إن كلمة الديموقراطية في عالمنا العربي في الحقيقة قد إبتدلت فتحولت إلى مطية لكل حاكم مستبد وعنوانا لكل حاكم فاسد 0 وما من دولة عربية تنتهك فيها حقوق الإنسان إلا وتسمي نفسها دولة ديموقراطية 0 و ما من دكتاتور عربي متسلط إلا ويحاول أن يعطي للديموقراطية معنى ممسوخا ليسخرها طبعا بمعناها الجديد لخدمة عدوانه على حقوق شعبه 0 وفي الجزائر اليوم طبعا يحاول الكثير من المسئلين سواء في السلطة أو المعارضة أن يمتهن كلمة الديموقراطية فيجعل منها مجرد الحق في ملء البطن وكأن الديموقراطية هي ديموقراطية رغيفالخبر مع أن الإنسان الجزائري طبعا يأكل ليعيش حرا ولا يعيش ليأكل خبزا 0 ومادات طبعا في العروق دماء تنبض فلن نكف عن التكرار بعزم وإصرار بأن الديموقراطية هي حكومة في الجزائر بإرادة الشعب الجزائري وتحت رقابته 0 الديموقراطية في الجزائر هي دولة جزائرية تقوم على الفصل بين السلطات وعلى مسئولية السلطة التنفيذية أمام السلطة التشريعية 0 فالديموقراطية في الجزائر يجب أن تكون دولة ليس فيها فرد يتصور أن يسوق قطيعا وإنما فيها شعب جزائري حر ومسئول يعلم ويحاسب لأنه صاحب السيادة0 فالديموقراطية في الجزائري طبعا يجب أن تكون دولة يحني فيها الحاكم رأسه للشعب الجزائري يلا يحني فيها الشعب رأسه لأي أحد كان من كان 0 كما أنه في الحقيقة أغلب ظني أن ماجرى في الجزائر منذ 5 أكتوبر من عام 1988 كان يمكن أن يكون جرعة من مصل تزيد الشعب الجزائري مناعة لرفض كل أنواع حكم الفرد وتضاعف من حصانته لكي يتمسك بأن يحكم حكما ديموقراطيا تكون السيادة فيه للشعب الجزائري وتكون حرية الإرادة والفكر والتعبير في الجزائر حقا مقدسا لكل جزائري لا يعتدي عليها أحد ولا يصادرها لا الجنزال نزار ولا الجنرال توفيق 0 كما أنه في ظني اليوم بأن الشعب الجزائري كبقية شعوب العالم مهما كان حظه من التقدم والنضج 0 فإنه يمكن أي تعرض في مرحلة من مراحل حياته وتاريخه لتجربة كتجربة تسعينيات القرن الماضي تسلب فيها حريته باسم الحرية وتغيب فيها الديموقراطية باسم الديموقراطية وتكبت فيها إرادته باسم إرادة الشعب 0 لقد حدث طبعافي فرنسا فترة قصيرة بعد ثورتها الشعبية الخالدة عندما تسلق سلم السلطة في الجمهورية الفرنسية باسم الثورة طغاة حولوا مبادئها النقية إلى حمامات من الدم وأقاموا المقصلة في الميادين الكبرى لتقص رقاب الوطنيين المخلصين وأصحاب الرأي حتى أن رأس جل مثل دانتون لم تسلم من نصل المقصلة 0 لكن ما الذي حدث بعد ذلك الذي حدث هو أن الشعب الفرنسي قد إستعاد وعيه واستخلص إرادته ولم يعد عهد الخوف والإرهاب الذي تزعمه روبسبير أكثر من ذكريات سوداء في تاريخ الشعب الفرنسي ومجرد جرعة من المصل قد أصبحت فيمابعد طبعا تعصمه من أن يسلم قدره من جديد لأي طاغية تحت أي شعار والذي هو الذي ينتظر طبعا من الشعب الجزائري اليوم قبل الغد 0 كما أن هذا قد حدث أيضا في ألمانيا بكل ماكان يتمتع به الشعب الألماني من حضارة وتقدم 0 حيت طبعا تسلق رجل إلى سلم السلطة تحت شعار الإشتراكية الوطنية وألهب به حماس الشعب الألماني حتى إنقاد من خلفه إلى كارثة كبرى ومركبة وحقيقية حيث أصبحت تلسعه السياط وتخذره الخطب الهتلرية 0 ثم بعد ذلك طبعا فاق الشعب الألماني بعد تلك الكارثة الكبرى والتي تعتبر من كبريات الكوارث التاريخية0 وخرج الشعب الألماني يبني بلده من جديد في ظل ديموقراطية حقيقية جعلت طبعا خلال عدة سنوات إحدى القوى الإقتصادية والصناعية الكبرى في العالم 0 وثل فرنساوألمانيا دول كثيرة أخرى وشعوب كثيرة أخرى تمكنت الديكتاتورية من أقدارها فانقادت إليها برغم إرتفاع مستواها الحضاري 0ولماذا اليوم لا يكون الشعب الجزائري مثل هذه الشعوب فهذا ليس مستحيلا وبإمكانه الحدوث في أية لحظة 0 لأن أية تجربة مهما تكون مرارتها إلا أنها في الحقيقة ليست أكثر من مصل تزيد مناعتها وتضاعف الشعب الجزائري بالحرية والديموقراطية 0 وهذا طبعا مما يجعلني أقول هذا عن ثقة وليس عن مجرد التمنى 0 فالتجربة الجزائرية التي كانت قد بدأت في 5 أكتوبر من عا م 1988 تصلح لأن تكون هذه الجرعة من المصل تقود الشعب الجزائري إلى أمله في غد مشرق بدلا من تجرتجره إلى اوية اليأس أو خطيئة اللامبالاة 0 هذا طبعا ويمكن القول بأن أخطر ما يواجه الشعب الجزائري اليوم هو أن تجربة تسعينيات القرن الماضي قد طورت نفسها مع مرور الوقت واستترت خلف واجهة ديموقراطية لتبدو أمام العالم وكأنها نظام حكم طبيعي ولتتقي من خلف هذه الواجهة غضبة الشعب الجزائري الذي يكاد صبره اليوم أن ينفذ تماما0 كما تتطور الميكروبات نفسها تماما عندما يبدأ المرض في علاج نفسه بالمضادات الحيوية فتفرز تلك الميكروبات غلالات تقيها من فتك الدواء0 لذلك فإن هذه الكتابات البسيطة والمتواضعة هي محاولة بسيطة ومتواضعة لتوضيح وتفسير بعض القضايا المثارة حول الديموقراطية في الجزائر بصورتها القائمة اليوم حتى طبعا يتخلص حكم الشعب الجزائري من كل الأحوال التي رماه بها أعداء الجزائر في هذه السنوات الأخيرة فتسقط الأقنعة المزيفة وتقوى مناعة الشعب الجزائري في مواجهة أي عدوان جديد على الديموقراطية 0 مع أننا في الحقيقة نعلم وندرك بأن الكثير من الشرائح الشعبية الجزائرية تحت ضغط الحملات الإعلامية المكثفة والموجهة قد أوشكت أن تفقد الأمل في جدوى الإصلاح في الجزائر بالديموقراطية0 وراحت البعض من هذه الشرائح تمتد بصرها إلى الماضي السحيق أو الغرب البعيد باحثة عن وصفة تحقق آمال الشعب الجزائري وتوقف تيار التدهور والخراب الذي تنحدر إليه الجزائر يوما بعد يوم ومع هذا طبعا فإنني لازلت على ثقة بأن الأمر في الجزائر لا يحتاج إلى بعث تجارب الماضي 0 أو التشبث والتعلق بأفكارستينيات وسبعينيات القرن الماضي والتي طبعا لا تصلح لأكثر من مادة للجدل انظري 0 فإذا ما تم وضعها في موضع التطبيق الفعلى تهاوت أمام واقع الحياة وواقع التطور0 كما أنه حقيقة يمكن القول بأنه مع ميلاد القرن الواحدوالعشرين قد توصلت بنظرتي البسيطة المتواضعة إلى نتيجة هي غاية في الدلالة والإختصار وهو أن الإستبداد السياسي والفساد المالي و دوائهما يتم دفعهما بالديموقراطية الدستورية أقول هذا حتى وإن كنت لم أتهم النظام الجزائري بعينه وبطريقة مباشرة فإننى طبعا أردت أن أبين طبائع الإستبداد والدكتاتورية والفساد وتشخيص مصاريع الإستعباد وما يقتضيه وما يمضيه على ذويه وكذا التنبيه لمورد الداء الدفين عسى أن يعرف الذين هم اليوم في السلطة بأنهم هم المتسببون لما حل بالجزائر فلا يعتبون على الأغيار ولا على الأقدار 0 وإنما يعتبون على الجهل وفقد الهمم والتواكل وعسى الذين فيهم بقية رمق من الحياة يستدركون شأنهم قبل مغادرة السلطة وقبل الممات0 فما أنا العبد الضعيف إلا فاتح باب صغير من أسوار الإستبداد والفساد عسى الزمن يوسعه 0 أقول هذا لأننا نعيش القرن الواحد والعشرين ولكن الداء لا يزال هو الداء وأن الدواء لايزال هو الدواء برغم من مرور مايقرب ستتة عقود على إستقلال الجزائر 0 حتى وإن تغيرت خلال هذه الحقبة من الزمان الأسماء والمسميات فالإستبداد السياسي قد أصبح يسمى بالدكتاتورية والفساد السياسي والإقتصادي والشورى أصبح يطلق عليها اليوم الديموقراطية 0 فهذا طبعا كل ماتغير أما المضمون المرض والعلاج فإنه قد بقي كما هو0 هذا طبعا ونحن نعيش القرن الواحد والعشرين فها نحن نرى مبلغ إتساع الهوة بين بلداننا والبلدان المتطورة الصاعدة في أعقاب التكنولوجيا والصناعة المتطورة في الغرب وهي الهوة التي إزدادت إتساعا في هذا القرن الجديد القرن الواحد والعشرين 0 كما لا ننسى بأن الجيل الجزائري الجديد هذا في الحقيقة بإمكانه طبعا ألا يترك نفسه للوقوع في شرك التعليلات الخاطئة لأن الشائعات التي كانت في القرن العشرين لأسباب التخلف والإنحطاط قد ولت مع تولي زمانها فهذا الجيل الجديد طبعا قد أصبح يدرك بأن أساس العلة هي الإستبداد السياسي والفساد الإقتصادي كما قد أصبح يدرك بأن جوهر الداء هو الحرية الديموقراطية والعدالة الإجتماعية 0 لذا فالجيل الجزائري هو يمثل واقعا حيا تعيشه الجزائر 0 كما أن هذا الجيل الجزائري الجديد لايوافق النظام القائم فيما يتخيله من أسباب للتخلف والإنحطاط 0 بل يرجع هذا التخلف وهذا الإنحطاط للإستبداد السياسي السائد والفساد الإقتصادي المنتشر0نقول هذا طبعا حتى هذا الذي تم التطرق إليه هو السائد في جميع الدول العربية العربية بدليل أن العرب قد إختمموا القرن العشرين ودخلوا القرن الواحد والعشرين وهم مثقلون بالركود والقهر والكآبة 0 حضروا إلى القرن الواحد والعشرين حضور الغياب 0 ولم يخطر ببال الكثير منهم بأنهم سيدخلون هذا العقد الثاني من هذا القرن ومسلسل الزلازل السياسية والإجتماعية يضرب أكثر من بلد عربي ويسقط حكام وأنظمة من قبل شعوب طال قهرها وتغييبها فثارت على من قهرها وغيبها 0 وما تزال عملية الثورة مستمرة وقائمة القسوط مرشحة للإتساع لتشمل المزيد من الحكام والأنظمة0 وهذا طبعا ربما يدفعنا للقول بأن بأن نسبة السقوط هذه مرشحة للإتساع في أي لحظة لتشمل المزيد من الحكام والأنظمة 0 بعد أن كدنا نيأس من أنفسنا 0 بعد أن أخرجنا العالم من إهتماماته وحساباته0 حيث قد أصبح مايحدث في العالم العربي يدهش الغرب ويدهش العالم0 أين كان العرب وأين هم الآن قضية طبعا تدخل في مكر التاريخ وإدهاش الحياة التي تتطلب التغيير والتجديد 0 وهي مسألة قد أصبحت طبعالا يتناولها علماء الإجتماع والسياسة والمحللون والخبراء الإستراتيجيون فحسب بل يتناولها كذلك أصحاب الحكمة والفراصة 0 الذين قد وصلوا إلى نتيجة مفادها أن صبر الشعوب له حدود وزيادة الضغط دائما تؤدي إلى الإنفجار أو الإنكسار0 وأن للظلم والإستبداد السياسي والفساد الإقتصادي نهاية وأن دوام الحال من المحال خاصة وأن هذا الجيل الجديد قد وجد نفسه يحكمه حكام جثموا على أنفاس شعوبهم عقودا من السنين وتفننوا في الظلم والقمع والفساد 0 حكام لا يفهمون شعوبهم وحتى وإن فهموا فهم مضطرين وبعد فوات الأوان0 والآن وبعد أن ثارت بعض الشعوب العربية على كل من ظلمها وكبلها وأذلها وقامت بإسقاط أنظمتها المستبدة و الفاسدة 0 فلن يكون طبعا لهذه الثروات معنى وجدوى إذا لم يعاد الإعتبار إلى المواطنة وقيمة الإنسان العربي كونه مواطنا عربي يشعر بالقهر والتفاهة إلى وضعية مواطنا وإنسانا 0 بحيث يتم الإنتقال النوعي من وضعية كائن عربي يشعر بإحترام آدميته وإنسانيته0 لأن الشعوب العربية طبعا يترأسها حكام يفتقرون إلى الشرعية والمؤهلات العقلية والأخلاقية كما يفتقدون إلى ثقافة الدولة والى التواضع أمام شعوبهم 0 لذا طبعا فالشعوب العربية اليوم ومنها طبعا الشعب الجزائري مستمرة في سعيها من أجل إكتساب حقوقها المتمثلة في حرية الرأي والتعبير 0والحق في إختيار من يسوسها ويقودها إلى بر الأمان بإخراجها من هذه الوضعية الحرجة التي تعيشها 0 للوصول إلى مكانة لائقة في عالم اليوم بين الشعوب والأمم المتقدمة والمتحضرة والمتطورة