تجارة السلاح.. أو تجارة الموت.. التجارة الرائجة فى مصر نظراً لربحها السريع والضخم، إضافة لما تعطيه لصاحبها من سلطة وقوة، ولأن البعض يعتقد أن، السلاح هو الشرف ومن لا يمتلك السلاح لا شرف له، فقد أصبح السلاح حلما يراود الأفراد والجماعات والدول. والسلاح منه الشرعى، ومنه السرى الذى يباع فى الظلام، بسوق تحكمها مافيا الكبار. وزارة الداخلية تطارده فى كل مكان، حتى أصبح كابوساً يطارد المواطنين فى أية دولة فى العالم.. ومع تصاعد حدة المطاردة، وتطور أساليب مواجهة عمليات التهريب والحد منها، تتطور أساليب المهربين، وتتعدد طرق دخول الأسلحة للبلاد. فإذا اكتشفتهم أجهزة المطارات والموانئ، حفروا الأنفاق بين البلاد، وإذا أغلقت الأنفاق، صعدوا الجبال، وابتكروا الطرق والممرات داخل الصحراء، أو تحت الماء فى سواحل البحار. تجارة السلاح لعبة خطرة، تزهق فيها الأرواح، وتهدر فيها الأموال.. وربما تصل إلى إشعال الحروب بين الدول.. ولكل هذا فأرباحها تفوق التوقعات، وكل يوم تكتسب وافدين جددا، مدعومين بالمال والنفوذ والقدرة على إذابة الصخور. تفيد بيانات وزارة الداخلية المصرية أنها تصادر سنوياً 14 ألف قطعة سلاح غير قانونية، منها الوارد من إسرائيل، والسودان وإريتريا، ومنها الألمانى والروسى والأمريكى والصينى الصنع، وكلها تغرق قرى ومدن الصعيد والوجه البحرى على حد سواء، والعام الماضى وحده شهد الكشف عن 16 مدفناً للسلاح المهرب بالقرب من خط الحدود الدولية فى مناطق قريبة من رفح، وحتى منطقة الكونتيلا فى سيناء. مصدر أمنى يرى، أن المهربين فى سيناء ينقسمون إلى نوعين، الأول: يضم أباطرة السلاح، والثانى يضم صغار المهربين المتخصصين فى تهريب البضائع والمخدرات بالاشتراك مع المافيا الإسرائيلية، مؤكداً أن أجهزة الأمن اعتقلت مؤخرًا اثنين من مهربى السلاح والمخدرات إلى الجانب الفلسطينى فى غزة، لكن عمليات التهريب سوف تستمر بسبب قيود اتفاقيات السلام وحجم قوات حرس الحدود المصرية على الحدود مع إسرائيل والسلطة والفلسطينية وتسليحها، ولن يتوقف هذا السيل من التهريب إلا بمضاعفة عدد القوات أربع مرت، وعدد الطائرات ست مرات، ولكن الإسرائيليين مازالوا يصرون على رفض تدعيم القوات المصرية لأن أضرار انتشار السلاح والمتفجرات فى سيناء يؤثر على أمن مصر فى المقام الأول فى حال وصول تلك الأسلحة إلى العناصر المتطرفة أو الخارجين على القانون. الجنوب أيضًا رافد مهم للسلاح.. جبل علبة هو خط التهريب الأحدث جنوب شرق البلاد.. وتقول المعلومات، إن تجارة السلاح غير الشرعى تزدهر فى السودان والقرن الأفريقى، حتى إن الشرطة السودانية رصدت مكافآت لمن يبلغ عن السلاح فى الخرطوم عبر رقم التليفون 199، ومافيا السلاح الدولية تنشط فى الصومال وإريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان وغربها، وحسب تقارير أمنية فرضت السلطات المصرية تواجدًا كثيفًا على خط التماس بين مصر والسودان على سواحل البحر الأحمر، حيث تنشط عصابات التهريب عبر وديان جبل "علبة".. وأن عددًا من أبناء قبائل البشارية والعبابدة، تحولوا إلى أعمال التهريب إلى مصر عبر دروب الجبل الممتد على سواحل البحر الأحمر وتبلغ مساحته حوالى 40 ألف كيلو متر، تصعب السيطرة عليه. والجنوب فيه درب الأربعين.. الذى يربط مصر بدول وسط وغرب إفريقيا، وهو الطريق الذى يمتد من غرب أسيوط مرورًا بواحة الخارجة وواحة سيوة حتى الفاشر غرب السودان، ويستخدمه المهربون لتشعب مسالكه وصعوبة السيطرة عليه. وعبره وصلت الكثير من الشحنات المهربة للأسلحة بكل أنواعها. بالإضافة إلى جبل علبة ودرب الأربعين كممرين للتهريب، هناك أيضاً المئات من ورش ومصانع السلاح الصغيرة تنتج أنواعا من الأسلحة المختلفة، حتى الآلى منها، إلا أن المصدر الذى أسس لانتشار السلاح فى مصر، هو الفترة التى أعقبت الحرب العالمية الثانية.. ثم حرب 1956، والتى وزعت فيها الثورة ملايين من قطع السلاح على المواطنين.. وأيضًا حرب 1967 التى عاد منها الكثير من الجنود بالسلاح إلى قراهم. داخليًا توجد حالات من الاختلاس لمسئولى المصانع والمخازن الرسمية وحتى الأسلحة المصادرة يتم إعادة بيعها فى الأسواق.. وكثيراً ما تكتمت سلطات الأمن على حالات الانحراف من مسئولى المخازن والمصانع. المورد الداخلية للأسلحة هو القطار الذى يمر بمحافظة قنا متجهًا إلى أحد المعسكرات الأمنية وهو قطار ذو حراسة مخففة يتوقف بالقرب من "السمطة"، ثم يواصل سيره وتيقظ تجار الأسلحة إلى إمكانية الحصول على كميات كبيرة منها من القطار بعد مغافلة حراسه خلال مدة توقفه التى تقل عن 20 دقيقة، وبالفعل تمكن الأهالى من الحصول على البنادق الآلى والرشاشات، بل وعثر على مضاد للطائرات ومدافع RBG لدى بعض المواطنين فى حملة على فى قرية "السمطة" بقنا عام 1989. تجار الأسلحة فى محافظة أسيوط كانوا يحصلون على بضاعتهم ومعظمها من البنادق الآلية من معسكر أمنى بقرية "منقباد"، حيث ربطت علاقات وطيدة بين بعض قياداته وتجار الأسلحة الذين حصلوا على صناديق البنادق الآلى "مبرشمة" لم يتم استعمالها لبيعها بأسعار تصل إلى 10 آلاف جنيه للبندقية الواحدة كما كان التجار يحصلون على الذخيرة “مبرشمة” داخل صفائح مستطيلة تحوى الكبرى منها 2000 طلقة، بينما الصغرى 1000 فقط ويصل سعرها إلى 4 جنيهات تنخفض خلال مواعيد التدريبات ويتركز بيع وشراء الأسلحة والذخائر بأسيوط فى عدة قرى منها: نجع عبدالرسول والنخيلة والمعابدة والحوطة. وبالنسبة للموارد الخارجية للأسلحة فتتمثل فى دول السودان وإسرائيل وأخيرًا الصين، فمنذ أيام أغرقت الأسلحة الصينية محافظة أسيوط حيث وصل سعر القطعة إلى 2000 جنيه وهو سعر زهيد للغاية وبدأت تحريات الأجهزة الأمنية حول الواقعة التى أخطر بها اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية ليتضح قيام عضو بالحزب الوطنى بمركز منفلوط بجلبها وهى صفقة كبرى تم العثور على 190 بندقية آلى منها، بعد اقتحام قرى المطيعة والنخيلة والحوطة والحواتكة وبنى محمديات ونجع عبد الرسول وبهيج والبدارى والمعابدة من جانب قوات الأمن المركزى التى أشرف عليها اللواء محسن مراد مدير أمن أسيوط وحوت 6000 بندقية آلى اشتهرت باسم "رجل الغراب"، لأنها تنتهى بسيخ فى آخره مثلث حديدى يشبه رجل الغراب. وذلك بخلاف أنواع الأسلحة الأخرى بالصعيد وهى "المظلات" وتنتهى مؤخرة البندقية بسيخ حديدى طوله 30 سم يتم طيه بسهولة حولها و"56" وهى البندقية الروسية الأشهر فى الصعيد كله إن لم يكن فى مصر كلها ويرجع اسمها إلى العدوان الثلاثى على مصر ومنها الثقيل ويتميز بقدرته الكبيرة على الصمود فى المعارك دون أن ينتابه سخونة أو عطب والخفيف وهو أقل جودة حيث يصل سعره إلى 8 آلاف جنيه فى مقابل 11 ألف جنيه للنوع الثقيل. أما "الألمانى" نوع قديم مرتبط بالحرب العالمية الثانية وتتميز بطول مداها الذى يصل إلى 1.5 كيلو متر. نوعان شعبيان لقلة سعرهما وجودتهما ومن البنادق الآلية، منها الكورى والفبر، الأول صناعة كورية والثانى صناعة مصرية ولا يتجاوز سعرهما 5 آلاف جنيه وقد أغرقت الصعيد أنواع من البنادق الغريبة على رأسها "الطويلة" ويزيد طول ماسورتها على البنادق الأخرى بأكثر من 25سم، وهو ما يزيد من مدى طلقاتها التى تصل إلى 3 كيلو مترات مثلها مثل البنادق "الهندى" التى بدأت تنقرض رغم قوة طلقاتها، وذلك لأن خزانتها لا تحوى سوى 10 طلقات فقط ولا توجد بها إمكانية الطلقات السريعة، بينما باقى البنادق تحوى أكبر خزينة طلقات لها 70 طلقة تستطيع إطلاقها فى 16 ثانية فقط بنظام الطلقات السريع الموجود بها. وتعتبر إسرائيل من الدول التى مثلت مصدراً مهماً لتجار الأسلحة المصريين فى تجارتهم فقد قامت بتزويدهم بالأسلحة عبر المنافذ الحدودية والأنفاق، وذلك منذ سنوات عديدة للدرجة التى اشتهرت فيها إحدى البنادق الآلى التى يتم تداولها بالصعيد باسم "الإسرائيلى" وهى ذات جودة عالية ويصل سعرها إلى 8 آلاف جنيه ويحصل عليها التجار البدو عن طريق نظرائهم بإسرائيل عبر الحدود، ثم يوزعونها إلى جميع المحافظات وخاصة بالصعيد، حيث تصله كميات كبيرة عبر المراكب المبحرة بنهر النيل. السلاح مازال يتدفق وتجارته تزدهر ولا أحد يعرف عدد القتلى الذين ستحصدهم البنادق الآلى القادمة من الصين وإسرائيل والسودان وغيرها من خطوط التهريب. لمعلوماتك ◄درب الأربعين طريق قديم ترجع تسميته إلى رحلات القوافل التى كانت تستغرق 40 يوماً، وقيل إنه طريق مر به 40 من رجال الصوفية.. وكان طريقا لرحلات حج مسلمى أفريقيا ودول القرن الأفريقى. معلومات 6 آلاف عدد البنادق الآلية صينية الصنع التى انتشرت بمحافظات الصعيد عام 2007، وقد نجحت الأجهزة الأمنية فى العثور على 1700 قطعة منها ومازالت عمليات البحث مستمرة لضبط باقى صفقة الأسلحة التى تم جلبها من الصين. ◄ 11 ألفاً عدد البنادق الآلية التى جمعتها وزارة الداخلية خلال حملتها على محافظات أسيوط وسوهاج وقنا عام 1980، وهو العدد الذى وصفه تقرير الداخلية بأنه يكفى لتسليح دولة صغيرة مثل الكويت أو قطر. 3 آلاف عدد البنادق الآلية التى ضبطتها وزارة الداخلية خلال حملتها على القرى المتمردة بمحافظات الصعيد، وعلى رأسها: النخيلة ونجع عبد الرسول والمعابدة والحوطة.