نسي السيد أوباما أنه من أحفاد القتلة الذين قتلوا الهنود الحمر وأبادوهم في أرضهم وموطنهم كما هو الحال اليوم في القضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي، ونسي الرئيس المبجل موقفه الصامت أثناء الثورة التونسية، ونسي تأييده الصريح للمخلوع حسني في بداية الثورة المصرية، حتى أدرك هو ووزيرة خارجيته أن الأمر محسوم للشعب فبدأ يتودد لإقامة علاقات حميمة مع الشعب المصري، وأنا لا ألوم أوباما على خطابه لأنه أمريكي وينتمي لأمريكا ومخلص لها، وحماية أمريكا واجب عليه لكن اللوم على الأحذية التي كانوا ينتعلونها في أقدامهم من خوان (حكام) العرب الذين خانوا دينهم ووطنهم وقوميتهم مقابل مطامع زائلة لو دامت لغيرهم ما وصلت إليهم، ظنوا ديمومتها، وعندما زالت كان أول من لفظهم كالقمامة هم من خانوا وباعوا شعوبهم وأوطانهم من أجل إرضائهم، وبعد ذلك يخرج علينا حفيد القتلة ويقول لنا إنه يبارك الثورات العربية والتحول الديمقراطي في الوطن العربي، لكن ما أزعجني حقا في خطابه تهديده الصريح والواضح للثورات العربية بقوله : إن أمن أمريكا من أمن إسرائيل وهذه اللهجة طبيعية من رجل مثله، شعر بالخوف على أمريكا من المارد العربي الذي يتحول نحو الحرية والديمقراطية، لكن لو عدنا إلى الوراء قليلا، وبالتحديد إلى خطاباته السابقة – خاصة خطاب القاهرة 4/6/2009 - لوجدنا الكلام المنمق الذي طغى وكسى خطابه، لأنه يعلم أن حكام العرب أحذية في أقدامهم وذلك يعطي صورة نرجسية لأمريكا ويعلي من شأن حكام العرب الخونة الذين يضعهم حذاء في قدمه ، لا خاتما في أصبعه، أما في هذا الخطاب فنجده يغير من لهجته ويتكلم بحدة وصراحة فيصف أمن إسرائيل بأنه من أمن أمريكا، وأن أمريكا لن ترضى ولن تسكت عن أي خطر يتهدد إسرائيل، وأن من حق إسرئيل أن تعيش في أمان خاصة بعد أن ذاقت الاحتلال والتشرد فترة طويلة من الزمن، حتى نالت حريتها واستقلالها، - هذا على افتراض أن السيد أوباما راعي للحريات وحقوق الضعفاء- فأمريكا ظل الله في الأرض؟، وكأنه يقول إن الفلسطينيين هم من تطفلوا على فلسطين وأنهم من احتلوا إسرائيل، ولاحظوا أن إسرائيل وفي نفس الوقت تقريبا الذي يلقي فيه أوباما خطابه الصارخ توافق على بناء 1400 وحدة سكنية جديدة داخل المستوطنات، وكأنهم يقولون نحن نبني قراراتنا مدعمة من أمريكا، وهذا عين الاستفزاز بل الاستخفاف بالعرب جميعا وما أدراك ما العرب؟ فمن العجب أن يتكلم حضرته عن الثورات وعن إيران والعراق وسوريا ومصر وتونس ويسهب في الحديث، بينما يمر مرور الكرام على اليمن والبحرين ولم يتطرق حتى ولو بالذكر على السعودية التي تنتهك حقوق المرأة انتهاكا صارخا، ثم يتبجح ويقول إن المرأة نصف المجتمع ومن حقها أن تتساوى في الحقوق والواجبات مع الرجل حيث إن عالما يهمش فيه نصف سكانه لا يمكن أن ينهض أو يتقدم، كذلك لم يأت بالذكر على الكويت والسعودية ودول الخليج التي تنتهك فيها حقوق الأقليات ، وهذا طبيعي منه فالخليج بالنسبة لأمريكا ولايات أمريكية مستنفذ لثرواتها، ومستعبد لحكامها مسيطر على مواردها فهي بالنسبة لأمريكا لا تقل شأنا عن إسرائيل، وللعلم فأمريكا تحرص على الكيان الاسرائيلي ككيان سياسي وليس كيانا دينيا، فهي موضوعة شوكة في حلق العرب والشرق الأوسط ترعى مصالح المارد القطب الأوحد، لذلك وجود إسرائيل هو وجود لأمريكا في المنطقة وخلع إسرائيل هو خلاص من الهيمنة الظالمة الأمريكية الصارخة، وذلك لا يزعج أمريكا فعلى الثورات العربية أن تبدأ بتحرير المنطقة من الهيمنة الأمريكية التي تفرضها من خلال الدراهم المعدودة التي تقدمها كمعونات للدول النامية والتي هي بالأصل وللأسف الشديد ثرواتنا وخيراتنا التي يسيطرون عليها بسبب حكامنا الخونة الذين باعوا شعوبهم وبلادهم من أجل الكرسي، أنا لا أمانع أخذ مساعدات من أي جهة داخلية أو خارجية بشرط ألا تكون مشروطة أو مرهونة بأجندة وبرنامج مفروض علينا فالمساعدات هي بداية هيمنة جديدة وبصورة جديدة.