يختلف أمر الفتوى فى المسيحية باختلاف طوائفها.. فكل طائفة لها طريقة خاصة فى تقديم الأسئلة والحصول على أجوبة.. لكن فى العموم لا توجد فتوى فى المسيحية كما هى فى الإسلام.. فمنذ أن نشأت طريقة الأسئلة والأجوبة مع بداية نشأة الصحافة القبطية تطورت إلى كتيبات البابا شنودة ثم إلى أجوبة الفيس بوك. يجمع الكهنة والقساوسة بمختلف الطوائف المسيحية أنه لا يوجد بالمسيحية ما يسمى «بالفتوى» ولكن الأمر يمارس بشكل آخر وبمسميات أخرى. الباحث «رامى عطا» - حاصل على الماجستير فى الصحافة القبطية - أكد على أن الصحف القبطية كان بها باب للإجابة عن الأسئلة الدينية مع نشأة هذه الصحف فى أواخر القرن ال .19 مضيفا ان أقدم نشرة مسيحية أرثوذكسية وهى «النشرة الدينية الأسبوعية» التى صدرت عام 1892 للقمص «يوسف حبشى» وكانت تحتوى على أسئلة القراء والإجابة عنها وعندما توالت الإصدارات مثل مجلات «صهيون» و«الحق» و«نهضة الكنائس» و«الكرمة» وغيرها أصبح باب «السؤال والإجابة» بابا رئيسا فى كل إصدار - كظاهرة عامة - وفى الغالب كان المسئول عن إجابة أسئلة المسيحيين هو القس محرر المجلة.. وهذه الظاهرة مستمرة حتى اليوم، وحول انتشار هذه الثقافة قال لنا أحد كهنة القاهرة - رفض ذكر اسمه - أن الكتاب المقدس يتكون من 66 سفرا غير الأسفار القانونية فأصبحت هناك حاجة لدراسة «اللاهوت» و«الروحيات» و«التاريخ» و«الجغرافيا» خاصة أن المسيحى البسيط غير ملم بكل هذه الأمور، فأصبح من الطبيعى أن يلجأ للقساوسة ليستفسر منهم عن الأسئلة المرتبطة بالعقيدة والطقوس. ولا تسمى فتوى كما هى فى الإسلام إنما تسمى «معرفة» أو «تفسير». وهذا الأسلوب كان موجودا فى القرون الخمسة الأولى للمسيحية بمصر، حيث كانت مدرسة الإسكندرية تقوم على نظام «السؤال والجواب» وبعد تعطلها اعتمد البطاركة على الكتب فى الإجابة عن الأسئلة. وفى العصر الحديث بدأ هذه المهمة «البابا شنودة» منذ أن كان أسقفا للتعليم و«الأنبا غريغوريوس» أسقف البحث العلمى والدراسات القبطية وكان الأنبا غريغوريوس يقدم إجابات ذات طابع لاهوتى علمى فكان عدد الحاضرين قليلا مقارنة بالأنبا شنودة الذى كان له طابع لاهوتى روحى شعبى وعندما أصبح بطريركا استمر فى هذا المنهج حتى الآن فى اجتماعاته وعظاته بالقاهرةوالإسكندرية حيث يجيب عن مختلف الأسئلة «عقائدية وروحية واجتماعية» وبفضل الإعلام والقنوات أصبحت هذه الآراء تنقل لكل المسيحيين. وأكد المصدر أن البابا شنودة يمتلك من الخبرة ما يجعله يجيب عن أنواع مختلفة من الأسئلة. وقد أصدر سلسلة من الكتب بعنوان «سنوات مع أسئلة الناس» تتضمن إجاباته لهذه الأسئلة منذ أن كان أسقفا لكى تكون فى يد الجميع. وحول المسئول عن تقديم الإجابات أو «المعرفة» قال: البطريرك والأساقفة والكهنة لذلك لابد أن يكونوا على قدر كبير من الإلمام بأمور العقيدة والكنيسة إلماما علميا كافيا، حيث يعبر المجيب عن رأى الكنيسة لا رأيه الشخصى وكذلك لابد أن يكون صاحب «الإجابة» ملما بكل قرارات المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية. المجمع يتكون من كل أساقفة الكنيسة ويحتوى على لجان لدراسة العقيدة والطقوس إلى آخره، وتصل كل لجنة إلى قرارات بعد الدراسة والفحص لابد أن يعرفها الكاهن قبل أن يجيب عن الأسئلة بحيث تكون متوافقة مع قرارات المجمع وتعبر عن رأى الكنيسة. وحول تعريف الحلال والحرام فى المسيحية قال: يوجد أمران: الأول الخاص بالحلال والحرام ويدخل فى المسيحية تحت بند الوصايا العشر.. فالوصايا تقول: لا تزن، إذن الزنى حرام. الأمر الثانى هناك ما يليق وما لا يليق، وهو ما يتعلق بأمور الحياة، بمعنى أن المسيحيين عندما كانوا يعيشون فى أوساط وثنية، وكان الوثنيون يقدمون ذبائح للأصنام، سأل المسيحيون «بولس الرسول» هل يمكن أن نأكل من هذه اللحوم حيث تباع باقى الأضاحى عند الجزارين؟ فقال: إن أكل هذه اللحوم لائق، لأن المسيحى يشتريها بعيدا عن العبادة أو تهدى له، فهناك إذن أمور تخضع للنصوص الصريحة من الكتاب المقدس وليس فيها أى مواربة أو تحايل، وهناك أمور حياتية تتم الإجابة عنها من خلال الكتاب وتاريخ الكنيسة والتقليد الكنسى. * الكاثوليك ويقول الأب شريف ناشف الراعى المساعد بكنيسة القديس كيرلس للروم الكاثوليك: لا يوجد نظام «الفتوى» بالكنيسة الكاثوليكية، وأى شخص لديه سؤال أو استفهام لا يتم بالصورة نفسها عند المسلمين أو الأقباط الأرثوذكس. فعادة الكاثوليك يكونون قد تربوا فى مدرسة كاثوليكية ومدارس الأحد تقوم بتعريف الممارسات الطقسية والعقائدية. أما النصيحة أو الإرشاد فالكلام فيها ملزم لأنه من تعليم الكنيسة وأى قسيس سوف يرد مثل الآخر. وفى الغالب لا توجد أسئلة فى الحياة اليومية، ويقوم الكاهن أحيانا بدور المرشد الروحى. ويضيف الأب ناشف الذى يقوم بتقديم الإرشاد الروحى على الإنترنت والفيس بوك قائلا: أنا أقدم نصيحة من كلام الإنجيل وحياة القديسين. وأركز على الاهتمام بالآخر وتعليم المحبة لأن هذه هى رسالة المسيح. * البروتستانت وحول وجود الفتوى فى الكنيسة الإنجيلية يقول القس أشرف شوقى راعى الكنيسة الإنجيلية بالمعادى: الكنيسة الإنجيلية لا تؤمن بالفتوى لا فى العقيدة ولا النظام ولا فى التفسير. فرجل الدين فى الكنيسة الإنجيلية متفرغ للخدمة، كما أن العقيدة الإنجيلية تؤمن بكهنوت جميع المؤمنين، فالجميع كهنة والجميع واحد. فلا يوجد سلطان لأحد على أحد، سواء بالتوجيه الآمر أو بمشورة لأن الجميع يتساوون فى الرتبة أمام الله، وأى شخص لديه مشكلة يلجأ إلى قسيس، فى إطار مشورة يأخذ بها أو لا يأخذ. يضيف: فى الكنيسة الإنجيلية لا توجد سلطة للأمر، فالقسيس على نفس الدرجة مع أى شخص عادى، لكنه يتميز بالخدمة. ولا يوجد لدى الكنيسة الإنجيلية اجتماعات للأسئلة والإجابة، لكن قد تكون هناك الندوات، فالأمر علمى، ولا هوت الكنيسة الإنجيلية يؤكد على أنه لا يوجد وسيط بين الإنسان والله، فالإنسان يتعامل مع الله مباشرة، ورأى القسيس استشارى ويرجع الأمر إلى ضمير الشخص.