كأن الانحطاط الذى نحن فيه لم يصب مجالا بعينه بالعطب؛ بل أصاب كل أنشطتنا المادية والروحية؛ فالانتماء إلى الإسلام أصبح بديلا عن الانتماء للوطن؛ و(طظ فى مصر كما قال قائلهم)! أعرف ناقدا وشاعرا- أو هكذا يدعى- يعمل فى كرمة ابن هانئ، يتحدث عن المصريين فيقول: (نحن المسلمون)! ولكى نعرف أى انحطاط صار إليه تديننا، ما علينا إلا أن نرجع قرنا إلى الوراء، فهذا هو الشاعر أحمد محرم (1877- 1945م) الذى عرفوه بأنه شاعر الإسلام؛ يقول فى مستهل من القرن الماضى (1911):- ———————————————————- ذَرانِى أقُمْ للشعرِ فى مصرَ مأتمَا * إلى أن يفيضَ النيلُ فى أرضِها دمَا! تلومانِ أن أبديْتُ ما بى من الأسَى * وأنَّى لِما بى أن يُوارَى فيُكتَما! مِن العارِ أن تشقَى بلادى وأنعَمَا * وكالموتِ أن يُقضَى عليها وأسْلَما أحِنُّ إلى استقلالِها وإِخالُهُ * إذا ما رأبْنا الصدْعَ أمرًا مُحتَّما تحكَّمَ فينا الداءُ فانحلَّت القُوَى * وآيةُ داءِ الجهلِ أن يتحكَّمَا تُفرِّقُنا الأديانُ واللهُ واحدٌ * وكلُّ بنِى الدنيا إلى آدمَ انتمَى وساوسُ ظلَّ الشرقُ فيها مُصفَّدًا * فما يملِكُ الشرقىُّ أن يتقدَّمَا بَنِى الشرقِ: لا يصرعْكُمُ الدينُ إننى * أرى الغربَ لولا الجِدُّ والعلْمُ ما سمَا سلُوهُ إذا رام الفريسةَ فانتحَى* أيرعَى مسيحيًّا ويرحمَ مُسلِما! هو الموتُ، أو تستجفِلُ الشرقَ رجفةٌ * تزلزلُ صرعَى مِن بنيهِ ونُوَّما!