« حرب اللا عنف.. وعلاقتها بالفوضى الخلاقة» للدكتور عبدالقادر الهوارى، كان أول الكتب التى تمت مناقشتها فى ندوة «كاتب وكتاب» ضمن فعاليات الأنشطة الثقافية التى يقوم بها معرض الكتاب هذا العام. شارك فى الندوة اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الاستراتيجى، والدكتور أحمد بهاء شعبان، مؤسس الحزب الاشتراكى المصرى، والدكتور عبدالقادر الهوارى، مؤلف الكتاب.. الندوة قدمتها وأدارتها د. سهير المصادفة. استهلت د. سهير حديثها بالقول إن هذه الدورة لمعرض الكتاب، هى دورة استثنائية، إذ إنها تحمل عنوان «عام على ثورة 25 يناير»، وهذا ليس احتفاءً بالثورة المصرية فقط، بل أيضاً احتفاء بثورة الياسمين التونسية، ثم دعت د. سامح سيف اليزل للحديث عن موضوع «الفوضى الخلاقة.. ومشروع الشرق الأوسط الكبير». فى البداية وجه اللواء سامح سيف اليزل التحية إلى د. عبد القادر على رؤيته فى هذ الكتاب المهم، ليس لمصر فقط ولكن للأمة العربية، وقال: أولاً نريد أن نعرف كيف جاءت فكرة مشروع الشرق الأوسط الكبير؟.. وأجاب: عندما انهار الاتحاد السوفييتى حدث أن خلف وراءه عدة دول أخرى مفتتة، تخضع لحكم أنظمة مختلفة، ومن ثم أصبح تفتيت الدول إلى دويلات صغيرة حالها كما نراه الآن.. وهو ما جعل الولاياتالمتحدة تنفرد بالعالم وجعلها تعتمد على هذه الفكرة بالنسبة للشرق الأوسط.. ثم تبنت الفكرة عدة دول أوروبية. وأشار إلى أن الدول العربية إذا لم تتحد كما اتحدت الدول الغربية من خلال الاتحاد الأوروبى وغيره، فإن هذا الأمر سيشكل خطورة كبيرة على المنطقة. وقال: اعتقد أن العرب إذا قاموا بعمل اتحاد مثل هذه الاتحادات، فسيكون لديهم قوة هائلة ومؤثرة، تستطيع من خلالها النهوض بالدول العربية، والتصدى لمحاولات التفرقة والتقسيم، وأوضح أن الكتاب تطرق للحديث عن هذا الموضوع.. وفكرة الشرق الأوسط الكبير لا تقوم فقط على تقسيم الدول العربية، بل أيضا تدعو إلى «تقزيم» الدول العربية، وقد بدأ هذا عملياً فى فلسطين من عقود، ونلاحظه الآن فى السودان من خلال تقسيمها إلى شمال وجنوب.. وأيضاً ما يدور على أرض ليبيا الآن من صراع بين الميليشيات العسكرية وصراع بين الطوائف، وهذا يعنى أن هناك نيات لتقسيم ليبيا إلى شرقية وغربية، وبالرجوع إلى تاريخ ليبيا القديم، نجد أنها كانت مقسمة بالفعل، عندما كانت تحت الاستعمار إلى أن تم استقلالها تحت قيادة «عبدالله السنوسى»، لكنها كانت مقسمة إلى ثلاثة أقاليم أيضاً، إلى أن قام القذافى بالثورة الليبية، فأصبحت دولة موحدة. وأضاف: هناك دول أخرى معرضة للتقسيم مثل «العراق وسوريا واليمن»، ونحن لا نرغب فى أن نرى أية دولة عربية مقسمة، بل نريد توحيد الدول العربية، لكن الصورة ليست قاتمة إلى هذا الحد، لأن الواضح واضح أمامنا جيداً، ويجب أن نخطط له، والحل الأمثل كذلك هو توجيه الشعوب العربية إلى الوحدة ونبذ الفرقة فيما بينهم، بحيث يكون هذا هو شعار المنطقة العربية فى المرحلة القادمة. من جهته، تحدث د. أحمد بهاء شعبان عن أن هذه المخاطر قائمة منذ سنوات طوال، وستظل قائمة مادامت القوى الاستعمارية تهيمن على مقدرتنا. أما عن حديثه عن قضية «اللا عنف» وهو محور الكتاب، فقال حينما تواجه عدواً أكبر منك فلا سبيل للمقاومة إلا من خلال ما تملكه من إمكانات والنضال السلمى ليس حديث العهد، فقد نشأت حركة المقاومة السلمية فى الهند، التى أسست نموذجا ملهما للدول، وكان فى مقدمتها مصر. وأضاف: استخدام الأساليب السلمية هو ما حفز الدول على عدم استخدام العنف فى مواجهة النظم الاستبدادية، والتجربة المصرية فريدة فى استخدام «اللا عنف» أثناء ثورة 25 يناير، وليس كما يقال إن الثورات جاءت استجابة للجهود الأمريكية أو بتحريض أمريكى، فقد قامت الثورة فى مصر وبعض الدول العربية نتيجة الاستبداد والفقر والمرض، وأن هذا الأمر قد وصل إلى درجة لا يمكن احتمالها، فالدول العربية هى الوحيدة المصنفة عالمياً على تأخرها فى الانتقال إلى الديمقراطية، وأنها دول استبدادية، والمشكلة الأساسية لتأخر هذا التغيير هو وجود البترول ووجود إسرائيل بالمنطقة، فقد رأت الدول الغربية أن مصالحها أكثر أماناً فى ظل وجود أنظمة حكم استبدادية.. وأشار إلى أنه يجب أن ندافع عن ثورتنا ضد القوى المضادة للثورة، التى سعت إلى تشويه الثوار، بالرغم من أنه لم يثبت حتى الآن أن الثوار قاموا بعمل مخالف أو غير قانونى أو حصلوا على تمويل من الخارج. كما أعرب بهاء الدين شعبان عن تفاؤله بمستقبل هذه الأمة، وأن مصر ستتجاوز هذه المرحلة بنجاح، وأن 25 يناير القادم سيكون استكمالاً للثورة، ولكن فى الوقت نفسه من الخطر وجود أى عمل استفزازى يدفع الشباب للعنف، فنحن قدمنا نموذجا سلميا للثورة، وأية محاولة لجر قوى الثورة لاستخدام العنف ستكون له عواقب غير محمودة على الإطلاق. ومن جهته، تحدث د. عبد القادر الهوارى عن المحاور التى يدور حولها الكتاب، حيث قال إن موضوع الكتاب يدور حول ثلاثة محاور رئيسية، المحور الأول وهو «اللا عنف»، وهو علم يدرس كما تدرس علوم السياسة وعلوم التكنولوجيا، وتوجد أكاديميات لتدريس هذا العلم فى بعض الدول العربية منها قطر على سبيل المثال.. أما المحور الثانى فهو «الفوضى الخلاقة أو الكارثية»، ويقصد به أن تظل الأنظمة ثابتة كما هى، والتغيير يكون للأنظمة الاقتصادية كبديل للتكامل العربى.. أما المحور الثالث، فهو مشروع «الشرق الأوسط الكبير»، ويقوم على تغيير الأنظمة السياسية واستبدالها بأنظمة جديدة موالية للغرب. الثورات العربية لم تنفجر بتحريض أمريكى ولكن قامت لمواجهة الإستبداد