منذ سبعينيات القرن الماضى وخبراء ومفكرى الولاياتالمتحدة الأميريكية يبعثون عن الكفية التى يمكنهم بهه إيجاد إستراتجية تدميرية للدول والمجتمعات العربية 0 تحت مصطلح سياسى جديد هو الدمار الخلاق يعنى البحث عن مشروع القلب الجذرى لأوضاع المنطقة العربية لكى تستطيع الولاياتالمتحدة الأميريكية دون إعطاء أى إهتهمام لتصحيح الإختلالات الحادة والمتفاقمة فى بلداننا وتأهليها للديموقراطية والحرية 0 فكانت البداية طبعا بغزو وتدير العراق والتى أطلقوا عليه إسم تحرير العراق والذى كان مدخلا لإعادة صياغة فضاء الشرق الأوسط 0 إنطلاقا من منظور أن قلب النظام فى العرق وإزاحة صدام حسين سيؤدى تلقائيا إلى إحداث زلزال نوعى فى باقى دول المنطقة 0 يعنى يكون لها إنهيار مشابه لإنهيار جدار برلين فى أوروبا الشرقية 0 ولم تقدم الولاياتالمتحدة الأميريكية على هذه الخطوة حتى جاءت أحداث 11 من سبتمبر 2001 والتى تعتبر قد وفرت الغطاء وقدمت الذريعة لكى يبدأ المحافظون الجدد فى تنفيذ مخططاتهم وفق قناعاتهم وأطروحتهم الأيديولوجية والمتمثلة فى حماية مصالح الولاياتالمتحدة الأميريكية الحيوية فى العالم العربى 0 كما أنه يجب علينا كعرب أن لاننسى بأن الإيمان بسمو الحضارة الأميريكية وصلاحيتها الكونية أحد ثوابت وركائر السياسة الخارجية الأميريكية كما أن الشعب الأميريكى يشعر فى قرارة نفسه بأنه الشعب الوحيد فى العالم المتدين0 كما أن الشعب الأميريكى فى كامل تاريخيه قد إحتفظ بفكرة أن أميريكا بريئة فى مواجهة عالم صعب وفاسد0 ومن هنا فإن الشعب الأميريكى يعتبر نفسه بأنه رسالة الحرية والفضيلة إلى العالم 0 لذا فإن الولايات هى اليوم تعمل على كسر طوق الإستبداد وتشجيع الإصلاحات الديموقراطية فى عالمنا العربى0كما أن الولايات تعتبر ما تسميه بالإرهاب هو نتاجا طبيعيا ومباشرا للإستبداد 0وللقضاء المبرم عليه لابد من بلورة مشروع عالمى واسع وصام للقضاء على الديكتاتورية من خلال إسقاط الأنظمة الأكثر شمولية وكذا الضغط بمختلف الوسائل على بعض الأنظمة الأخرى إضافة إلى إحتضان المعارضات المناوئة للأحكام المستبدة 0 وهذا هو الإختيار الأخلاقى الذى لا غنى عنه للسلم الدولى0 هذا وتتبنى الولاياتالمتحدة الأميريكية فكرة وضع خطة متكاملة للتلخص من الإستبداد قبل إنقضاء الربع الأول من القرن الواحد والعشرين لأن مشروعها هذا مطلوبا وقابلا للتحقيق والتنفيذ بوسائل شتى وليست بالضرورة عنيفة فى الغالب0هذا من جهة ومن جهة ثانيةة فإن الربيع الذى خططت له الو لايات المتحدة الأميريكية عام 2003 قد واكب عملية السلب والنهب والفساد فى كثير من البلدان العربية 0 وهذا طبعا مما كشف القناع عن الغرب الحقيقى الذى لم ولن ينادى بالديوقراطية وحقوق الإنسان التى تتغنى بها الولاياتالمتحدة الأميريكية0 فإستراتيجية الولايات اللمتحدة الأميريكية الجديدة لا تهدف إلى جلب الإستقرار أو الديموقراطية للمنطقة العربية 0 فمصالح الولاياتالمتحدة الأميريكية الجديدية فى تونس ليست لها علاقة تذكر بمساعدة التونسيين على تحقيق الأمن والرخاء الإجتماعى0 وإنما الأمر يتعلق بالخصوص بنهب الموارد التونسية والسيطرة على القوة العاملة فى تونس تحت غطاء دعم الإقتصاد التونسى0 وتبقى الحقيقية هى أن الولاياتالمتحدة تهدف إلى فتح تونس لإستثمارات إستعبادية لليد العاملة التونسية0 إذن يبقى القول بأن الولاياتالمتحدة الأميريكية تريد تحقيق هيمنة إستبدادية كاملة فى عالمنا العربى 0 فالأشقاء التونسيين لم يحققوا شئا فالإقتصاد التونسى هو اليوم هو فى أسوأ حالاته0 وقد إختيرت تونس لتكون حجر الزاوية فى إستراتيجية الولاياتالمتحدة الأميريكية التى تهدف من ورائها زعزعة الإستقرار فى المنطقة العربية من جهة وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد من جهة ثانية 0 وهذا مما يجعلنا نقول بأن الغضب الشعبى سيستمر رغم التغيير الذى حدث ويحدث بإستمرار فى بعض بلداننا العربية وحتى وإن كانت هذه الثورات قد فاجأت الكثيرين لأن القناعة التى كانت سائدة هى أن الإنسان العربى قد فقد الإرادة والقدرة على التغيير لأن الكثير من الأنظمة العربية التى غرقت فى الفساد والإستبداد قد ركنت إلى القناعة بأن قبضة أجهزتها الأمنية أصبحت غير قادرة على منع أى تحرك للإطاحة بها هذا من جهة ومن جهة ثانية0فإن المنظمات الأجنبية وحتى الوطنية الغير الحكومية التى تمولها وتدعمها الولاياتالمتحدة الأميريكية كمنظمات حقوق الإنسان ستسمرفى العمل على تأجيج الفوضى فى بلداننا العربية 0 وجعل الغرب يستغل هذه الفوضى وما يتبعها من دمار خلاق لركوب هذه الثورات وتطويعها أو تركيعها0كما أن هذه الثورات ستواجه قمعا وبالتالى ستغرق فى بحور من الدم من جهةة وتأخذ وقتا أطول لكى تستطيع تحقيق التغيير والدليل هو ما يحدث فى سوريا اليوم 0 ويبقى هذا كله طبعا من أجل تجهيز دور أكبر لحلف شمال الأطلسى بشكل دائم فى منطقتنا العربية 0 وحتى وإن كان هذا الذى يسمى بالربيع قد أحدث زلزالا سياسيا هز المنطقة العربية وأن محاولة فهمه وتحليل أسبابه ونتائجه لايمكن حصرها فقط فى نظرية المؤامرة الخارجية بل يجب علينا أيضا أن لانتجاهل العوامل والتراكمات الداخلية0 فالأشقاء الليبيين هم اليوم يتطلعون إلى الإستقرار لكن هذا لن يتم بسهولة خاصة وأن الجماعات المعارضة فى ليبيا كانت قد وعدت الفرنسيين قبل الإطاحة بلقائد الليبى الهالك معمر القذافى أنها سوف تحصل على جزء من الثروة النفطية فى الوقت الذى كان يتم فيه تسليحهم من الدول الغربية 0 والآن يجرى تحويل ليبيا لأداة مساعدة وهذا بوجود طائرات ضخمة قبالة السواحل الليبية تابعة للناتو0 وهذا طبعا من أجل إستخدام النفط الليبى كأداة تفاوض مع اليابان0 فالولا يات المتحدة الأميريكية قد وعدت اليابان بالنفط الليبى مقابل خفض كمية إستهلاك ها من النفط الإيرانى وذلك من أجل الضغط الإقتصادى على إيران لذلك فإن ليبيا يمكن إعتبارها لعبة نفط لا علاقة لها بالرفاهية أو الديموقراطية إضافة إلى عسكرة المنطقة بالكامل على نطاق برى واسع0 أما سوريا الشقيقة فقد كادت أن تكون على شفا حفرة من حرب أهلية 0 ويبقى الشئ الذى يدفع الصراع فى سوريا هو ذلك المخطط الشمولى لما يسمى بالربيع العربى بأكمله والذى بدأ بأفغا نستان ليصل إلى المغرب العربى هذا المخطط يجرى فيه تحويل العالم الإسلامى والذى بدأ تنفيذه مباشرة بعد إحتلال العراق فى إطار سلسلة متكاملة من عمليات زعزعة الإستقرار من شأنه أن تعيد الولايات الولايات المتحدة الأميريكية رسم الخريطة برمتها فى الشرق الأوسط وذلك طبعا للسيطرة على أماكن تدفق النقط والطاقة بالكامل ونحو تنفيذ أجندة أكبر من ذلك بكثير0