لم يعد مهما أو كافيا اقامة مشروعات للنقل العام سعيا الي حل مشاكل المرور المستعصية في القاهرة المخنوقه . ان الاهم في هذا المجال يتطلب تشجيع وأقناع المواطنين كل المواطنين علي استخدام هذه الوسائل مما يساهم في تخفيف الضغط علي الشوارع التي تئن من التكدس. من الممكن اتاحة مئات الملايين بل المليارات من الجنيهات لتمويل هذه المشروعات علي حساب احتياجات ضرورية أخري ولكن نتيجة لصعوبة الاستفادة منها فإنها لا تؤتي ثمارها وتضيع في الهواء. اذن فان علي الذين يخصصون هذه الاعتمادات ويفرحون بتحويل الخيال الي حقيقة أن تشمل خطواتهم توفير الامكانات اللازمة التي تسهل وتشجع علي الحد من استخدام وسائل النقل الخاصة لصالح وسائل النقل الجماعي العامة كالقطارات والمترو والاوتوبيسات. هذه الافكار راودتني وانا أتابع الزيارة التي قام بها الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء للاعمال الجارية في انشاء الخط الثالث لمترو الانفاق والذي سيمتد عرضيا في القاهرة علي عكس الخطين الاول والثاني اللذين يقطعان القاهرة طوليا. استمعت اليه وهو يتحدث عن اهمية هذه المرحلة داعيا الي استخدام المترو كوسيلة نقل عامة بدلا من السيارات تجنبا لحالة الاختناق التي تعاني منها الشوارع. اشار الي ان هناك 001 الف سيارة جديدة تنضم الي السيارات التي تجري في شوارع القاهرة بزيادة بلغت 07 الف سيارة عما كان من قبل. قال انه ليس امامنا لمواجهة هذه المعضلة سوي تشجيع اصحاب السيارات الخاصة علي استخدام وسائل النقل العامة. ومع الترحيب بما قاله رئيس الوزراء وتقديرنا للجهود التي بذلت لحل مشاكل المرور وتمنياتنا ان يستجيب الناس لدعوته.. الا أنني كنت أرجو حتي تلقي هذه الدعوة الاستجابة الواجبة أن يعلن عن انشاء مواقف للسيارات عند المحطات الرئيسية للقطارات والمترو والأوتوبيسات العامة مثل ما هو معمول به في الدول التي سبقتنا في مواجهة هذه المشكلة . ان وجود هذه المواقف يعني انه يمكن لصاحب السيارة ان يتركها ضمانا لسرعة الوصول الي مقصده بدلا من تضييع الوقت في الطريق بسبب الزحام المروري وتحمل نفقات الوقود . لابد ان تكون هذه المواقف مجهزة وبرسوم معقولة حتي تكون حافزا لاستخدامها. وليست هذه المواقف وحدها التي يجب الاهتمام بها ولكن هناك ايضا وسائل النقل العام والتي يجب أن تكون نظيفة ومريحة وآمنة. لقد كان يمكن أن يساهم خطا المترو في التخفيف من الازمة المرورية لو استطاعت ادارته الحفاظ علي تجهيزاته ونطافة المحطات والقطارات علي نفس المستوي الذي كانت عليه في الشهور الأولي للتشعيل. لقد كان الناس ينظرون الي هذا المشروع في بدايته باعتباره انجازا حضاريا نموذجيا وتجاوبوا معه بحماس. ولكن وللأسف الشديد فان الكثير من الاشياء الجميلة في مصر لا تبقي أبدا علي حالها وهو ما حدث بالفعل لقطارات المترو التي فقدت بريقها وجمالها بالإهمال وسوء الصيانة والاستخدام وعدم استمرارية الالتزام بالنظام والانضباط الذي كان سائدا سواء من جانب العاملين أو الركاب. في هذا الاطار يهمني ان اقول إنه من الضروري عند اقامة مثل هذه المشروعات الحتمية ان يكون التخطيط كاملا ومتكاملا واضعا في الاعتبار كل ما يقودنا الي النجاح. اننا جميعا نتمني ان يساهم التوسع في خطوط المترو في فك لوغاريتم الازمة المرورية ولكن هذا الامل لا يمكن أن يتحقق ما دمنا لا نملك النظرة المستقبلية القائمة علي التخطيط السليم وهو الامر الذي يذكرنا بالمثل الذي يقول: »ويفسدون الطبخة عشان شوية ملح«؟! جلال دويدار [email protected]