بدأت مصر مرحلة جديدة في تاريخها السياسي في يوم مهم جدا من أيام الأسبوع الماضي.. حيث بدأت المرحلة الأولي للانتخابات البرلمانية الجديدة في أجواء غريبة وعجيبة وجديدة أيضا حيث شكك الكثيرون في جدية إجراء هذه الانتخابات وليس هذا فقط ولكن تمنوا ألا تتم أو علي الأقل تأجيلها لتظل مصر غارقة في مشاكل واضطرابات لا تخرج منها أبدا.. ورغم حيرة الكثير من الناخبين فيمن سيتم انتخابهم، ورغم السلبيات التي حدثت في اليوم الأول للانتخابات في بعض الدوائر مثل ضرب النار ومحاولة فاشلة لقطع الطريق في أسيوط وتأخير وصول أوراق الترشيح لبعض اللجان لساعات، وبالرغم أيضا من الشعور بالخوف من افتعال حوادث عنف وبلطجة خاصة في أعقاب الأحداث الدموية الأخيرة التي شهدها ميدان التحرير إلا أن الإقبال علي التصويت من شعب مصر الأصيل شعب المواقف الصعبة والمفاجآت كان غير مسبوق ولم تمنع الطوابير الطويلة، التي اصطف فيها الرجال والشباب والسيدات والبنات من الصباح الباكر ولساعات طويلة، من أن يكون الجميع في حالة معنوية رائعة وسمحوا لكبار السن بالتقدم دون التقيد بالطوابير للإدلاء بأصواتهم وكذلك الحوامل والأمهات اللاتي يحملن أطفالهن.. كما كانوا يتسابقون في تقديم المساعدة لكبار السن والمرضي وذوي الاحتياجات الخاصة الذين لم تخل منهم لجان كثيرة.. إن هذه الانتخابات قد استطاعت تحويل مزاج وحالة الشعب المصري 180 درجة، من حالة الخوف والقلق من دخول مصر في حرب أهلية لا يعرف أحد مداها خاصة بعد أحداث ميدان التحرير الأخيرة، إلي هذا الزخم والإقبال الكبير غير المسبوق علي الانتخاب... ورغم أننا لسنا متأكدين من أن البرلمان الذي تتشكل معالمه في هذه الأيام سيكون علي المستوي المأمول في دعم طموحات وآمال هذا الشعب العظيم إلا أننا واثقين بأن هذه الانتخابات خطوة كبيرة نحو الديمقراطية ونحو التغيير مهما كانت المعوقات والحواجز، حيث إن إجراءها في موعدها المحدد مسبقا أعاد لمصر روحها وطاقتها علي العطاء وأملها في أن يعيش الشعب المصري في أمن واستقرار مرة أخري.. وهذا حقه.