هل صحيح أن أمن الدولة لعب أدواراً عديدة فى تلفيق قضايا لعدد من الفنانات لمطاردتهن أو لمنعهن من دخول البلاد لتحقيق مصالح خاصة ربطت بين بعض الفنانات ورجال الدولة الكبار.. مؤخراً قالت المطربة الجزائرية «فلة» إن أمن الدولة دبر لها قضية أخلاقية فى مصر، ومنعت بعدها من دخول البلاد، وقبلها أكدت وفاء عامر أن أجهزة الدولة قد لفقت لها قضية هى وحنان ترك.. «لطيفة» مثلا والتى شاركت فى غناء أوبريت «اخترناه اخترناه» تلحين «عمار الشريعى» واخترناه المقصود به «حسنى مبارك» بالتأكيد لا يمكن أن نتصور أن «حسنى مبارك» أو «زكريا عزمى» أو من كان مسئولاً عن أمن الدولة سوف ينسى أن لطيفة غنت لرئيس الدولة أغنية وطنية تشيد به ثم يصدر قراراً بمنعها من دخول البلاد، إلا أننا من الممكن أن نقرأ القضية بطريقة عكسية، وهى أن «لطيفة» بعد أن فوجئت بمنعها من دخول مصر قررت أن تغنى لمبارك وضمنت بعدها الحماية الشخصية لها!! مياده الحناوى بالتأكيد لا أحد فى النظام السابق لديه الآن قدرة على أن يبحث فى ملفات أى فنانة ليعرف لماذا منعوها من السفر، فلن يترك رجال الدولة فى النظام الفاسد كل القضايا الأخلاقية والمالية والسياسية التى تلاحقهم ويتفرغ للرد، إلا أن الحقيقة بعيداً عن صدق أو كذب تلك الادعاءات التى روجت لها أكثر من فنانة فى الأسابيع الأخيرة.. الحقيقة هى أن الدولة تلعب دوراً من خلال الأجهزة فى المنع والمنح وأنها من الممكن أيضاً أن تلفق القضايا.. أشهر مطربة ارتبطت بأمن الدولة هى «ميادة الحناوى» التى ظلت ممنوعة من دخول الأراضى المصرية على مدى 20 عاماً منذ نهاية السبعينيات حتى نهاية التسعينيات وتعددت وقتها التحليلات، قيل مثلا إن «ميادة» على علاقة برفعت الأسد شقيق الرئيس السورى «حافظ الأسد» وأن الدولة تخشى من أن تستغل اقترابها من الوسط الفنى وتنقل معلومات إلى الأجهزة السورية تهز الأمن فى مصر خاصة أن العلاقات فى نهاية السبعينيات شهدت تباعداً بين «أنور السادات» و«حافظ الأسد» وفاء عامر والحقيقة الموثقة أثبتت بعد مرور 30 عاماً أن كل ذلك لا أساس له من الصحة.. والحكاية هى أن الموسيقار «محمد عبدالوهاب» كان يتبنى صوت «ميادة» ويشيد به وأعد لها أغنية «فى يوم وليلة» وكانت مصر والعالم العربى فى انتظار القنبلة التى سوف يطلقها «عبدالوهاب»، ولكن ما حدث هو أن الأغنية ذهبت إلى «وردة» وأصدر أمن الدولة قراراً بمنع «ميادة» من دخول البلاد. ظل السر غامضاً حتى باح به قبل سبع سنوات فقط وزير الداخلية الأسبق الراحل «النبوى إسماعيل» فى حوار أجراه معه الكاتب الصحفى «وائل الإبراشى»، حيث قال إن السبب لم يكن سياسياً بل هى غيرة نسائية، حيث اعتقدت «نهلة القدسى» زوجة «عبدالوهاب» أنه يهيم حباً بميادة التى كانت تصغره وقتها بحوالى نصف قرن إلا أن إعجاب «عبدالوهاب» بصوت «ميادة» كان ينافسه فى نفس الوقت وبنفس الدرجة إعجابه أيضاً الشخصى بها ولم تجد «نهلة» سوى هذه الطريقة لمنع عبدالوهاب من التمادى فى حبه لها وأجبرت «عبدالوهاب» على الذهاب إلى «النبوى» الوزير القوى وأصدر قراره التعسفى، وعندما سئل النبوى عن السبب أجاب بأن أمن بيت «عبدالوهاب» الشخصى يساوى الأمن القومى لمصر.. حدث مثلاً قبل نحو عشر سنوات أن تم ترحيل المطرب السورى «مجد القاسم» من مصر بسبب أنه شقيق مذيع «الجزيرة» «فيصل القاسم» المتهم وقتها من قبل السلطات المصرية بأنه يهاجم مصر.. لم تستطع الدولة أن تمنع برنامج فيصل «الاتجاه المعاكس» من البث الفضائى فطردت شقيقه الصغير من مصر.. استمر قرار المنع حوالى عام ثم اكتشفت الدولة أنها ترتكب حماقة ولهذا عاد مرة أخرى «مجد القاسم» ولم يغير شقيقه فيصل من طبيعة برنامجه!! لطيفة ورغم ذلك فإن هناك ولا شك مبالغات مثل أن أمن الدولة هو الذى لفق قضية «حنان ترك» و«وفاء عامر» وأنه هو الذى لفق قضية المطربة «فلة» ومنع فى مرحلة ما لأسباب خاصة «لطيفة» من دخول الأراضى المصرية، نعم هناك تجاوزات حدثت ولكن لا يعنى ذلك أن كل قضية كان فيها الفنانون أبرياء مثلما تقول مثلا «شيرين» إنها غنت لحسنى مبارك لأنهم هددوها ولهذا لم يستطع أيمن بهجت قمر كاتب أغنية شيرين «ريسنا ريسنا» التى غنتها شيرين سوى أن يكذبها. المؤكد أنهم طلبوا من شيرين الغناء وطلبات الرئاسة فى مجتمعاتنا الشرقية أوامر، وهى غنت مرحبة لأنها لا تستطيع أن تقول لا. لاشك أن هناك انحرافات شابت ممارسات هذا الجهاز المصرى الحساس، وطوال تاريخه، ولكن أيضاً ليست كل القضايا ملفقة إلا أن التربة الآن صالحة لتصديق كل شىء وأى شىء!!