إذا كانت الأزمة في العلاقات الدولية هي ذلك الإحترام والصراع والمواجهة التي تنذر بعواقب تمس العلاقات بين الدول فإن الأزمة في الدولة ماهي إلا أزمة فاعليتها في تطوير النظام السياسي والإجتماعي والإقتصادي والثقافي بوصفه وحدة حية 0 كما أن الأزمة التي تعانيها الأنظمة العربية ليست حديثة العهد 0 بل هي مرتبطة بظروف ومعطيات نشأة الدول العربية احديثة0 وكذا طبيعة النخب السياسية الحاكمة بعد إستقلال هذه البلدان0 إلا أن أ برز العوامل التي أثرت في عملية تشكيلها ونشأتها بوصفها كيانا سياسيا ينسب إلى الإستعماربإعتباره القوة التي رسمت حدودها وصنعت مؤسساتها بعد تجزئتها بالشكل الذي يخدم مصالحها وأهدافها دون الإهتمام بحقائق الجغرافية والتاريخ 0وبغض النظر عن التناقضات القائمة في أساس هذه النشأة إلا أنه جرى التعود عليها والتعايش معها حيث لم يعد شكل الدول العربية الحالي فعلا خارجيا أو كيانا مستوردا0 هذا من جهة ومن جهة ثانية يمكن القول بأن أغلب الدول العربية الموجودة حاليا لها جذورها وامتداداتها إلى ما قبل الإستعمارالأوروبي في المنطقة أي أنها دول قديمة إضافة إلى كونها مجتمعات قديمة0 لأن هناك مجموعة من الدول العربية قد ظهرت تدريجيا كحصيلة لعوامل داخلية أصيلة لا علاقة لها بالإستعمار 0 كما أن هناك دول عربة قد نشأت نتيجة للخطط والسياسات الإستعمارية 0 وهذا مما يجعلنا نقول بأن الدول الحديثة قد كانت قضية رسم حدودها الجغرافية نتاجا للسياسة الإستعمارية 0 وذا مما أفرز مشاكل عديدة كمشكلة الإندماج الوطني والإقليمي والإجتماعي إضافة إلى نقص الموارد الطبيعية والبشرية إضافة إلى المشكلات المفتعلة للحدود 0 كما أن تطور الأزمة قد تم خلال عملية بناء مؤسسات الدولة في مرحلة مابعد الإستقلال سواء أكانت مؤسسات سيادة كالجيش والأمن وكذا التمثيل الديبلوماسي أو الخدمية كالتعليم والصحة والإسكان والإدرات المحلية والإنتاجية كشركات القطاع العام والمشاريع الإقتصادية0 ومع هذا فإن الأزمة التي تعانها البلدان العربية حاليا هي نتيجة لتفاقم المشكلات التي ورثتها بلداننا العربية عن الإستعمار زيادة على التحولات الإقتصادة والإجتماعية والسياسية التي حدثت في مرحلة مابعد الإستقلال0 هذا طبعا مع العجز الفعلي لدولنا العربية حاليا عن صياغة وتنفيذ سياسة واقعية وعقلانية وفعالة لتذليل أزماتها0 وهي أزمات قد إزدادت حدتها وزاد تأثيرها المتنوع على خلفية الضعف الهيكلي للدولة ومؤسساتها زيادة على الصراعات والخلافات العربية العربية وزيادة الضغوطات الخارجية والتدخلات الأجنبية في شؤون بلداننا الداخلية0 وتبقى مشكلة الهوية وأزمة التكامل الإقتصادي والإجتماعي وكذا أزمة الشرعية 0 إضافة إلى مختلف مصادر توسيع وتعميق الأزمات المتنوعية التي تعانيها دولنا العربية بسبب العوامل الإقليمية والدولية 0ويبقى القول بأن العنف قد ترافق تاريخيا مع نشأة مجتمع البشر وهو جزء طبيعى من الحياة 0 كما أن العنف قد ساهم فى صياغة تاريخ المجتمعات على سطح الأرض وساهم فى تشكيل وعيهم 0 كما أن القاعدة الذهبية تنص على أن البقاء للقوى والأصلح 0 لذا علينا اليوم أن يكون توجهنا الفكرى يتمحور حول سياسات الحراك السلمى فى عالمنا العربى فى وجه الديكتاتوريات السياسية والأنظمة القمعية 0 و لكى نستطيع بعد ذلك أن ندافع عن الحريات والمؤسسات الديموقراطية من جهة ومعارضة الإضطهاد والديكتاتورية من جهة ثانية ومع محاولة تقليص الإعتماد على العنف كأداة سياسية 0 وعلى أن تكون أفكارنا تمثل دستورا للثورات والإنقلبات الناعمة 0 كما أن الرسالة التى تنتظرنا كرجال سياسة وكمفكرين وكمنظرين وكمتتبعيين للوضع العربى والعالمى 0 علينا أن نقو ل بأن قوة الطاغية أو الكتاتور تأتى عادة من ولاء وطاعة الشعوب لهؤلاء الطغاة المستبدين 0 لكن من جهة يمكن لشعوبنا العربية أن تجمد أو تسحب ولاءها لهؤلاء الطغاة وسترى بعد ذلك كيف تبدأ هذه الأنظمة فى الإنهيار0 لعدة عقود والشعوب العربية تعيش تحت سيطرة أنظمة صارمة ومجحفة وديكتاتورية ومستبدة وطاغية وظالمة 0 ومع هذا كله علينا أن نحا ول إيجاد طريقة تساعد شعوبنا على الحصول على حريتها بطريقة الاعنف فى وطننا العربى 0 لأن إختيار شعوبنا لطريقة العنف فإن تكون قد إختارت أن تحارب أنظمتها الديكتاتورية والمستبدة بأى قوى سلاح تملكه هذه الأنظمة 0 لذا على شعوبنا اليوم أن تكون أذكى من أن تختار العنف فى مقاومة الديكتاتورية ومقاومة الإستبداد0 على أن تكون البداية هى إدراك كيفية العمل بطريقة الصراع الغير العنيف0 وبمجرد أن تتوصل شعوبنا لهذه الحقيقة يمكنها بعد ذلك أن توظف ذلك لمصلحتها 0 إذن فهذه الأسلحة اللاعنفية هى مهمة للغاية لأنها تعطى لشعوبنا بديلا عن الأسلحة العنيفة 0 كما أنه إذا لم تستطع شعوبنا أن تحصل على الأسلحة البديلة وهى الأسلحة اللاعنفية من جهة وتدرك أهمية هذه البدائل فإنها ستعود بعد ذلك إلى العنف والحرب فى كل مرة 0 كما أنه علينا اليوم أن تكون كتاباتنا هذه المتواضعة والبسيطة تتميز بصفة التعميم لكى تكون صالحة لكل بلد فى عالم اليوم وتسهل طريقة إنتشارها وطريقة ترجمتها إلى واقع منظور0على أن تقدم هذه الأفكار البسيطة والمتواضعة فى ظل رؤية إستراتيجية واضحة 0 مع الإستمرار فى التعلم من التاريخ ومن نجاحاته أللا عنفية على أن يسبق هذه الرؤية الإستراتيجية معرفة كاملة بأعمدة الأنظمة الديكاتورية فى بلداننا العربية للإطاحة بها 0 هذا وعلينا الإستمرار فى البحث عن أكثر السبل نجاعة فى تفكيك الأنظمة الديكاتورية المستبدة بأقل الخسائر فى المعاناة والأرواح 0 أقول هذا لأن الجيل العربى المعاصر قادر على بلورة فكر مفيد لمواجهة الديكتاتورية فى عالمنا العربى من إراقة دماء لأن سلطة الشعوب العربية أكبر من كونها شعوب تخرج للشوارع وأن على شعوبنا اليوم أن تتعلم كيف تفعل ذلك 0 فالعصيان المدنى ليس غاية بل هو وسيلة وهو تقنية فى العمل السياسى وليس العسكرى 0 نقول هذا حتى وإن الولاياتالمتحدة الأميريكية هى اليوم مستمرة فى سعيها لإحداث فوضى فى منطقة الشرق الأوسط وتبنيها فكرة دور الشباب الثائر فى إحداث تغيير من أسفل إلى أعلى0 وهذا طبعا من أجل الوصول إلى إحداث تغيير شامل فى هذه المنطقة الحيوية من العالم 0 مع أننا على علم بأن الفترات الإنتقالية التى تتبع إنهيار الديكتاتوريات فى العالم هى فى حقيقة مهمة للغرب بصفة عامة وفى مصلحة الولاياتالمتحدة الأميريكية بصفة خاصة وقد تكون خطيرة بالنسبة لشعوبنا0 لأن هياكل النظام الديموقراطى لم تكون قد تأسست بشكل واضح فى بلداننا وقد تكون ضعيفة لذا على شعوبنا أن تحذر الحذر فى تعاملها السياسى0 فالأسباب التى تدفع للإنقلاب عادة تكون نتيجة عدم الإستقرار الإجتماعى وتفاقم المشكلات الإقتصادية ونشوء الصراعات السياسية الحادة أو ما يسمى بالعنف الداخلى واستفحاله وصولا إلى تفشى الإغتيالات كما يحدث فى بعض البلدان العربية 0 والتى عادة تدفع بالشعوب إلى قبول حكومات قوية تعد بإستعادة النظام وإنهاء الأزمة 0 ومع هذا فإذا لم تتوافرالإرادة الشعبية أولا تلك الرافضة من الداخل للتسلط والهيمنة والإستبداد لن تحدث ثورة ناعمة ولا يحدث إنقلاب 0 كما أن هذا النوع من الثورات يمكن للولايات المتحدة الأميريكية أن تستعملها فى تطويق نهضة روسيا السياسية والعسكرية وكذا فى وقف النمو الصينى السائر فى طريق منافسة القطبية الأميريكية المنفردة0 ويبقى أن الشعوب إذا ما إستطاعت أن تفهم ما تتطبلها حريتها فستتمكن من رسم خريطة مسيرتها التى ستصل يوما ما إلى الحرية 0 .