" إنهم أنانيون لدرجة تجعلهم يحرقون مدينة بأكملها لإنضاج بيضة " هذه العبارة التي قالها فرانسيس بيكون هي أفضل تفسير لما تشهده مصر حالياً من أحداث مؤسفة ، لكن الفرق أنهم يحرقون وطناً بأكمله من أجل هذه البيضة ، و يهدمون بنيانه من أجل أن يرثوا طوبة ، لا تهمهم مصالح الوطن لأن مصالحهم تعلو فوق مصلحته ، و لا يهمهم أمنه لأن أمنهم أولى ، و لا يهمهم بقائه لأن بقائهم أجدى. الكل يشارك في اغتيال هذا الوطن و حرقه ، كلٌ بطريقته و حسب مصلحته التي أفهمها كالتالي: فضائيات محلية و عربية كل ما يهمها في هذه القصة كعكة الإعلانات و نسب المشاهدة و الاتصالات التي تُترجم إلى حسابات بنكية في جيوب أصحابها ، و كلما ارتفعت ألسنة اللهب زاد الدخل. إعلاميون لا يهمهم سوى إرضاء أصحاب هذه القنوات للحفاظ على " لقمة عيش " مكونة من ستة أصفار بعد رقم ما ، و الصواب و الخطأ عندهم سيان لأن معياره عندهم غير موجود و لا ضرورة له ، فهم مع الريح أينما توجهت ، و الريح هنا مختلفة لأنها ريح التحريض و الإثارة التي تدرعليهم ملايين و تصنع منهم نجوماً. وجوه قميئة مقررة علينا ليل نهار على مختلف القنوات لا تعرف سوى ثرثرة سياسية فارغة لا تقدم حلولاً لمشاكل و لا تبني بقدر ما تهدم ، شعارهم الواضح المرفوع على طول الخط " خُلقت لأعترض" و لأصرف شيكاً بالمقسوم بعد كل حلقة. ناشطون سياسيون و حقوقيون بعدد شعر رأس شعب مصر لا نعرف ماهيتهم الحقيقية و متى نشطوا في هذا السن المبكر الذي لم يتجاوز العشرين ، لكن يبدو و الله أعلم أنها أصبحت المهنة التي يعبر بها كل عاطل عن نفسه و أنها موضة 2011 ، كما كانت مهنة " رجل أعمال " موضة الأعوام السابقة. قادة جماعات و أحزاب و تيارات سياسية و دينية ( مسلمة و مسيحية ) تسعى لفرض نفوذها و سيطرتها بأي شكل و بأي وسيلة و لو على جثمان وطن. مراهقين يبحثون عن دور وطني يلعبوه وقعوا ضحايا أيد خبيثة استغلت صغر سنهم و حماسهم ليتلاعبوا بهم و يستخدمونهم في تحقيق أهدافهم و مخططاتهم الخبيثة. أناس يرددون ما لا يفقهون ، ولكنهم يرددونه من باب اثبات الذات و إظهار وعي سياسي زائف ، و إلا ما معنى تسليم بلد بالمفتاح إلى سلطة مبهمة غير واضحة المعالم تُسمى " مجلس رئاسي مدني" دون معرفة هوية أعضائه و كنههم و مدى كفائتهم و قدرتهم على تحمل مسئولية و أمانة وطن و حل مشاكله و قيادته نحو بر الأمان ؟! ما معنى اتهام كل من يدير هذا البلد بأنه من فلول النظام ، من أين نأتي بسياسي لم يتعامل مع النظام بشكل أو بآخر؟! ما معنى أن يُوصف الجنزوري بالنزاهة ثم يُتهم بالعمالة فجأة لقبوله الوزارة ؟ ما معنى " لا للعسكر " و نعم " للمدنيين " و كأن عسكري تعني الفساد و مدني تعني النزاهة ، مع أن من أفسد مصر و نهبها كانوا مدنيين باستثناء مبارك ، فأحمدعز الذي كرهه طوب أرض مصر مهندس ، و يوسف والي الذي خرب زراعتها دكتور جامعي ، و حسين كامل بهاء الدين الذي دمر تعليمها دكتور طبيب ، وسرور الذي فصل قوانينها أستاذ جامعي قانوني .. و .. إلخ إلخ . و على هذا يجب أن يكون معيار المنصب الكفاءة و النزاهة و طهارة اليد و ليست المهنة. متضررون من الوضع الحالي الذي ضرب مصالحهم في مقتل و يريدون هدم المعبد على الجميع. من لهم ثأر عند المجلس العسكري في أحداث ماسبيرو ، فخرجوا للانتقام لكن بدون شعاراتهم الطائفية هذه المرة ، فهذا يحقق الهدف دون لفت الأنظار و تأليب الآخر . مجلس عسكري أحاط نفسه بغموض غير مبرر، وقصر في بعض الأدوار فوضع نفسه موضع الشبهات و أصبح لزاماً عليه في كل مناسبة تبرئة نفسه و إثبات حسن النوايا. دول لها مصلحة ألا تنجح ثورة مصر حتى لا يمتد لهيبها فيحرق عروش حكامها حكام دول تبحث عن لعب دور أكبر من مقاسها فتسعى إليه بالسير فوق جثث الكبار. دول يهمها تفتيت مصر لتبق ضعيفة لأن ضعفها سر بقائهم و يخدم مخططاتهم