حتى لحظة كتابة هذه السطور لم يقل القضاء فى مصركلمته بعد ولم تبرئ المحكمة ساحة حسنى مبارك رئيس مصر السابق. ولكن هناك أصوات تطالب بالعفو عن مبارك لأنه بطل الحرب والسلام ولأنه بطل أكتوبر ولأنه ولأنه ولأنه .... لكن السؤال الذى يفرض نفسه وماذا بعد؟ هل ننتظر رئيسا آخر يمتص ما تبقى من دمائنا ويفعل هو الآخر كما فعل سلفه ؟ثم نعفو عنه ؟ وتستمر المهزلة وكأننا لقمة سائغة لكل من أراد إذلالنا ،هل ننتظر الجوع والفقر والذل والهوان مرة أخرى ؟ وأين يذهب حق الشهداء ؟ وأين يذهب حق هذا الشعب المسكين؟ وهل الشعب المصرى مهان وذليل ومستكين لهذه الدرجة أن يعفو عمن أذله 30 سنة ، هكذا ببساطة ، حتى ولو كان بطل العالم فى الحرب و السلام ؟ ثم لماذا قامت الثورة إذن ؟ هل قامت الثورة من أجل العفو عن مبارك لأنه مريض وحالته الصحية "تصعب على الكافر"؟ وكأن حالة أمهات الشهداء لا تصعب على أحد , وكأن حالة فقراء مصر أحسن من حالة مبارك ؟، ثم أين نضع هيبة القضاء المصرى التى وضعت - فى عهد مبارك - تحت النعال ؟ إنكم معشر العقلاء بمجرد نداءاتكم بالعفو عن مبارك ، تريدون الإذلال والمهانة للقضاء المصرى . أيها السادة الأفاضل يا من تطالبون بالعفو عمن لم يعف عنا حتى مرضنا فى عهده بالكبد وبالفشل الكلوى بسبب مياه ملوثة وطعام مسرطن بينما هو والذين معه يشربون المياه المعدنية، ويتناولون أفخر الأطعمة . يا من تطالبون بالعفو عمن اعتقل الفكر والعقل المصرى . يا من تطالبون بالعفو عمن كانت الصلاة فى عهده ذنب واللحية فى عهده ارهاب وخروج عن الملة . يا أفاضل ...دعوا القضاء يقول كلمته واتركوا القانون يأخذ مجراه الطبيعى ...أليس هذا هو القانون الذى به حكمونا وعذبونا واضطهدونا وباسمه زوروا الانتخابات والارادة المصرية ،وجعلوا الحق باطلا والباطل حقا؟ نحن لسنا ضد مبارك وحده كشخص ولكننا ضد الظلم وأهله جميعا والقمع و القهر وأعوانهما فإن كان مبارك قد ظلمنا وقهرنا وقتل أبناءنا ، وهذا بالقانون والقضاء وحكم المحكمة، فليكن جزاؤه ما يحكم به القضاء إن كان سجنا أو إعداما أو ما تحكم به المحكمة . ولماذا لا يحاكم مبارك وهو الذى طالما نادى فى أكثر من خطاب له بسيادة القانون وأنه لا أحد فوق القانون .هل ينادى هو بذلك وتريدون أن تضعوه أنتم فوق القانون ؟ما لكم كيف تحكمون؟ إن ثورة المصريين فى يناير ما قامت إلا لإعادة الحق والعدل و رفع الظلم عن شعب ظلم واضطهد ثلاثين عاما لا لكى تعفو عن أحد . دعونا ننحى العواطف جانبا ونحكم عقولنا وننتظر كلمة الحق والعدل ،فما كان العدل يوما إذلالا وما كان الحق يوما باطلا. هشام الجوهرى