الأنسان والحب والغضب، قضايا بنيوية جوهرية في (ديوان تيه) للشاعرة صونيا عامر، هذه العلاقة المركبة تؤسس لصور أدبية تعالج الهموم الإنسانية والوعي بالتراكمات التاريخية المختلفة. هكذا تفاجئنا عندما تضعنا الكاتبة صونيا في قصيدة: "سوف أبقى" بقضية العلاقة بين الوطن والهجرة واشكالية الترابط بين: الهجرة والألم، الغربة والخوف ثم بين الاغتراب والاندماج. لقد عاشت الشاعرة تجربة الألم والخوف والارتحال عبر الأوطان، وهو ما انعكس في قصيدتها "سوف أبقى"، فبعد ان واجهت الاضطراب الكبير بعد اندلاع الحرب اللبنانية، ركبت أمواج الهجرة البشرية من المتوسط نحو سواحل ومدن الخليج، ثم وبعد كل حرب تتحول الامواج البشرية نحو مدن أخرى وهجرة ومعاناة وألم، وتطفو تساؤلات صونيا: فكرت بالهرب.. لكن الى متى... مرات الواحدة تلو الواحدة حرب تلد أخرى، مازال العنف يعصف بالبلاد، ف "الوضع يسوء منذ مدة"، والقلق مازال يسكن وعي وخيال الشاعرة، حيث الخليج الراقد فوق الرمل يغلي من تحته بركان، ونذر الحرب تطبخ، ويتهددنا الاحساس بالموت القادم وصور الرعب والخوف تستبيح وجوه الناس، ليندفعوا في موجات الهجرة عبر الحدود والأوطان. وطبقاُ للمشهد الافتراضي للحرب في بنية القصيدة، تذهب الشاعرة بعد تردد، للاختيار بين ركوب الموجات البشرية المهاجرة وبين التمسك بالوطن، الكويت وطن الغربة الذي شكل ضميرها وحبها، معاناتها واحلامها، فقررت البقاء بين الناس، رافضة الرحيل نحو المجهول ولتعلن بكل اللغات: سوف أبقى الى أن أرى رفوف البشر. تسافر بعيداُ فوجاُ بعد فوج. "سوف أبقى"، تعبيراُ عن ارادة الشاعرة لمواجهة الخوف عبر التمسك بالتاريخ والارض والانسان، والاعلان عن رفض الحرب والموت والدمار، لكن لحظة الترقب والقلق المنطقي من تدافع الاحداث، تدفع صونيا للبحث عن جواب: "ترى أيجرفنا الموج"، القادم من أعماق البحار والمحيطات؟ تضطرب الصور، ربما نجبر على الرحيل في لحظة "من الغضب من الحزن..من الخوف..". ثم ترحل صونيا عامر، ويرحل معها الخوف القابع فينا من عالم الحرب والموت، ربما أملا بالوصول حيث يستلقي الأمان والهدوء على سواحل مدينة الكويت. الكاتب : د. غازي فيصل حسين أستاذ تحليل المضمون أكاديمية الدراسات العليا - طرابلس