– الإحتشام. الإحتشام في المسيحيّة يتخطّى الظّاهر ليغوص في الفكر والنّفس والرّوح. والاحتشام فعل أخلاقي يدلّ على خجل الإنسان أمام نفسه وأمام الله. احتشام الفكر هو إخضاع كلّ الإشكاليّات الّتي تشكّل هاجساً للعقل الإنساني، إلى الله، والبحث فيها بنقاء ضميريّ ومحبّة تهدف إلى الخير الإنساني. واحتشام النّفس هو قبول كلّ تناقضاتها والتّعرّف على سلبيّاتها وإيجابيّاتها، والسّعي بمرافقة الكلمة الإلهيّة، إلى التّخلّص من الأولى ورفع الثّانية، فيتحقّق الكمال الإنساني. والاحتشام الرّوحي هو سجود الكيان الإنساني كلّه أمام المحبّة الإلهيّة حتّى تخترقه وتنقّيه، فيحلّ فيه سلام الله. الاحتشام الفكري والنّفسي والرّوحي يقود الإنسان إلى حالة النّقاء التّام، ما يجعله في لقاء مستمرّ مع الرّبّ." أريد أن يصلّي الرّجال في كلّ مكان، رافعين أيدياً طاهرة من غير غضب ولا خصام. وأريد أن تلبس المرأة ثياباً فيها حشمة وأن تتزيّن زينة فيها حياء ووقار، لا بشعر مجدول وذهب ولآلئ وثياب فاخرة، بل بأعمال صالحة تليق بنساء يعشن بتقوى الله." ( 1ثيموتاوس 10،9،8:2). – حياتنا للمسيح. من حفظ حياته يخسرها، ومن خسر حياته من أجلي يحفظها. ( متى 39:10) كثيرون يعتقدون وهم يقرأون هذه الآية أنّ المسيح يريد من الإنسان التّخلّي عن طموحاته واستمتاعه بالحياة، في حين أنّ الرّبّ خلق الإنسان لينمو ويسعد. وقد يظنّون أنّه ينبغي أن يعيش الإنسان بحزن وشقاء كي ينال الحياة الأبديّة، بيد أنّ الحزن والشّقاء يقلقان الرّوح ويجعلانها مضطربة، فلا تعود قادرة على التّواصل والتّفاعل مع حبيبها الإلهي. " إفرحوا في الرّبّ كلّ حين، وأقول أيضاً افرحوا" ( فيليبي 4:4). إنّ فرح الرّبّ لا يعرف أوقاتاً وأزماناً، إنّه الفرح الدّائم والمستمرّ، في كلّ حين. وليكون الفرح مستمرّاً، أبديّاً، على الإنسان أن يحفظ حياته في المسيح لا لذاته كي لا يتقوقع على نفسه، ويمنع عنها كلّ نسمة فرح تهبّ من السّماء. لذا من حفظ حياته في المسيح وللمسيح فلن يخسرها. – في ثقافة المحبّة: يحقّ لمن أحبّنا أوّلاً، فبادر وصنعنا على صورته كمثاله، ثمّ تصاغر واتّخذ صورة عبد ليخلّصنا، ثمّ قام من بين الأموات ليمنحنا الحياة، أن يقول: " من جاء إليّ وما أحبّني أكثر من حبّه لأبيه وأمّه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته، بل أكثر من حبّه لنفسه، لا يقدر أن يكون تلميذاً لي." ( لو 26:14). إنّه حقّ المُحِبّ على محبوبه، فمن يفض حبّاً ينتظر فيض حبٍّ مماثلٍ. ويفوح من بين حروف هذه الآية، عطر الحبّ الإلهيّ المبدّل للكيان الإنساني. ويتبيّن لنا، أنّه إذا ما تخلّى الإنسان عن كلّ مفاهيمه الخاطئة عن الحبّ، ووجّه كلّ طاقاته نحو الرّبّ واستثمر المحبّة الإلهيّة المتجذّرة فيه، استحال إلى كتلة حبّ تتنقّل في هذا العالم. وبالتّالي أفاض حبّه على أبيه وأمّه وأخيه وامرأته وأبنائه، وعلى الكون بأسره. كلّ حبّ خارج عن المسيح ليس حبّاً، وإنّما عواطف غير ثابتة وغير مستقرّة. فمن أحبّ المسيح قبل كلّ شيء أحبّ الحبّ بذاته، لأنّ الرّسول يوحنا يقول: " الله محبّة".