء الفرقاء قد رفضوا التدخل الأجنبي ورأوا بأنهم لابد من أن يعتمدوا على أنفسهم حفاظا على الجزائر وشعبها من التمزق والإقتتال0 حيث قد أدرك هؤلاء مخاطر الإستعانة بالأجنبي يعني بالإستعمار الجديد0 فالإستعانة يومها قد كانت تعني رهن مستقبل الجزائر والشعب الجزائري 0 وقد كانت كذلك طبعا تعد نوعا من المغامرة بإستقلال الجزائر وسيادتها وتبديد لمكاسب ونضال أجيال جزائرية كاملة 0 لذا قد يكشف المستقبل القريب للمعارضة الليبية أن الإستعانة بالدول الإستعمارية لإسقاط نظام القذافي هو علاج أخطر من الداء 0لذا كان طبعا قد كان على المعارضة الليبية قبل أن تأخذ هذا القرار الخطير على ليبيا والشعب الليبي أن تأخذ العبرة مما يحدث في العراق وأفغانستان وحتى كوت دفوار التي هي في نفس القارة مع ليبيا يعني القارة السمراء هذا في وقت قد أصبح فيه الإعلام الإستعماري على قدر كبير من الخبرة في صناعة شعارات تتخذ كمطية لتحقيق أهداف الإستراتيجيات الإقتصادية الغربية0 بدليل أن الولاياتالمتحدة الأميريكية وحلفائها قد إستثمروا فيما يسمى بالثورات العربية وسارعوا إلى ركوبها لتجاوز أنظمة عربية فاشلة لم تعد تتماشى ومخططتهم ولم تعد بإستطاعتها تقديم أي شيئ يخدم مصلحة الدول الغربية 0 فالتحالف الغربي القائم اليوم قد أصبح في حاجة إلى عملاء جدد يظهرون الرغبة في خدمة بلدانهم وشعوبهم لكنهم في الحقيقة قد يخدمون المصالح الغربية أكثر مما خدمها سابقوهم0 ومع هذا تبقى هذه الثورات التي قامت و القائمة اليوم في بعض البلدان العربية قد كشفت للشعوب العربية مدى وزن الأنظمة العربية والمنظمات الأقليمية والقارية طبعا كالإتحاد الأفريقي والجامعة العربية000 يتبع