تعاني الدراما المصرية بإجماع الآراء من أزمة في الكتابة بالرغم من وجود كم كبير من المسلسلات على مدار العام.. مما جعل بعض المؤلفين والمخرجين والمنتجين والنجوم يلجأون إلى التقليد أو الاقتباس سواء من بعض الروايات أو الأعمال الأجنبية.. والبديل يكون أسوأ بتقديم أعمال متهمة بأنها بلا محتوى جيد.. كل ذلك جعل بعض النجوم يعانون من أجل الحصول على نص درامي جيد يشاركون به في دراما رمضان.. فهل هناك أزمة بالفعل في الكتابة والإبداع؟.. فلماذا ظهرت هذه الأزمة في السنوات الأخيرة.. لو نظرنا إلى الأعمال التي حققت نجاحا كبيرا في الفترة الأخيرة نجدها مقتبسة، وعلى رأسها مسلسل" جراند أوتيل" لعمرو يوسف، والذي تم اقتباسه ومعالجته دراميا من النسخة الأصلية الأسبانية التي تحمل اسم "El hotel de los secretos"، ومسلسل" ونوس" للنجم يحيى الفخراني مأخوذ من النص المسرحي الألماني "شذرة فاوست"، ومسلسل" أفراح القبة" بطولة منى زكي مقتبس من رواية لنجيب محفوظ تحمل نفس الاسم بجانب الفيلم الأمريكي "birdman"، ومسلسل" الخروج" لشريف سلامة تقليد للمسلسل الأمريكي" seven"، ومسلسل" فوق مستوى الشبهات للنجمة يسرا مقتبس من قصة المسلسل الأمريكي الشهير" زوجات يائسات"، ومسلسل" سقوط حر" لنيللي كريم مأخوذ من الفيلم الأمريكي" choser"، ومسلسل" الأب الروحي" لمحمود حميدة وهو مأخوذ عن الفيلم العالمي "The Godfather" وبعيدا عن المسلسلات التي عرضت مؤخرا هناك أعمال أخرى كانت مقتبسة من أعمال أجنبية منها مسلسل" لعبة الموت" المأخوذ من فيلم "Sleeping with the enemy"، ومسلسل" تشيللو" المأخوذ من الفيلم الإنجليزي" Indecent Proposal"، ومسلسل" العرّاف" مقتبس من فيلم" Catch me if you can"، ومسلسل" هبة رجل الغراب" والذي يعرض منه الجزء الرابع حاليا مقتبس من المسلسل الأمريكي"Ugly Petty"، ومسلسل" طريقي" للمطربة شيرين مأخوذ عن المسلسل الكولومبي" صوت الحرية"، وقدّم الفنان يوسف الشريف مسلسلين مقتبسين هما" الصياد"، ومسلسل" القيصر" المقتبس من فيلم ليوناردو"العائد من الموت"، وقدمت هند صبري مسلسل" حلاوة الدنيا" المقتبس من مسلسل أسباني". المؤلف تامر حبيب قدم من قبل مسلسلين مقتبسين هما" طريقي" و" جراند أوتيل" بجانب مسلسل" لا تطفئ الشمس" عن رواية للأديب الراحل إحسان عبد القدوس.. ويقول: ليس عيبا أو اتهاما أن نستخدم أعمال عالمية ونقدمها في معالجة، درامية، ويحدث هذا هو جميع أنحاء العالم، فمسلسل" جراند أوتيل" على سبيل المثال تمت معالجته في العديد من المسلسلات في دول عديدة، ونحن قدمنا النسخة العربية، والشركة المنتجة للمسلسل قامت بشراء هذا الحق من أصحاب العمل الأصلي، ولم أكتب أنه من تأليفي، وهذا ما حدث في مسلسل" طريقي" المأخوذ عن عمل كولومبي، ولكن في النهاية أقدم العمل بشكل يليق بالبيئة المصرية، وليس مجرد نقل العمل، وهذا أمر ليس سهلا حتى لا يتهمنا أحد بالاستسهال، وإذا شاهد الجمهور النسخ الأصلية للأعمال التي أقدمها سيعرف حجم المجهود الذي نبذله في تقديم عمل يناسب المجتمع المصري والعربي، فهناك رؤية فنية جديدة ومختلفة نقدمها في العمل. أما المخرج محمد فاضل فيقول: بالطبع هناك أزمة في الكتابة، وأرى أن هناك فقر في الإبداع وغياب للمواهب في الكتابة، مع ظهور ما يسمى بورش الكتابة التي لا يخرج منها إبداع، لأن كلاً من المشاركين فيها له أسلوبه في الكتابة ورؤيته، وفي النهاية يخرج عمل درامي فقير أو متوسط المستوى كما هو الحال في أغلب الأعمال الدرامية الآن، ومن هنا كان الاقتباس من الأعمال الأجنبية المخرج الوحيد لهم، وهذا عكس الاقتباس من الأعمال الأدبية، فيرتبط ارتفاع مستوى الأعمال الدرامية بعلاقة الدراما بالأدب، باعتبار أن الأدب والرواية هما أساس الدراما، بدليل أن أنجح الأعمال هي المقتبسة من أعمال أدبية، وأنا مع هذا الاقتباس الأدبي ويقول الناقد الفني طارق الشناوي: أصبحت عدوى التقليد هي السائدة في صناعة الدراما المصرية، ولكي نكون منصفين يجب أن نؤكد أن هناك أعمال تفشل وأخرى تحقق نجاحا، فمسلسل" جراند أوتيل" حقق نجاحا كبيرا بسبب العمل عليه جيدا والمجهود الذي بذله تامر حبيب في المعالجة الدرامية التي تناسب مجتمعنا، فالاتهام بالاقتباس لا يكون دائما في محله، ولكن في نفس الوقت هناك بعض المؤلفين يستسهلون ويلجأون إلى اقتباس الفكرة وتقديمها كما هي، هذا بجانب أن هناك من يتجاهل ذكر العمل الأساسي الذي تم الاقتباس منه، وهذا عمل غير أخلاقي، وفي كل الأحوال هناك أزمة في الكتابة بالفعل، وقيام الكاتب بالاقتباس بسبب الكسل واللعب في المضمون ومحاولة نقل عمل ناجح في الخارج، وهذا يعني أن هناك قصور لدى المبدعين في ابتكار أفكار جديدة، فصحيح أن العالم كله يوجد به اقتباس ولكن يكون بنسب بسيطة وليس كما هو الحال لدينا، وأخشى أن يتحول الاقتباس إلى سرطان يسري في الجسم كله ونجد كل الأعمال مقتبسة بعد ذلك، فيجب أن يكون هناك إبداع وأفكار مصرية خالصة.