في كل مرة يظهر فيها اسم محمد صلاح في الأفق، يتبادر علي الفور في الأذهان مدي التأثير القوي الذي فعله هذا النجم الخلوق في الملاعب الأوروبية بصفة عامة والإنجليزية بصفة خاصة، وهو ما نطلق عليه "القوة الناعمة" التي تزلزل وتؤثر في وجدان الآخرين أكثر من مجهود سنوات، وربما لا تفعله الدبلوماسية مع الدول الأخرى. وأعتقد أن هذه الهدية التي حبا الله بها الجماهير المصرية بكل ما تحمله من مقومات فنية وأخلاقية تجعله يستحق ليس فقط رفع القبعة له، بل أحقيته في الحصول علي الكرة الذهبية التي غابت عن جدران الكرة المصرية منذ عام 1982، عندما حصل عليها نجم مصر الأسطورة السابق ورئيس النادي الأهلي الحالي محمود الخطيب، فلا جدال وبدون محاباة فإن "بيكاسو الكرة المصرية" أصبح أحق بهذا التتويج ، فمن الناحية العملية قاد مصر لنهائيات الأمم الأفريقية، ثم إلى نهائي البطولة نفسها في الجابون، ومن بعده الحدث الأهم بالصعود إلى مونديال روسيا للمرة الأولى منذ 28 عاما، في إنجاز فريد من نوعه، ناهيك عن الطفرة التي أحدثها مع فريق ليفربول سواء في الدوري الإنجليزي أو دوري الأبطال، وصدارته لقائمة هدافي "البريمييرليج" عن جدارة واستحقاق. ولا جدال أن صلاح صاحب الملامح الهادئة والبريئة لم يجد صعوبة في اختراق قلوب الإنجليز، ليس فقط بمهاراته ولكن أيضا بأخلاقه العالية، خاصة أن الجميع يدرك أن بريطانيا لديها شعور دائم بأن مصر جزء لا يتجزأ منها علي ضوء تاريخ استعمارها للمحروسة. في الحقيقة الكلام عن هذا النجم المحبوب لا يقتصر علي المستطيل الأخضر وما يفعله بداخله، بل أن له بصمات رائعة خارجه أيضا سواء من الناحية الإنسانية أو الاجتماعية ليس فقط فيما يخص أسرته، ولكن أيضا قريته وكافة المحيطين به، فقد أثبت أن النجومية ليست بالكلمات البراقة أو التصريحات المنمقة بل بتصرفات تليق بحجم النجومية التي حباه الله بها، وجعلت الجماهير الإنجليزية تنحني له احتراما وتقديرا من مباراة لأخري، وأصبح إسم صلاح ليس مجرد نجما للكرة بل ظاهرة تستحق الاحترام والتشجيع باعتباره نموذج رائع في كل شيء للجيل الجديد.