ليس من قبيل الأحلام أو الخيالات أن نتمني أن يكون العام الجديد هو الأحسن.. عام بلا أزمات ولا مشاكل مستعصية، وأن ترتفع المستويات المعيشية للناس، وأن تتحسن أحوالهم، ليشعروا بمزيد من الأمل والتفاؤل والطمأنينة علي المستقبل. ليست أحلاما وردية ولا شعارات براقة، ولكن هناك مقدمات تشير إلي أن 2011 سيكون عام انفراج الأزمات وإزاحة سحب ضبابية كثيرة تخلفت عن 2010، علي مختلف الأصعدة، وأن تتراجع موجات التشكيك واليأس والإحباط، لتحل محلها الثقة المبنية علي أسباب موضوعية. الرئيس دائما مع الفقراء والبسطاء ولا يتخذ قراراً إلا لصالحهم والدفاع عنهم عام «لم الشمل الوطني» إذا استطاعت الأحزاب أن تضمد جراحها وترتفع فوق أحزان المعركة الانتخابية مستقبل مصر في وحدة شعبها وفي الضرب بيد القانون علي محاولات الوقيعة عام المبادرات الجريئة التي تستهدف «لمّ الشمل الوطني» وإعادة اللُّحمة ونسيان ما فات، وبداية مرحلة جديدة من التفاهم والحوار علي الصعيد السياسي، حتي تستطيع الأحزاب أن تضمد جراحها وتنهض من كبوتها، وتعيد تنظيم صفوفها واستنهاض عزيمتها. --- الدولة المدنية هي الأرضية المشتركة أسباب التفاؤل أكبر بكثير من عوامل الإحباط، وفي صدارتها أن البلاد يقودها ربان ماهر وزعيم تاريخي، يمضي بها إلي بر الأمان في أحلك الأزمات، ولديه القدرة الفائقة علي احتواء العواصف والأنواء بهدوء وصبر وحكمة. يستقبل الرئيس العام الجديد بخطط طموحة وبرنامج رئاسي يحقق الموجة الثانية من الإصلاحات السياسية والاقتصادية.. ويحتاج هذا البرنامج إلي مشاركة فعالة من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية، ولن يتحقق ذلك إلا إذا تجاوزت الأحزاب أحزانها الانتخابية، ووضعت مستقبلها أمامها وليس وراءها. الجميع يقف علي أرضية مشتركة أساسها إرساء معالم الدولة المدنية، التي تجنب البلاد مخاطر الفتن الدينية والصراعات الطائفية، ومخطئ من يتصور أنه سيكون في أبراج مشيدة عن مخاطر الدولة الدينية، فأول من يدفع الثمن هو الأحزاب السياسية نفسها. منذ أول خطاب للرئيس إبان توليه السلطة حتي خطابه الأخير في نهاية العام، وهو ينادي بالتعددية السياسية وتوسيع دائرة المشاركة، وأن تنظم الأحزاب صفوفها وتعيد اكتشاف كوادرها، وتتسلح بخطاب سياسي يخاطب الجماهير ويستحوذ علي تأييدها وأن تدرس التجارب وتعي دروسها وتستفيد منها. -- مصر وطن لكل المصريين الأرضية المشتركة تشمل أيضا ترسيخ مبدأ المواطنة، وآن الأوان أن يكون 2011 هو عام فتح الجراح وتطهيرها، وتضميدها واقتحام المشاكل الحساسة بجرأة وشجاعة، حتي ينزاح هاجس الظلم عن كاهل الأقباط، ويشعروا أنهم شركاء في الوطن، وفي المستقبل والمصير، وأن هويتهم المصرية هي السياج الآمن الذي يحتمون به، وليس الاستقواء بالخارج. 2011 يجب أن يكون عام مبادرات الوحدة الوطنية، وتفعيل من نصوص دستورية قاطعة وحاسمة، تمنع ممارسة العمل السياسي علي خلفيات دينية، وتعيد إلي الآفاق ذلك الشعار الجميل الذي نسيناه «الدين لله والوطن للجميع». تتميز الأحزاب الشرعية بأن الوحدة الوطنية بالنسبة لها خط أحمر، ولكن لا يجمعها عمل مشترك ولا مبادرة واحدة لتفعيل هذا التوجه الوطني، الذي يسد الطريق علي المناورات والمؤامرات التي تطل برأسها علي البلاد من حين لآخر، ويتم استغلالها بأسوأ صورة. مستقبل مصر في وحدة شعبها، وفي إخماد نيران الفتن الصغيرة، وفي الضرب بيد القانون علي كل محاولات الوقيعة، لا مسلم ولا مسيحي، بل مصري، يحب وطنه، ويعلي شأنه ويرفع علمه، ويلجأ إليه ليحمي نفسه وأولاده وممتلكاته وحياته، ومصر ليست بلداً للمسلمين، أو الأقباط، بل هي وطن كل المصريين لا تفرقة بينهم بسبب دين أو جنس أو عرق. --- الفقير لا يعرف كيف يحب وطنه ليس من قبيل الأحلام الوردية أن يحلم الفقراء والبسطاء ومحدودو الدخل بمستقبل أفضل، وقد عاهد الرئيس المصريين بأن يكون 2011 هو عام قطف الثمار، ووصول نتائج التنمية إلي الفئات التي لم تصلها حتي الآن، فهذا هو حقهم في حياة كريمة، تتوافر فيها احتياجاتهم الأساسية في المأكل والملبس والمسكن والعمل، وأن يبتعد شبح الفقر المخيف عن غالبية المصريين. ليست وعودا، لكنها برنامج رئاسي طموح، يبني فوق ما تم تحقيقه، ويكرس الإيجابيات ويعالج السلبيات، ويحافظ علي نسب النمو المرتفعة التي تخلق فرص عمل وتفتح بيوتا، وتغرس في النفوس معني الحب الحقيقي للوطن، عندها يكون للأجيال الشابة أمل في العمل والمسكن وتكوين أسرة، لأن الفقير لا يعرف كيف يحب بلده، بينما هو غير قادر علي توفير احتياجاته الأساسية. الرئيس دائما مع الناس، مع الفقراء والبسطاء، يدافع عنهم ولا يتخذ قراراً إلا لصالحهم، ولم يكن المصريون في يوم من الأيام حقلاً للتجارب أو المغامرات أو ضحية للزعامات، ومهما كانت الظروف الصعبة والمشاكل والتحديات التي تمر بها البلاد، فهي أحسن حالا بكثير عن غيرها من الدول الأكثر غني والأقل سكانا. --- عام الانتخابات الرئاسية ليس أحلاما أن يكون مستقبل البلاد آمناً ومستقراً، رغم حملات التشكيك ودموع التماسيح حول مستقبل الحكم في مصر، بينما الدستور نفسه يكفل إجراءات واضحة وحاسمة، وتجعل هذا الأمر محاطا بكل الضمانات والتطمينات. 2011 هو عام الانتخابات الرئاسية التي يجب أن تكون عيداً حقيقياً للديمقراطية، في التجربة الثانية لاختيار الرئيس بالانتخاب الحر المباشر بدلاً من نظام الاستفتاء الذي ظل معمولاً به منذ قيام الثورة، وأصبح الطريق ممهداً أمام الأحزاب، بشروط ميسرة ليكون لها مرشح رئاسي. سوف تكون الانتخابات الرئاسية أكثر قوة وتنافسية، كلما قويت الأحزاب واشتد عودها، وأصبحت لديها القدرة علي فرز كوادر وقيادات لخوض الانتخابات الرئاسية، فالمنافسة هي التي تحفز علي الابتكار والتطوير والإبداع، وإذا كان طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، فقد قطعت مصر خطوات كبيرة علي طريق الإصلاح وسوف تمضي للأحسن إذا ترسخت ثقافة الديمقراطية في وجدان وضمير المصريين. --- المفاتيح السحرية لزعامة مصر القادم أحسن، والمهم هو أن يتسلح الوطن بهويته وأوراق قوته، بدلا من حملات البكاء والنواح والاسطوانة المشروخة حول تراجع دور مصر وتقهقرها وتخليها عن قضاياها الوطنية، وغير ذلك من الافتراءات، التي لا يفرق أصحابها بين النقد الموضوعي الذي يرتفع بقيمة الحوار، وبين دعاوي الهدم التي تضرب في الصميم عوامل التميز المصري. مصر هي الباقية والأشخاص زائلون، وزعماؤها ليسوا موضعا لمنافسات تاريخية، وجميعهم لم يكن لهم هدف ولا غاية غير إعلاء قيمة هذا الوطن ورفع شأنه وتعظيم دوره، أما الحكم علي الحاضر والمستقبل بالمقارنة بالماضي، ففي هذا تجن علي مصر نفسها، قبل أن يكون فيه مساس بزعمائها. مصر تكتسب دورها ومكانتها باحترامها لتاريخها، وترفعها عن الصغائر، وبتبنيها سياسة الاحترام المتبادل بين الدول والشعوب، فلا تدس أنفها في شئون لا تعنيها، تجمع ولا تفرق، تصون ولا تبدد، تحمي ولا تهدد، وهذه هي المفاتيح السحرية التي أكسبتها الثقة والاحترام. هذه هي السياسات الثابتة التي لا يحيد عنها الرئيس مبارك منذ توليه الحكم، لأن الزعامة عنده أفعال وليست أقوالاً، التزام وليست خطباً، وقدرة فائقة علي التفاعل الدقيق مع كل الظروف والملابسات التي تطل برأسها علي المنطقة، فاستطاع أن ينزع عن هذا الوطن فتائل الخطر أولاً بأول. --- ليس من قبيل الأحلام أن نتمني أن يكون 2011 فاتحة خير علي هذا الوطن، ولكن المهم أن يخلع المتشائمون نظاراتهم السوداء، فالشعوب المحبطة لا تجيد البناء ولا تصنع المستقبل.
وكان يجب أن يفوز الأهلي الفائز في مباراة القمة هو اللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة، بعد أن خرج جمهور الناديين منكسي الرءوس والأعلام، في ليلة حزينة، أضاع فيها الأهلي فوزاً كان يستحقه، بالمجهود وليس بعدد الفرص، وتوطنت في جمهور الزمالك عقدة الأهلي المزمنة، وتأكدوا أنهم يحتاجون معجزة من السماء ليفوزوا علي الأهلي.. وكأن الجمهور فص ملح وداب في شوارع القاهرة. أولا: عاش جمهور الزمالك قبل المباراة أياماً من الأحلام الجميلة، بعد أن وضع حسام وشقيقه إبراهيم في بطونهم بطيخة صيفي في عز الشتاء، وفازوا بالمباراة قبل أن تبدأ بالتصريحات والحروب الإعلامية، ثم نزلت المباراة عليهما برداً وصقيعاً ولسان حالهما يقول «لا حول ولا قوة إلا بالله». ثانياً: تم إبطال مفعول الساحر شيكابالا، فقد القدرة علي القيام حتي بألعاب السحرة «كي جي ون».. وكان في الملعب نسمة ناعمة، تتحطم دائما علي أقدام مدافعين أشداء، عاهدوا الله علي قطع المياه والنور عنه أولاً بأول، فسدوا نفسه، وجعلوه يكره اليوم الذي لعب فيه الكرة. ثالثاً: أصاب سهم الله حازم إمام ومحمد إبراهيم وعمر جابر فتاهوا في الملعب هائمين علي وجوههم، مثل «مسعد» في رائعة صلاح جاهين «الليلة الكبيرة» الذي «يزوغ» دائما بحثاً عن «شارع الترماي» هربا من فتوات «التياترو» الذين يضبطونه متسللا وسط الزحام. رابعاً: لو كان الثلاثي عمرو الصفتي وأحمد غانم وحسن مصطفي في حالتهم الطبيعية، لدخلت مرمي الزمالك أهداف كثيرة، ولكن الغريب والعجيب أنهم أجادوا علي غير عادتهم في مثل هذه المباراة، وكان الجمهور يضع يده علي قلبه من مقالبهم السخيفة. خامساً: أبوتريكة استرد ذاكرته فكان يجري مثل الرهوان ويلتحم ويكشر عن خشونته، ونفس الشيء بالنسبة لسيد معوض وحسام عاشور ووائل جمعة وأحمد فتحي، فلعبوا المباراة وكأنها تسجيل لأيام العز والانتصارات وروح الفانلة الحمراء. سادساً: المدربان.. حسام حسن لم يكن يريد الهزيمة وعبدالعزيز عبدالشافي لم يكن يريد الفوز.. الأول حشد دفاعاته وعالج الشوارع الواسعة التي يخترقها لاعبو الأقاليم ويسجلون في مرمي عبدالواحد بالاثنين والثلاثة.. والثاني، ظل فريقه يجري في «الملعب جري الوحوش، وغير التعادل ما يحوش»، ورغم السيطرة المفرطة للأهلي، إلا أن عبدالواحد السيد لم يصد قذيفة قوية، ولم يقطع هجمة خطيرة. سابعاً: لاعبو الزمالك خذلوا حسام، وعبدالعزيز عبدالشافي خذل لاعبي الأهلي، حسام كان يحلم بليلة رأس سنة سعيدة، فخرج مكبوساً «عشم إبليس في الجنة».. وعبدالشافي جاء للأهلي بطلعت من وراء دكة الاحتياطي، فصار مثل شمشون الذي يفقد قوته إذا حلق ديل حصانه.. فخرج الاثنان غير راضيين عن النتيجة الباهتة. ثامناً: أنقذ الله البلاد والعباد من خبراء «التحاليل الرياضية»، الذين فتحوا الهواء قبل المباراة بأربع ساعات أو خمس، وهات يا رغي قبل أن تبدأ المباراة عن عبقرية حسام في التشكيل علي طريقة مسرحية «تخاريف»، وعن فيلم «شيء من الخوف» الذي يعيشه عبدالعزيز عبدالشافي.. وبعد المباراة انجعص معظمهم علي مقاعدهم غير المريحة، وكل واحد يؤكد «أنا قلت الكلام ده وتوقعت سير المباراة». تاسعاً: استيقظ مدرب الأهلي متأخرا، وتذكر هتاف البطولة الأفريقية «عايز تهدو هاتلو جدو» واستحضر حكمة حسن شحاتة الذي يستعين به في آخر وقت ليسجل، لكن جدو بحث عن شحاتة فلم يجده وبالتالي لم يسجل، وقلده عفروتو الذي سحب سحبتين آخر حلاوة، ثم رضي بالتعادل الذي قسمه له الله، وكانت الكرة هي التي تجري أمامه، وليس هو الذي يجري وراءها. عاشراً: التعادل البارد، أنقذ حسام وأخاه من السيوف التي تري أن هناك رءوسا قد أينعت وحان وقعت قطعها، وأبعد شبح جوزيه الذي يحلم بالبساط الأحمر علي جثة عبدالشافي، وبشيء من الصبر والثقة والعروض الجيدة، سوف يكون عبدالعزيز هو مدرب الأهلي في بقية الموسم والمواسم القادمة. يا جمهور الزمالك لا تحزن، فمباريات الأهلي خطي كتبت عليكم ومن كتبت عليه خطي مشاها.. ويا جمهور الأهلي لا تحزن فبدون فلافيو ومتعب، تتساوي الرءوس العاجزة التي لا تستطيع أن تطلق القذائف من أي اتجاه. كانت ليلة جمعة دافئة، ورغم ذلك لم تخرج جماهير الناديين إلي الشوارع، بعد أن أخرست الكبسة حناجرهم، ونكست أعلامهم، أما القلة القليلة المندسة التي خرجت تطلق السارينات في الشوارع، فكانوا يفشون غضبهم. كرم جبر