بدأت اليوم نيابة شمال القاهرة التحقيق فى الاتهام الموجه للرئيس السابق محمد حسنى مبارك بتهمة الخيانة العظمى وكان الدكتور عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادى المعروف ورئيس مركز النيل للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية قد تقدم ببلاغ للنائب العام يتهم فيه الرئيس السابق وعدد من رموز نظامه بالخيانة العظمى والحنث باليمين الدستورى والعمل ضد مصالح والاتجار فى السلاح بعقد صفقات مشبوهة مع المخابرات الأمريكية واتهم عبد الخالق فاروق الرئيس السابق فى بلاغه بأنه أضر بمصلحة مصر وساهم فى طغيان سيطرة رأس المال على السلطة. وكان عدد طالب من المدعين بالحق المدنى وأعضاء لجنة الحريات بنقابة المحامين مجلس الشعب بضرورة إصدار تشريع لمحاكمة الرئيس المخلوع وأركان نظامه بتهمة الخيانة العظمى وتفعيل التشريعات القديمة ذات الصلة بهذه التهمة .. فهل هناك بالفعل قانون يتصل بتهمة الخيانة العظمى ومتى يكون الرئيس أو الوزير خائنا لوطنه؟ من خلال البحث وجدنا أن القانون الوحيد الذى نص على جريمة الخيانة العظمى وحدد عقوبتها هو القانون رقم 247 لسنة 1956 وتم نشره بالجريدة الرسمية فى 14 يونيو من نفس العام وكان قد صدر بشأن محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء حيث نص هذا القانون فى مادته السادسة على معاقبة رئيس الجمهورية بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة إذا ارتكب عملا من أعمال الخيانة العظمى أو عملا يشكل خروجا عن الولاء للنظام الجمهوري وحدد القانون شكل الخروج عن النظام الجمهوري فى أمرين: - الأول: العمل على تغيير النظام الجمهورى إلى ملكى. - الثانى : وقف العمل بكل أو بعض أحكام الدستور والتلاعب بنصوصه لأغراض السيطرة والنفوذ أو تعديل أحكامه على غير ما تتطلبه الإجراءات المتبعة إلى جانب الفساد السياسى المتصل باستغلال النفوذ والتدخل فى الانتخابات ومخالفة القوانين وما شابه هذه الصور .. ونص القانون على أن يتولى محاكمة رئيس الجمهورية ووزراءه محكمة عليا تشكل من 12 عضوا نصفهم من أعضاء البرلمان والنصف الثانى من مستشارى محكمة النقض ومحاكم الإستئناف. واهتم القانون بتحديد جريمة عدم الولاء للنظام الجمهوري وترك تهمة الخيانة العظمى للتأويل والتفسير وإن كان قد وضع لها عقوبة تصل للإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبد وكان مفهوم الخيانة العظمى فى زمن صدور القانون يتصل بقيام الرئيس بخيانة وطنه بالعمالة لدولة أجنبية وعدم الولاء للوطن والغدر به وتوريطه خارجيا فى احتلال أو حروب أو ما شابه والغدر وعدم الإخلاص والعمل ضد مصالح البلاد.. ولهذا دعا بعض الخبراء لاستبدال مفهوم الخيانة العظمى بخيانة النظام الجمهوري حتى تتم إعادة محاكمة الرئيس المخلوع وأركان نظامه وفق هذا المفهوم الذى حدده القانون بالكامل . وفى هذا الإطار يقول الدكتور عادل عامر الخبير القانونى ومدير مركز المصريين للدراسات القانونية والاجتماعية والسياسية: أن القضاء لم يكن يستطيع الحكم في قضية قتل المتظاهرين لشيوع الجريمة وأنه ما كان ليصل إلى حكم مقبول في هذه القضية إلا عن طريق أمرين لا ثالث لهما؛ الأول بعمل محاكم ثورية . والثانى بأن تتم محاكمة مبارك والعادلي بتهمة الخيانة العظمى .. كما أنه لا توجد صفة تستوجب الحكم على نجلي مبارك علاء وجمال بتهمة قتل المتظاهرين حتى لو صدرت منهم أوامر بذلك لأنهما ليس لهما صفة رسمية. والخطأ في توصيف التهم يتحمل عبأه المحللون من مناصري حقوق الإنسان الذين لم يطالبوا بتوصيف تهمة الخيانة العظمى وليس للمجلس العسكري الذي لم يتدخل في سير المحاكمة بأي صورة ولا بيد المحامي العام الذي يعتبر محامي مدني لا يملك توجيه مثل هذه التهمة.