انتظرت قليلا حتي تهدأ أجواء الفرحة الطاغية التي أحاطت بصعود مصر التاريخي الي نهائيات كأس العالم بعد غياب 28 عاما , فالقراءة الصحيحة للمشهد الرائع الذي تابعته علي شاشات التليفزيون كانت تتطلب بعض التأني حتي يصبح للكلام معني , وعندما اقتربت من الصورة قليلا , وجدت ان هذا النجم الشاب الساطع محمد صلاح هو الصاحب اللقطات المضيئة في اللقاء ليس بهدفيه التاريخين فقط , ولكن برد فعله غير الطبيعي الذي صدر منه بعد هدف الكونغو في الوقت القاتل من اللقاء , ففجاء يسقط علي الارض في حالة تشبه الانهيار ثم ينهض ويرفع يده الي السماء داعيا ان يحقق الله حلمه وحلم كافة ابناء المحروسة , وكان صوته المكتوم يرن في اسماع كل من في الملعب وكان سببا في استنفارهم وخروجهم من حالة الحزن التي دبت في القلوب والعقل, الي ان جاءت لحظة الانتصار في الثوان الاخيرة لترتسم الفرحة علي الشفاه من ادني مصر الي اقصاها. ولا جدال ان صلاح حقق المعادلة الصعبة التي افتقدها الكثير من النجوم الموهوبين السابقين , فهو لا يملك فقط قدمين تزن ذهبا بل ان له قلبا له نفس الوزن من هذا المعدن النفيس , وهو ما تعكسه اعماله الخيرية في كل جانب من قريته نجريج التي ولد ونشأ فيها , ولا يزال مرتبطا بها حتي الان , وايضا اسرته صاحبة الايادي البيضاء في تربيته بهذا الاسلوب المتدين الخلوق , وجعلته يبدو مثالا رائعا لكل شباب مصر سواء في الداخل او الخارج , بدليل الحب الجارف له من الجماهير في المحروسة او حتي خارجها ممثلا في مشجعي ليفربول التي تشعر بالفخر والامتنان لوجود نجم بهذه الامكانيات والاخلاق ضمن صفوف فريقها.
واعتقد ان كلمة "شكرا" التي وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا النجم الخلوق خلال حفل تكريم المنتخب بعد التأهل للمونديال كانت خير تعبير عما يجيش في نفوس المصريين كلهم تجاه صل اح لما يقدمه داخل الملعب وخارجه , ودليل واضح علي ان الله لا يضيع عمل من احسن عملا , طالما انه يؤديه باخلاص وتفان , وهو ما فعله هذا اللاعب المحترم .. فشكرا .. والف شكر.