تناولت الشاعرة صونيا عامر، قضية الموت في عدد من قصائدها: الحسناء، أم رياض، سعاد،سلامي الى شاهر، وأخيراً جدي في (ديوان تيه)، حيث تتمحور كل قصيدة حول موضوع من موضوعات الرحيل، لتجسد لنا لحظة ألم وفزع ورؤية نقدية لمشاعرنا واحاسيسنا، هكذا تبدو قضية الموت وتراجيديا الفناء للزمن، في العمل الادبي لصونيا عامر متقاربة مع رؤية الاديب غسان كنفاني: "فقضية الموت ليست على الاطلاق قضية الميت، انها قضية الباقين"، الترقب وانتظار اللحظة. حيث تطرح صونيا في قصيدة (الحسناء) نقداً للموت وللقتل والعنف الفرويدي، لظاهرة جرائم الشرف التي تمثل واحدة من اشكال العنف الجسدي والروحي ضد المرأة الشرقية، ولتصف موت امرأة، ضحية لحب كاذب ومخادع: ماتت متأثرة بجروح ودماء غطت جسداً ملؤه الصفاء ظناً من أهلها بانه الوباء اصابها جراء ..حب كبير ووفاء لحبيب غرر بها ..دون حياء..هارباً تاركا اياها ..دون عزاء سوى كرابيج واصداء ثم في قصيدة (أم رياض) حيث تبدو الأم المفجوعة بموت صغيرها، وهي متماسكة قوية لتفاجئ الناس ولتصرخ "وبكل اللغات" لتعبر عن: معنى الامومة وكبر الآهات مودعة دنياه لاهثة ورائه علها تنقذه وتوقظ الأموات لكن عبثاً، فالموت يأخذنا جميعا في محيطاته وفضائه..يبتلعنا بعد ان تزدرينا الطبيعة، وتنهكنا الحياة لنجد انفسنا نتجه عبر الثقب الاسود الذي يتسع ليأخذنا نحو عوالم ألله. وبعد (أم رياض) تبدو قصيدة (سعاد) لتعيد طرح الاسئلة التي نتداولها منذ ان خلق ومات كلكامش، فأي ألم وهلع تطرحه علينا لحظة الموت والرحيل، لحظة القطيعة من الحياة نحوالعالم الآخر، هكذا تعود الشاعرة صونيا عامر بكل كلمات الشعر تبحث عن أجوبة من سعاد: أخبريني سعاد أرأيت خالتي؟ اسألي عنها ياحبيبتي فهي قديمة هناك ياملاكي عيشي سعاد، عيشي غرباك لاتجزعي، لاتخافي فما عاد للحدود أسلاك تراجيديا الموت، البحث عن سر العوالم الاخرى، الحلم بعالم بلا قيود وبلا حدود، عالم السعادة المطلقة، ربما أو عالم الالم الابدي، لكننا لم نجد الاجوبة على الاسئلة الابدية العدمية، انه الموت بل انه العدم والصيرورة التقكيكية للجسد في الطبيعة..لكن الروح هذا الكائن الاسطوري يرتحل بذكرياتنا نحو السماء في رحلة العودة الى ألله. لكننا مازلنا "نفتقدك سعاد ولن ننساك"، فانت الحب والاسطورة، أنت الحياة والموت..انت اليوم رمزاً للابدية ولخلود الأموات. وتأتي قصيدة (جدي) الحبيب لتطرح الاعتراض على الموت، والاحتجاج على الرحيل المبكر بعيداً، "فالعمر مازال مديداً..والعود مازال شديداً" مازال هناك سبب للبقاء وللحياة، وتريد الشاعرة صونيا ان يجيبها جدي الراحل الذي سكنه الموت، لماذا اختار "المكان الضيق المحدود"، لماذا فضل القبر "المظلم المسدود" على الحياة، وكأن قضية الموت في قصيدة جدي اختيارية، ارادية، وليست قدرية، اختار جدي الموت لانه يدرك، بل وعلى يقين مطلق بأن ألله لن يضع روحه في عالم مظلم مغلق، ففي عوالم الجنة، كما تصور لنا الشاعرة صونيا: ينتشر الفرح والحرية ونكتشف السعادة الابدية المفقودة.