منذ أيام كنت في طريقي إلى مدينة الإسكندرية للمشاركة في مؤتمر الإسكندرية الثالث للإصلاح العربي الذي تنظمه مكتبة الإسكندرية للمرة الثالثة ، وهذه أول مرة يتم دعوتي فيها وإن كان انطباعي سلبيا عن المؤتمر وإدارته لأن نية التحكم في المؤتمر من حيث المتحدثين والحوارات والتوصيات ظهرت بوضوح ولعلي أعود لهذا الموضوع بالتفصيل في مرة أخرى بإذن الله ، أعود إلي بداية حديثي حينما كنت في طريقي إلي الإسكندرية جاءتني مكالمة تليفونية من الدكتور حسام بدراوي يخبرني فيها بأن هناك منظمة للشفافية ومكافحة الفساد للبرلمانيين حول العالم وهناك فرع عربي لهذه المنظمة يرأسه صديق كويتي هو الدكتور ناصر الصانع وهو نائب بالبرلمان الكويتي عن الحركة الدستورية الإسلامية ، وأن هناك نية لعمل فرع في مصر لنفس الموضوع وقد اقترح د . حسام توسيع الموضوع ليشمل شخصيات عامة غير نيابية ( أي ليسوا نوابا بالبرلمان ) وذكر عدد أسماء مثل صديقنا حمدين صباحي النائب بمجلس الشعب ووكيل مؤسسي حزب الكرامة والأستاذ منير فخري عبد النور نائب رئيس حزب الوفد وعدد من الأسماء التي تحظى باحترام واسع في المجتمع وقد اقترح د. حسام اسمي ضمن المجموعة المؤسسة لهذه المنظمة ، فأخبرته بموافقتي من حيث المبدأ وأعلمني أن هناك اجتماعا يشرح الموضوع في أوائل الأسبوع التالي ( الذي نحن فيه الآن ) ، وفي المساء اتصل بي أحد الأخوة المعدين في قناة دريم ليخبرني بوجود د.حسام بدراوي في الاستديو على الهواء ليتحدث عن الموضوع وطلب مني مداخلة فاعتذرت لأني ليس لدي معلومات كافية عن هذا الأمر ثم بدأ مؤتمر الإسكندرية ووجدت في البرنامج الذي تسلمناه فقط صباح الافتتاح أن هناك بعد الجلسات العامة ورش عمل حول موضوعات مختلفة منها محور عن الشفافية يرأسه د. حسام بدراوي أيضا ، فقررت الاشتراك في هذا المحور ، ولقد كانت مناقشات هذا المحور أفضل من الجلسات العامة التي أدارها جميعا د. إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة ولم يعط فرصة لأي فرد غير الموجودين على المنصة في الحديث ، المهم جرى حوار مفيد حول موضوع الشفافية ومحاربة الفساد ، ومنها ما هي المعايير الموضوعة لمعرفة حجم الشفافية وحجم الفساد وكيفية مقاومته ، واتضح من مداخلة من المفكر العربي القطري د. على خليفة الكواري أن المعيار الدولي الموضوع في الشفافية وضع دولة مثل قطر رقم 2 على مستوى الدول العربية في الشفافية بالرغم من أن دستورها المكتوب ( أو نظامها الأساسي ) يعطي صلاحيات مطلقة للأمير بنسبة 90% والباقي الذي يجري عليه شفافية هي نسبة 10% من التصرفات وبالتالي هذا العيار الدولي مضلل ، فنحن العرب نحتاج لمعيار عربي بل ومعيار وطني لكل قطر فبالتأكيد المعيار المصري سيختلف عن المعيار القطري وعن المعيار المغربي ، لأن الفساد في بلادنا تجاوز حدود خيال مكافحي الفساد في الغرب وبالتالي لا يستطيعوا أن يحددوا المعيار المناسب ، ولقد ذكرت في هذه الورشة وجهة نظري حول أوضاعنا العربية المتردية والتي نحتاج لثلاثة أمور أولية لا خلاف عليها قبل البرنامج السياسي والأيدلوجية السياسية ، أولها أن ينتخب حكامنا بطريقة حرة ومباشرة بحيث يكونوا معبرين عن الشعب الذي انتخبه وترتبط مصالحهم وبقائهم بمصالح هذا الشعب ، الأمر الثاني نحن نحتاج لإدارة كفوءة لإدارة شئوننا لأن مستويات الإدارة لكل شئوننا متردية على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي ...الخ ، الأمر الثالث هو مكافحة الفساد بشكل شامل ومنظم حيث أن الفساد يقضي على أي تطور بل يقضي على كل شئ ، فلهذا الأمر يعتبر موضوع الشفافية ومكافحة الفساد شيئا هاما وجوهريا في حياتنا ، فنحن نحتاج لوضع تعريف يتناسب مع ظروفنا ونحتاج لعمل آليات لمكافحة الفساد ونحتاج لنشر ثقافة ووعي بقضية الفساد ومكافحته ونحتاج لتعديلات تشريعية ونحتاج لأدوات رقابية ليس فقط من أجهزة رقابية ولكن من مجالس تشريعية منتخبة حقيقية تراقب وتحاسب وكذلك رأي عام قوي من وسائل الإعلام مختلفة وكتاب وصحافيين وجمعيات مجتمع مدني ونقابات واتحادات حقيقة معبرة عن قطاعاتها حتى تستطيع أن نواجه وباء انتشار الفساد والتربح الذي انتشر بشكل هيكلي في أماكن كثيرة في بلادنا ولله الأمر من قبل ومن بعد،،، E. mail : [email protected]