1 وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ. من منا لم يتعامل مع حكاية الاستثناء للأبناء والواسطة والتحجج بأنه كفء.. لابد أنه كفء لأنه استفاد من خبرة أبيه أو أمه. أصبح ذلك الفكر ليس استثناءً بل هو القاعدة في كل مكان في مصر. حتى الثانوية العامة يتحايلون عليها إما بالشهادات الأجنبية أو بالسفر لكليات شرق أوروبا والتحويل إلى كليات مصر – بالواسطة برضه – بعد سنة مثلا أو موال الجامعات الخاصة، التي انحدرت كثير منها إلى درجة الإهانة لحق العلم في مصر وعدم الاعتراف بها من كثير من الدول العربية ولهم ألف حق، فهي شهادات على نظام ادفع وخذ. سيدنا إبراهيم كان من الأنبياء الذين رزقوا الذرية وكان أبناؤه نبيين وهما إسماعيل وإسحق ومن وراء إسحق يعقوب ثم يوسف.. لكن الله أبى عليه أن يورث ذريته النبوة.. من يمكن أن يستفيد من أبيه كما ابن نبي؟ من أقدر على زرع دعوته من داعية نبي وفي نفس أقرب الناس إليه؟.. لكن الله قال لا ينال عهدي الظالمين.. اجتهد تجد.. إن استحققت فسيعطيك الله، وإن كنت من الظالمين لنفسك لن تأخذها وإن كنت ابن نبي.. هل من متعظ؟! ........................ 2 وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ بعد سنوات من الزواج، يجلس مع زملائه أو أصحابه، للتندر بعيوب النساء، فيضرب المثل باحتفاظ الرجال بصداقاتهم ومعارفهم، بينما نادرا ما تجد للمرأة صداقات مستمرة. هل ذلك المتباهي بوفائه نظر إلى تلك القابعة في مطبخها، أو عند حبال غسيلها، وربما كل ذلك بعد أن تعود من عملها أيضا؟.. وإن امسكت الهاتف تكلم صديقة قادمة، أليس ذلك هو الوقت الأنسب لتطلب منها إعداد الطعام؟.. ما رأيك لو كان الطريق مزدحما وعدت إلى البيت متعبا.. الاستلقاء.. حمام دافئ ربما.. استعجال الغداء.. والأدهى الرغبة في نوم القيلولة.. عليها أن تسكت صوت الأبناء كي تستطيع النوم. حقا الرجال أوفى للأصدقاء! ......... ابنك وحقك عليه قبل أي مخلوق.. "أمك ثم أمك ثم أمك".. تلك التي تزوجها ليست غريبة.. لن تستولى عليه منك، وإن فعلت، فالعيب منه. هي ستحمل له أحفادك وهنا على وهن.. ستقوم على بيته كما قمت يوما ما على بيتك، هي محرمة على حماها لأنها ابنة لكما.. أيثقل عليكِ أن يزداد أبناؤك ابنة؟ ما المشكلة أن يتسع قلب ابنك لها ولك معا. لست أنت فقط بل أخته أيضا.. تلك التي تشعر بأن صديقها الوحيد الذي يعترف به مجتمعها قد خطفته امرأة "غريبة"! يقول الله تعالى ومن يوق شح نفسه.. لم يقل شح يده.. يذكر الشح في موضعا خاصا أيضا.. انظروا.. ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) ما اكثر الشح في علاقة المرأة والرجل.. حتى حين الصلح من سيقاوم شح نفسه ويقدم صلحا عادلا؟ إنه شح النفس الأكثر انتشارا والأسوأ في تأثيره المجتمعي بين جدران الأسر.. ليتنا نعي.. ليتنا نعي! ...................... 3 وكان أبوهما صالحا من منا لا يريد أن يترك لأبنائه مالا وعزا يغنيهم من بعده.. نستشهد بحديث الرسول الكريم "إن تتركهم أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس" لكن هل من متأمل للحديث قليلا؟ ما يريده الرسول محمد أن تترك أبناءك أغنياء عن سؤال الناس.. ليس هذا بالضرورة نتيجة لكثرة المال، وإنما هو الاكتفاء والتعفف والاقتصاد والرضا وفهم الأولويات الروحية وكثير من الصفات تؤدي لذلك الغنى/الاستغناء. المال نعمة محببة لا شك، لكن ليس وحده بلا أدنى شك نعود للآية.. للصغيران كنزهما ليس بأن أباهما غنيا بل بأنه كان صالحا.. صلاح الوالد يبقى لأبنائه. نحن في زمن لا يذكر الناس احدًا بخيرٍ إلا ما ندر.. لا يحفظ أحد لأحد معروفا إلا ما ندر.. لا يشكر أحد احدًا على صنيعٍ ولا يمتدح أحد تفوق أحد... كل هذا كلام غير حقيقي، والحق أحق أن يتبع، ولو لم نبدأ بأنفسنا ونتطمئن على أبنائنا بالسعي لنكون ذلك الأب الصالح، الذي أرسل الله لأبنائه نبيا من وراء البحر ليحفظ لهم كنزهم، فلا نلومن إلا أنفسنا ولا نطمعن في خير ولا بركة.