لا شك أن أهم شرائح المجتمع هى شريحة الشباب..فمن أين جاءت هذه الأهمية؟ في الواقع أن مرحلة الشباب هي أغني مرحلة للإنسان في حياته باعتبار أن اكتمال الطاقة و اكتمال القدرات للكائن الإنساني إنما تكون في مرحلة الشباب، ولهذا نجد أن هذه الطاقة التي اكتملت في مرحلة الشباب يجب أن نوجهها في الطريق الذي يبني ولا يهدم ويصون ولا يبدد حتى تكون هذه الحيوية وهذه الطاقة، وهذه القدرات تسير في طريق بناء الأمة وخصوصا في جانبها الروحي وجانبها الإنتاجي المادي ، ولاشك أن الشريعة الإسلامية أولت الاهتمام الأكبر بالشباب، وبذلك نجد نصوصا صريحة موجهة إلى الشباب بشكل خاص قبل غيرهم باعتبار أن هذه المرحلة هي مرحلة العطاء ومرحلة العمل الجاد المفيد. ، و يبين رسولنا الكريم( صلى الله عليه وسلم) أثر البيئة بالنسبة للشباب فإن كانت بيئة صالحة فتأثيرها صالح وإن كانت بيئة فاسدة فتأثيرها فاسد، لذلك يضرب لنا ذلك المثل الرائع في التشبيه والتمثيل فيقول:((مثل الجليس الصالح والجليس السوء كبائع المسك ونافخ الكير فبائع المسك إما أن يحاذيك دائما يبتاع منه، وإماأن تجد منه ريحا طيبة,ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وأما أن تجد منه رائحة نتنة)) - ومعنى الكير: آلة يستخدمها الحداد للنفخ فى النار لإشعالها - وهذا الحديث أشتمل على الحث على اختيار الأصحاب الصالحين، والتحذير من ضدهم. ومثَّل النبي (صلى الله عليه وسلّم) بهذين المثالين، مبيناً أن الجليس الصالح : جميع أحوالك معه وأنت في مغنم وخير، كحامل المسك الذي تنتفع بما معه من المسك: وأقل ذلك: مدة جلوسك معه، وأنت قرير النفس برائحة المسك. فالخير الذي يصيبه العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك ، فإنه إما أنيعلمك ما ينفعك في دينك ودنياك، أو يهدي لك نصيحة، أو يحذرك من الإقامة على ما يضرك. فيحثك على طاعة الله، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ويبصرك بعيوب نفسك، ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها، بقوله وفعله وحاله. فإن الإنسان مفطور على الاقتداء بصاحبه وجليسه، والطباع والأرواح جنود مجندة، يقود بعضها بعضاً إلى الخير، أو إلى ضده.، وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح ايضا – وهي فائدة لا يستهان بها – أن تكف بسببه عن السيئات والمعاصي، رعاية للصحبة، ومنافسة في الخير، وترفعاً عن الشر، وأن يحفظك في حضرتك ومغيبك ، وأن تنفعك محبته ودعاؤه في حال حياتك وبعد مماتك، وأن يدافع عنك بسبب اتصاله بك، ومحبته لك. وتلك أمور لا تباشر أنت مدافعتها، كما أنه قد يصلك بأشخاص وأعمال ينفعك اتصالك بهم. وفوائد الأصحاب الصالحين لا تعد ولا تحصى. فالمرء على دين خليله. وأما مصاحبة الأشرار: فإنها بضد جميع ما ذكرنا. وهم مضرة من جميع الوجوه على من صاحبهم، وشر على من خالطهم. فكم هلك بسببهم أقوام. وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون، ونُركز الحديث على( من حيث لا يشعرون ) حيث أن مصادر الصحبة إختلفت تماما عن الماضى ،فالصحبة اليوم قد تأتى وتتكون للفرد وهو جالس فى عُقر داره ؛ من خلال التكنولوجيا الحديثة لوسائل الإتصال ومن أهمهاالشبكة العنكبوتية (الإنترنت) ومواقع التواصل الإجتماعى المختلفة وأشهرها الفيس بوك ،وتويتر، وياهو، وجيميل، وواتسأب؛ والتى أصبح اليوم يدمنها الكثير من الشباب فتهدر الوقت، وقد تقود لصحبة الأشرار : فيا شباب الأمة تخيروا للصحبة... فإن من أعظم نعم الله على العبد المؤمن، أن يوفقه لصحبة الأخيار.ومن عقوبتة، أن يبتليه بصحبة الأشرار، صحبة الأخيار توصل العبد إلى أعلى عليين وتوجب له العلوم النافعة، والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة،،وصحبة الأشرار توصله إلى عكس ذالك ... فليتقى كل فرد ربه فى نفسه ؛ ويسألها: ما هى حقيقة أصدقائة ؟ وهل هونفسه من نافخى الكير، أم من بائعى المسك ؟؟