جاء حكم محكمة القضاء الإداري بأحقية المصريين في الخارج بالتصويت خلال الانتخابات البرلمانية القادمة، مصحوبا بمخاوف لدى العديد من القوى السياسية من أن "يفتح هذا القرار الباب لتلقى تمويل خارجي من قبل الناخبين في الخارج، قد تؤثر على سير العملية الانتخابية". ويرى عدد من الخبراء السياسيين أن مثل تلك المخاوف "مبررة في ظل وجود بعض الدول المناهضة للثورة، مثل الدول النفطية والتي قد تعمل على إجهاض الثورة من خلال التأثير على إرادة الناخبين المقيمين على أراضيها". قال د. نبيل عبد الفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن فكرة التمويل الخارجي "أحد المتغيرات التي يمكن تصورها، وتحديدا بالنسبة لبعض الدول العربية مثل السعودية والخليج العربي، التي تتخذ موقفا مناهضا للثورة المصرية منذ البداية" ، مضيفا "تلك الدول قد تستخدم المال السياسي للتأثير على توجهات الناخبين المقيمين فيها للتصويت لصالح بعض القوى الإسلامية أو القوى المحافظة المؤيدة لصالح الرئيس السابق.. والتلويح بإنهاء العقود للعاملين هي الأداة الثانية التي ستلجأ إليها تلك الدول لمنع الناخبين من التصويت لصالح القوى الليبرالية الثورية". على الجانب الآخر أوضح عبد الفتاح: "استبعد أن يوجه مثل هذا التمويل في الدول الغربية سواء أمريكا أو أوروبا، لأن الناخبين المقيمين في هذه الدول حصلوا على مستوى تعليم ومعيشة جيد، يجعلهم قادرين على اختيار المرشح الأفضل والقادر على خلق تحول ديمقراطي حقيقي للدولة. وتابع "الخوف من مصطلح (أقباط المهجر) والذي قد يتلقى تمويلا خارجيا لاختيار المرشحين، غير مبرر لأن اختيارات أقباط المهجر ستتجه بصورة أكبر للقوى السياسية الثورية والليبرالية". ويعتبر رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية الدكنور ضياء رشوان، أن مناقشة فكرة تلقى المصريين في الخارج تمويل خارجي، يؤثر على عملية التصويت الانتخابي "سابقة لأوانها" مبررا الأمر،باستحالة تنفيذ قرار تصويت المصريين في الخارج. وقال رشوان "إصدار محكمة القضاء الإداري قرار السماح للمصريين في الخارج بالتصويت، لا يعنى تنفيذه، لأن هناك عدة معوقات لتنفيذ هذا القرار، مثل.. لمن سيصوت المصريين في الخارج، وكيف سيتم تمثيل جميع الدوائر الانتخابية والبالغ عددها 46 للقوائم و83 للمقاعد الفردية". وأضاف "من الممكن أن يصوت المصريون في الدول الأجنبية لمرشحي الرئاسة، ولكن في الانتخابات البرلمانية، الأمر مستحيل لأن اللجان الانتخابية تطبع استمارات التصويت بعدد الناخبين في كل دائرة، بعد أن يتم حصرهم في مصر، ولكن في الخارج لا تمتلك القنصليات أو السفارات الأجنبية حصرا دقيقا وشاملا لعدد المصريين المهاجرين". ويتوقع رشوان أن "يؤدى هذا الأمر إلى الطعن على نتائج الانتخابات بالكامل، بسبب عدم كفاية الاستمارات"، ويشير إلى أن "أبرز المشاكل أيضا، هو كيفية الانتخاب"، متسائلا "كيف سيتم ذلك.. هل من خلال تمثيل مقاعد للمهاجرين، وهو ما يتطلب تغيير في نصوص القانون.. أم من خلال وضع 109 صناديق انتخابية داخل كل قنصلية مصرية، وهو العدد الذي يمثل عدد الدوائر الانتخابية فردى وقوائم حزبية". و رفض د. جمال زهران، أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بورسعيد، فكرة وجود تمويل خارجي للناخبين المصريين في الخارج، بهدف التأثير على نتائج العملية الانتخابية، معتبرا أن ترديد مثل هذه الأقاويل "هدفه الأول والأخير، هو التشويش على الحكم القضائي الصادر بحق المصريين في التصويت". وأضاف "التشكيك في وطنية الناخبين المهاجرين، وإثارة الشبهات حولهم، أمر مستبعد، ولا أعلم ما سر الاهتمام بالحديث عن تمويل خارجي، دون الاهتمام بالحديث عن التمويل الداخلي والذي قد يفسد العملية الانتخابية بأكملها". وقال زهران "المصريون فى الخارج ظلوا لعقود طويلة محرومين من صنع المستقبل السياسي لبلدهم، وأخيرا سنحت لهم الفرصة، بعد أن نصفهم القضاء الإداري بحكم تاريخي، وعدم تنفيذ هذا الحكم بشكل كامل، يؤدى إلى إبطال الانتخابات".