مرثية “بلقيس”

فى أثناء انشغالى بالقراءة حول الموت، صادفنى بوست صديقى الأستاذ/ محمد بدر الدين عن قصة الحب الشهيرة بين نزار قبانى وبلقيس؛ والتى انتهت بالزواج بعد سنوات من رفض أهل بلقيس؛ فذكرنى بمرثية لبلقيس كتبتها بعد مصرع بلقيس المأساوى خلال الحرب الأهلية اللبنانية 1982:-
زَبَرْجدَةٌ مِن أَجْلِ “بِلْقِيس”.. إلى الزوج المفجوع: نزار قبانى
===================
الحِكاياتُ تمَّتْ.. وبِلقيسُ نامَتْ!
لقد قدَّمَتْ لِلعُروبَةِ فرْضَ الوَلاءِ..
وأدَّتْ زَكاةَ الأُنوثَةِ: صلَّتْ.. وصامَتْ!
وها هِى تتَّجِهُ الآنَ سادِرَةً لِلأمامِ
معَ القُبَّراتِ وسِربِ اليَمامِ!
فيا أيُّها الصَّبُّ:
ركِّبْ تَفاعيلَكَ الآنَ فى صورةِ الفرَح.. انْشرِحِ!
الشِّعرُ صحَّ العَمودُ لهُ
والقصيدةُ بينَ يديْكَ اسْتقامَتْ!
…………….
أيُّها الصَّبُّ:
صَوِّبْ قَصائدَكَ الآنَ لِلهدَفِ.. اعترِفِ!
الوقتُ حانَ لكَىْ يعرِفَ النَّاسُ:
آخِرَ ما هَسْهسَتْ بهِ بِلقيسُ
هل أخبرتْكَ بعُنوانِ بعضِ الجُناةِ؟
وهل أرْشدتْكَ الطُّيورُ التى:
فوقَ أرضِ الجَريمةِ حامَتْ!
تُرى: أىَّ برْقٍ مِن الشَّرْقِ شامَتْ!
وكلُّ البُروقِ غدَتْ خُلَّبًا
وجميعُ الحِكاياتِ- قبلَ النِّهاياتِ- تمَّتْ!
وبِلقيسُ قامَتْ
لِتمنَحَ بيروتَ شكلَ الزَّبرْجَدِ.. ثُم تُودِّعَ بيروتَ
تَقرُصَ بيروتَ مِن أُنثَييْها.. وتُخلِدَ لِلنَّومِ ثانيَةً!
أيُّها الصَّبُّ..
عادَتْ لآلِئُكَ الآنَ لِلصَّدَفِ.. انْصرِفِ
الحُزنُ قَرَّ القرارُ بهِ
والمآتِمُ كانتْ مَواقيتُها لا تَدومُ.. فدامَتْ!
وكلُّ اليَماماتِ هامَتْ
فعُدْ بِتماثيلِكَ الآنَ لِلخزَفِ.. الآنَ لا تَخَفِ
الشِّعرُ يَحْمِيكَ.. يَحرُسُ ظَهرَكَ
لكنَّ بِلقيسَ نامَتْ!
ولم تَستمِعْ لِأرَقِّ القصائدِ منكَ
فحَقَّ علَيْها العِتابُ!
تَهاوَى التُّرابُ..
وبِلقيسُ فى مُطلَقِ الحُلمِ لِيمَتْ ولامَتْ!
……………..
أيُّها الصَّبُّ:
رتِّبْ تَفاعِيلَكَ الآنَ فى صُورةِ التَّرَحِ.. استَرِحِ!
الشِّعرُ سوفَ يَصِحُّ العَمودُ لَهُ
والقَصيدةُ قد تَستقِيمُ
إذا استَوْعبتْها الشَّحاريرُ قبلَ الجَماهيرِ!
كمْ راودَتْها الشَّعاريرُ.. لكنَّها ما استنامَتْ!
فدَعْها لِتكتُبَ ضدَّ العُروبةِ سيِّئةً..
ثُم تَرْقَى!
وقلْ: إنَّها فى النِّهايةِ تَبقَى
وفى البَدءِ كانتْ!
************************
*من ديوان (زمان الزبرجد)