شموس نيوز – خاص لقد بدأ حقل التنمية السياسية كأحد فروع علم السياسة بأخذ مكانه بين دراسات العلوم الإجتماعية في النصف الثاني من القرن العشرين 0 كما باتت إهتمامات هذا الحقل مرتبطة بشكل كبير بدول العالل وعلى رأس هذه الدول الدول العربية خاصة وأن هذه الدول كانت خاضعة للإستعمار في كل من قارتي أفريقيا وأسيا حيث أصبح هذا الحقل من الحقول الأساسية لعالم السياسة ومدخل أساسي لدراسة المجتمعات العربية0 أما تعريف حقل التنمية السياسية فهو ليس كمفهوم التنمية الإقتصادية الذي يمكن قياسه بشكل مباشر بالإعتماد على مؤشرات معدل دخل الفرد إنما تعني كيفية علاقة الناس مع بعضهم البعض من خلال المؤسسات الحكومية السياسية والإقتصادية والإجتماعية 0 كما أن تعريف التنمية السياسية يجب أن يعالج العلاقة بين الأفراد والمؤسسات في التنمية وتطويرتجاه معرفة أصول الأنظمة الإجتماعية 0 وقد يقصد به النمو والتغيير في النظم السياسية أو الإنتقال من نظام إلى آخر أكثر قدرة على التعامل مع يئته الداخلية والخارجية 0 وقد يقصد به العملية التي ترمي إلى إقامة نظام حكم مستقر تتوافر فيه الشرعية والقيادة الفاعلة0 كما تعني قدرة النخبة الحاكمة على تحقيق التنمية الإقتصادية0 وكما أن هناك إجماع بين العلماء في حقل العلوم السياسية على أن الديموقراطية هي هدف التنمية السياسية وأن مؤشرات الديموقراطية تعكس المدى الذي وصلت إليه عملية التنمية السياسية0 خاصة وأن الديموقراطية هي نظام سياسي يزود ويعطي فرصا دستورية دورية لتغيير المسؤولين في الحكومة وميكانيكية إجتماعية تسمح لأكبر جزء ممكن من السكان للتأثير على القرارات الرئيسية من خلال إختيارهم للمنافسين للفوز بالمناصب الرئيسية0 فالديموقراطية تحقق العدالة وترتكب مخالفات أقل ضد حقوق الإنسان كما أنها توجد المنافسة أولا والمشاركة ثانية 0 كما أنها تضعف الولاء للنظام أو السلطة الحاكمة0 وهذامما يجعلنى أقول عند بداية التفكير فى هذه الكتابات المتواضعة و البسيطة0 كانت تحدوني الرغبة في أن أوجه كلامي هذا مباشرة إلى الشعب الجزائري الأصيل العريق 0 وكذا كل البلدان الغاربية والعربية والإسلامية والأفريقية وكل شعوب العالم في الحقيقة0 ولكن غرضي من هذا الكتابات المتواضعة والبسيطة كما قلت من قبل هو التحدث للشعب الجزائري دون وسطاء عن أشياء كثيرة تهمه 0 ثم ها أنا قد إنطلقت في الكتابة المتواضعة والبسيطة لأنني أؤمن بسلامة وحس الشعب الجزائري العريق 0 كما أنني على ثقة وعلى يقين بأنه مثلي قلق على مستقبل الجزائر وهذا هو الأمر المهم0 وكتابتي هذه ليست بحثا علميا أو كتابة للدعاية أو الشهرة رغم أن الأراء والإستنتاجات والمواقف التحليلية التي سيجدها القاريئ الكريم في الجزائر وفي كل العالم العربي والإسلامي فيها ترتكز بالطبع على قيم محدودة ومقدمات نظرية إنها بالأحرى مجموعة من الأفكار والتأملات جمعتها أيام السجن وليالي زنزانات البرواقية وتازولت وتيزي وزو والحراش حول عملية التغيير والإصلاح في الجزائر0 وكذا المشاكل التي تواجه الجزائر ونطاق التغييرات التي تتضمنها وتعقد الوضع ومسئولية الجميع اليوم وتفرد مرحلتنا الحرجة والصعبة هذه 0 فقد تجنبت بالفعل حشو هذه الكتابات بالحقائق والأرقام والتفاصيل فقد تركت هذه الأمور لأهل الإختصاص 0 إنها كتابات عن برامجنا وخططنا وعن السبل أو الطرق التي سننفذها بها 0 وأكرر إنها دعوة إلى الحوار وإلى التفكير في مرحلة إنتقالية تكون بمثابلة نطقة إنطلاق نحو المستقبل 0 و قد كرست قسما منها للتفكير السياسي الجديد الذي تفرضه المرحلة الحرجة الحالية هذه0 لفلسفة سياسة الجزائر المستقبلية 0 وإذا ما ساعدت هذه الكتابات على تعزيز الثقة بين الجزائريين فسأعتبر أن هذه الكتابات قد قامت بدورها0 ماهي الإصلاحات؟ ولماذ نحن في حاجة إلى إصلاحات؟ وما هو جوهر هذه الإصلاحات وماهي أهدافها ؟ وما ذا تفرضه و ما الذي تخلقه0 وكيف تتقدم وماذا يمكن أن تكون نتائجها بالنسبة للجزائر وآ ثرها على الشعوب المغاربية و العربية والأفريقية والإسلامية؟ كل هذه الأسئلة مشروعة يبحث الكثير من الجزائرين عن أجوبة عليها0 كما يريد الكثير من الجزائريين اليوم أن يفهموا ما ذا يحدث بالفعل في بلدهم؟ خاصة وأن وسائل العربية وخاصة الغربية تجتاحها موجات من سوء النية تجاه الجزائر0 فالإصلاحات أصبحت تشكل محور الحياة الفكرية لمجتمعنا الجزائري الآن0 وهذا أمر طبيعي لأنها تتعلق أو تخص مستقبل هذا البلد المغاربي العربي الأفريقي المسلم0 وتؤثر التغييرات التي تتخذها على الشعب الجزائري وتتناول أكثر المسائل حيوية وكل جزائري شغوف بأن يعرف نوع المجتمع الذي سنعيش فيه وسيعيش فيه أبناؤنا وأحفادنا0 وتبدي البلدان الغربية إهتماما كبيرالكل ما يحدث في الجزائر من إصلاحات وتغيرات خاصة فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية إهتماما حيا وطبيعيا لمالهذين البلدين من مصالح في الجزائر 0 لأن هذين قد أصبحا يعيشان كذلك فترة صعبة وهامة للغاية من البحث في تطورهم 0 ويستحدثون ويجربون طرق تشريع جديد للنمو الإقتصادي والإجتماعي0 ويرتبط النجاح في ذلك بدرجة كبيرة بتفاعلنا وبمهامنا ومشاغلنا المشتركة0 وهكذا فإن الإهتمام الحالي ببلادنا أمرمفهوم وبخاصة إذا ما وضعنا في الإعتبار مالها من تأثير في شؤون المغرب العربي وأفريقيا والعالم العربي 0هذا طبعا وقد أخذت النظم السياسية الغربية المعاصرة بمبدأ السيادة الشعبية 0 وما يستلزمه من تجزئ السيادة بين أفراد الشعب بحيث يصير لكل منهم نصيب فيها0 إلا أن صار التعبير عن الإرادة العامة هو تعبير غالبية أفراد الشعب 0 وليس تعبير الأمة فى مجموعها 0 وبالتالى فإن هذا التعبير الصادر عن الأغلبية لا يصح أن يكون عنوانا للحقيقة كما كان الرأى فى ظل مبدأ سيادة الأمة0 ومادام التعبير الصادر عن الإرادة العامة هو تعبير الأغلبية فلا تلحقه قداسة بل قابل للنقد والمعارضة من جانب الأقلية التى لا ترى رأى الغالبية 0 علما بأن مصالح الناس ليست واحدة 0 وكذلك طموحاتهم وتطلعاتهم فى الحياة ليست على درجة واحدة0 زيادة على أن نظرتهم إلى حركة الحياة الإجتماعية وما يصلحها ليست متحدة0 ويبقى طبعا رأى الناس إلى حقيقة التوازن بين مصالحهم الفردية ومصلحة الجماعة ليست متجانسة 0 فإن إختلافهم فى الرأى يكون أمرا مؤكدا0 وتبقى إختلاف الرؤى بين الناس على ضبط حركة الحياة الإجتماعية والحفاظ على توازنها هو سنة من سنن الله فى الحياة0 ولما كان الناس فى حاجة إلى سلطة ترعى شئونهم 0 وهذه السلطة وأن تكون من أشخاص يمارسون مهامها 0 مع أن رؤى الناس تختلف حول أسلوب عمل السلطة فى كلا المجالين العام والخاص 0 فكانت طبعا أفضل وسيلة توصل إليها الفكر السياسى هى إعطاء السلطة للأغلبية لتحكم0 مقابل منح الأقلية حق المعارضة والنقد0 فإذا قدر لهذه الأقلية أن تصبح أغلبية فى يوم من الأيام كان لها أن تتسلم السلطة وتمارس مهام الحكم0 وهكذا يتم تبادل السلطة بين أغلبية كانت ثم صارت أقلية 0 وبين أقلية كانت ثم صارت أغلبية0 ولقد غدت الأقلية المعارضة هى قوام النظام السياسى الغربى وعماده 0 حيث صار وجودها دليلا على وجود النظام الديموقراطى0 وانتفاؤها دليلا على إنعدام مضمون المبدأ الديموقراطى0 ويبقى القول بأن مضمون هذا لمبدأ يكمن فى حق الأفراد فى الإختيار بين البدائل السياسية المتاحة 0 وهى طبعا مسألة مهمة وبسيطة فى نفس الوقت0 شأنها شأن ما يحدث فى حلبة الرياضة إذ لكل إمرئ أن يختار الفريق الذى يروق له0 كما أن الحق فى المعارضة و النقد هو فى الأصل حق فردى مترتب على تجزأ مبدأ السيادة بين أفراد الشعب0 ومن ثم يكون للفرد أن يمارس متقتضيات هذا الحق بصورة فردية 0 إلا أن تعقد الحياة وتشابه المصالح وتشابكها واختلافها وكذا رغبة الفرد فى إتقاء سلبيات حكم الأ غلبية 0 كل هذه الأمور و غيرها دفعت الفرد إلى الإنضواء مع غيره من الأفراد تحت لواء تجمعات سياسية شعبية تملك من الإمكانات السياسية والإقتصادية والإعلامية والتنظيمية ما تستطيع به الدفاع عن مصالح الأفراد وتوجهاتهم الفكرية 0 وكسب تأييد الرأى العام 0 أملا فى الحصول على الأغلبية اللازمة لإستلام السلطة من الوضع السياسى القائم 0 أو للدفاع عن المصالح الواحدة أو المتشابهة للأفراد0 والضغط على الوضع السياسى القائم والتأثير على قراراته دون السعى إلى منا فسته على السلطة0 وإنطلاقا من هذا كله خرجت إلى الوجود السياسى ظاهرتان سياسيتان: الأولى تسعى إلى السلطة بطريق سلمى0 والثانية : تسعى إلى التأثير فيه0 وهاتان الظاهرتان هما : ظاهرة الأحزاب السياسية ظاهرة جماعة الضغط 0 أما ظاهرة الأحزاب السياسية فتعد ثمرة من ثمار مبدأ سيادة الشعب 0 بمما ترتب عليه من تجزئ السيادة وتوسع دائرة الممارسة السياسية عن طريق مبدأ الإقتراع العام الذى أدى بدوره إلى تمحور الإرادات الشعبية غير الحاكمة حول تنظيمات شعبية فاعلة 0 فكانت الأحزاب السياسية من أهمها وكثرها تأثيرا فى الحياة السياسية 0 كما يمكن تعريف الحزب السياسى بأنه جماعة متحدة من الأفراد تعمل بمختلف الوسائل الديموقراطية للفوز بالحكم 0 بقصد تنفيذ برنامج معين0 كما تطور النظام الحزبى حتى صار فى الوقت الحالى يمثل إحدى الضرورات السياسية بالنسبة للنظام السياسى الغربى لكونه حجر الزاوية فى الضمانات الحامية للحقوق والحريات الفردية 0 بل إن أهمية الأحزاب السياسية للنظام الديموقراطى قد قيل عنها بأن العداء نحو الظاهرة الحزبية يخفى عداء للديموقراطية ذاتها0 ويبقى السبب فى هذه الأهمية هو أن النظام الحزبى يقوم فى تسيير الإدارة الحكومية بالدور الذى يقوم به البخار فى تسيير القاطرة البخارية0 0 ومن هنا يفهم موقف الفكر السياسى الغربى من القول بوجود تلازم وارتباط بين وجود الأحزاب السياسية وبين القول بوجود حرية سياسية0 حتى قيل لاحرية سياسية بدون أحزاب0 ويبقى القول أيضا بأن النظام الحزبى الذى يدور مع الحرية السياسية وجودا وعدما هو النظام الحزبى المفتوح سواء أخذ صورة التعدد الحزبى أو صورة الثنائية الحزبية0 ففى الواقع أن تعدد الإجتهاد فى شئون الدولة المختلفة يفترض تعدد الأحزاب السياسية 0 وقيام حوار الأطراف ذات الإجتهادات والأراء والمواقف المختلفة 0 ومن هنا طبعا يمكن تصور الدور الذى تقوم به الأحزاب السياسية فى تبصير المجتمع السياسى بالقضايا العامة 0 وكذا بلورة الإتجاهات الفردية إلى إتجاهات ومواقف جماعية تتمحور همومها حول دراسة المشاكل الوطنية بدء برصدها وتشخيصها وانتهاء بوصع التصورات النظرية المدروسة لعلاجها0 كما أن الأحزاب السياسية تعتبر من أهم الوسائل السياسية المباشرة التى تمكن الشعب من التعبير عن إرادته فى التغيير الذى يريده فى شئون الحكم عن طريق واحد من الأحزاب السياسية إذا حاز على الأغلبية 0 وبهذا يتم التغيير سلميا فتتجنب وسيلة التغيير بالعنف0