علي طريق «القاهرة- أسيوط» الغربي، كان المشهد أكثر رعباً، إذ تمكنت الأجهزة الأمنية في محافظات الصعيد خلال الشهر الأخير فقط، من ضبط أكثر من 082 قطعة سلاح، تبدأ بالخرطوش وتنتهي بالكلاشنكوف والأرباجيه المضاد للدبابات، فضلاً عن كميات من الذخيرة تصل لأكثر من عشرة آلاف طلقة.. وكانت جميعها موجهة لأبناء الصعيد، بعد أن قام تجار السلاح بتهريبها عبر الحدود الليبية، تمهيدًا لبيعها لأصحاب الخصومات الثأرية، وأصحاب المعارك الانتخابية! ورغم خطورة الأمر داخل الصعيد الذي أصبح حاليًا أرضا خصبة أكثر من ذي قبل، لتجارة السلاح، إلا أن الأمر- بحسب ظبطيات وزارة الداخلية- امتد إلي أكثر من محافظة من محافظات الوجه البحري، ذات المواجهات الحادة بين فلول الحزب الوطني «المنحل» من جانب، وأعضاء القيادات الدينية وبعضها البعض من جانب آخر.. وهو ما يحمل بين طياته جرس الإنذار الثاني الذي نحذر منه. ففي المنيا علي سبيل المثال.. وتحديدًا في سمالوط «دائرة الدم والنار» تشهد الدائرة صراعًا حادًا علي المقعد الفردي بين مرشح الجماعة الإسلامية أحمد فتحي فايق عن حزب «البناء والتنمية» والمدرج علي قائمة حزب النور السلفي ومعه الشيخ سيف النصر أبو عيسي الشهير بأبو حسام الطرفاوي.. وهو من عرب سمالوطي «عمال».. وبين د.علي عمران مرشح الإخوان فئات، ويقف ضد م. بدر حبيب أنور.. وهو في نفس الوقت مرشح حزب المصريين الأحرار فئات، إلي جانب د. ياسر دياب علي نفس الحزب «فئات»، مما زاد الموقف اشتعالاً.. إذ يصنف العديدون من أبناء الأحزاب ذات الخلفية الدينية، حزب المصريين الأحرار علي أنه حزب «قبطي» نظرًا لديانة مؤسسه، رغم أن الحزب ليبرالي بالأساس. بالإضافة إلي دخول عدد من أعضاء الوطني السابقين الذين يرفضون رفضًا قاطعًا التفريط في المقعد.. ومنهم العميد طلعت منصور «فردي مستقل عمال».. وهو عضو مجلس شوري سابق عن الحزب الوطني المنحل، ومعه قيادي آخر رفض نصائح الابتعاد عن المعركة في الوقت الحالي.. والاثنين يحشدان أنصارهم من أجل الفوز بمقعد البرلمان والعودة مرة أخري لمجلس الشعب مهما كلفهم ذلك! أما عن مستوي القوائم، فتشهد الدائرة صراعًا شرسًا، بالإضافة إلي المنافسة الحامية التي تشهدها الدائرة بين قوائم حزب النور، وحزب العدالة والحرية وحزب الوفد.. فضلاً عن 9 قوائم أخري تضم أحزابًا وائتلافات مختلفة. -- دائرة البداري في أسيوط تشهد هي الأخري صراعًا مريرًا بين أكثر من مرشح، إذ يتنافس عليها عمر هريدي وعضو الحزب الوطني السابق، وكان نائبًا في برلمان ,2005 ومقتربًا من أحمد عز أمين تنظيم الحزب «المنحل».. وجمال عبدالناصر عضو الوطني السابق أيضاً، ومحمد علي رشوان وأحمد فتحي نعمان وجميعهم ينتمون لعصبيات وقبليات مشهورة. مركز شرطة البداري يعد من أكبر المراكز التي يباع بها السلاح والذخيرة في وضح النهار، ولا تستطيع أجهزة الأمن السيطرة علي هذا الأمر بشكل منتظم، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، حيث شهدت في العام 1990 مقتل ستة أشخاص من إحدي العائلات علي يد العائلة المتنافسة أخذاً بالثأر أثناء قيامهم بعمل الدعاية الانتخابية في أحد النجوع. وقام الخصوم بانتظارهم أثناء عودتهم داخل إحدي الزراعات وأمطروهم بوابل من الرصاص فأردوهم قتلي جميعا. لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد بل امتد لخصومة ثأرية بين العائلتين لاتزال قائمة حتي الآن.. وأشهر الخصومات الثأرية في البداري، بين عائلة زناتي وعائلة نصار.. والأخيرة تعد من كبري العائلات بالدائرة. -- في سوهاج تعد دائرة مركز شرطة سوهاج ودائرة مركز شرطة البلينا أشرس المعارك الانتخابية لوجود أكثر من مرشح يرفضون نهائياً التفريط في المقعد البرلماني مهما كلفهم ذلك. ويأتي علي رأس المرشحين في مركز شرطة سوهاج القيادي بالحزب الوطني «المنحل» حازم حمادي لواء أمن الدولة السابق، في مواجهة شرسة مع جماعة الإخوان، التي تعتبره أحد أهم خصومها، الأمر الذي ينذر بمواجهة مسلحة محتملة، أما في البلينا فالمعركة تشعلها الحرب الدائرة بين العرب والهوارة. -- في محافظة قنا تكاد المحافظة، تنفجر عن آخرها لدخول كل التيارات وكل القبائل دائرة المنافسة علي دوائر المحافظة جميعا.. فإن كانت الحرب مستقرة بين العرب والهوارة فإن عددًا من مراكز قنا ومنها المحافظة نفسها تشهد حربًا ثلاثية بين العرب والهوارة والأشراف.. وكل واحد منهم قد رشح جميع أبناء العائلة، لدرجة أن عدد المرشحين من العائلات الثلاث علي مستوي المحافظة بلغ 38 مرشحا، سواء علي قوائم الأحزاب أو علي المقاعد الفردية. بالإضافة إلي كم الأسلحة والذخيرة التي انتشرت في محافظة قنا والتي كانت إلي وقت قريب تستعين في الانتخابات بمن يطلق عليهم خط الصعيد، أمثال: نوفل سعد الدين، الذي ظل يتحكم في انتخابات مجلس الشعب لسنوات طويلة، وهو هارب من 23 حكمًا بالسجن والإعدام لقيامه بارتكاب حوادث قتل وسطو مسلح لحساب الغير وزراعة المخدرات. ومنذ أسابيع قليلة فقط تم تنفيذ حكم الإعدام فيه. ويأتي علي رأس المرشحين في محافظة قنا الذين تحيطهم عصبيات قبيلة محمود جعبور أحد أبرز أعضاء الحزب الوطني المنحل والذي يخوض الانتخابات عن حزب الحرية والعدالة. وهناك هشام الشجن ضابط الشرطة السابق، ونائب الوطني «المنحل»، عن دائرة الرئيسة.. وماجد الدربي نائب مجلس الشعب عن دائرة أبو تشت، ومعهم عبدالرحيم الغول عن دائرة نجع حمادي، وفتحي قنديل عن نفس الدائرة. -- في القاهرة تشهد دوائر حلوان ودائرة مصر القديمة صراعًا من نوع خاص، خاصة أن الدائرة يتنافس عليها عدد كبير من أبناء الصعيد الذين يحملون معهم نفس السلوكيات والعصبيات. وفي حين يلتف أبناء قنا بكل قوة حول مرشحهم عن حلوان الكاتب الصحفي مصطفي بكري، تشهد دائرة مصر القديمة «ماراثون ثلاثي» بين محافظات قناوسوهاجوأسيوط.. وكل محافظة لها أكثر من مرشح.. وكل مجموعة ترفض التفريط في المقعد! -- في الإسكندرية تتصدر المنافسة أحزاب التيار الديني مثل الحرية والعدالة والنور السلفي في مواجهة الأحزاب المحسوبة علي الفلول مثل حزب الاتحاد وغيره من الأحزاب.. فبعد ظهور عامر فكري إسماعيل عضو مجلس الشعب السابق والذي نجح في الدورة الماضية مستقلاً ورفض دخول الحزب الوطني أشعل الموقف مع المرشحين الآخرين خاصة بعد أن انضمت دائرة غربال التي ينتمي إليها إلي دائرة محرم بك. ويتصدر القوائم الدينية د. أحمد خليل عن «النور السلفي» ومعه أشرف ثابت، في مواجهة صبحي صالح وحسين إبراهيم عن الحرية والعدالة «الإخواني». ويواجه عبدالمنعم الشحات عن حزب النور السلفي حسين دويدار عن العدالة. ولم تقتصر الساحة- كذلك- علي المنافسة الدينية- إذ دخل علي خط الصراع مرشحو الوطني «المنحل» مثل عاطف مبروك وطارق طلعت مصطفي، ومحمد عبدالمطلب، وطارق محروس، وجهاد مهران، وسعد علوان، وناجي عبدالعزيز، وزينب فهيم، وزينب عطية.. وجميعهم علي مقاعد المستقلين، وكل منهم له أتباعه الذين يستعدون للمعركة بكل قوة!