كتب: عبدالرحيم علي كانت مجلة روزاليوسف، ولم تزل، المطبوعة الأعز إلى قلبى، بالرغم من أننى أترأس، منذ أكثر من عام، تحرير مجلة أسبوعية إضافة إلى جريدة البوابة اليومية، وقد حرصت، طوال أكثر من ربع قرن، على اقتنائها والتفرغ لقراءتها طوال الأسبوع، فى انتظار العدد الذى يليه.. لذلك فقد انزعجت عندما رأيت اسمى يتصدر غلافها تحت عنوان: لعبد الرحيم على ومرتضى الصغير إذا كانت يناير مؤامرة فإن 30 يونيو نكسة. والحقيقة أن محاولات إيقاع الفتنة بين المصريين لم تتوقف، جربوا معنا فتنة المسلمين والمسيحيين، وأثبتنا أننا شعب واحد يعيش فينا وطن واحد غير قابل للتجزئة، فجربوا فتنة فلول وثوار، ثم عسكر ومدنيين، فلم تجدِ إحداها نفعا وخسر من روج للفكرتين سمعته، وبات ملطشة لكل من هب ودب. والآن يجربون معنا فتنة الثورتين،25يناير و30 يونيو، لن يكفوا عن محاولاتهم، والهدف واحد، وهو السعى نحو إحداث الفرقة بين المصريين، ليسهل اختراقهم، فلا نجاح لأية محاولات خارجية تريد النيل من هذا الوطن، سوى بإحداث الفرقة بين المصريين، لا شيء غير الفرقة يستطيع أعداء الوطن الولوج من بابه لتدميرنا. وقد درسنا فى العلوم السياسية أن الثورة، أى ثورة، تحتاج إلى ظرفين لتصبح ناضجة وقابلة للاكتمال والتحقق والنجاح فى الوصول إلى أهدافها، الأول الظرف الموضوعى ويعنى وصول الصراع الاجتماعى فى أى بلد لنقطة اللاعودة، عبر ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة تعانى منها الأغلبية الكاسحة من الشعب مقابل أقلية منعمة فى الثروات مستأثرة بها، إضافة إلى انسداد لأى أفق سياسى للتغيير عبر استحواذ قوى سياسية بعينها أو طبقة اجتماعية محددة بالسلطة والثروة معا، محتمين بأجهزة قمع تحول دون المساس بامتيازاتهم. والثانى توافر ظرف ذاتي، محدد فى قوى تغيير وطنية ناضجة، لديها مشروع وطنى واضح للتغير، ولديها شعبية عريضة تؤهلها للقيادة إذا ما حدثت الثورة وخرج الناس إلى الشوارع مطالبين بحقوقهم. بتوافر هذين الظرفين يكتمل بدر الثورة ويطرح نوره على ربوع الوطن، وتتحقق الأهداف العظيمة لها. والسؤال: هل يمكن لنا أن نقدم تقييما موضوعيا لما قام به الشعب المصرى يومى 25 يناير و30 يونيو على ضوء ما أسلفنا؟! قبل أن نجيب عن السؤال: هل نعتبر يناير مؤامرة أم ثورة وهل نعتبر يونيو نكسة أم ثورة؟! والإجابة، نعم، نستطيع إخضاع الأحداث لمثل هذا النوع من التحليل العلمى والموضوعي. ففيما يتعلق بثورة 25 يناير العظيمة، فقد توافر لها ظرف موضوعى ناضج بامتياز، حيث وصل الفساد والظلم الاجتماعى ومحاولات الاستئثار بالثروة والسلطة إلى أقصى مراحله، مع انعدام وانسداد أى أفق للتغيير السياسي، وتوافر جهاز قمعى حال بين الناس وبين الثورة. لكن هل توافر لها ظرف ذاتى ناضج؟ وبعبارة أدق: هل كان هناك قوى سياسية وطنية مؤهلة لقيادة الجماهير نحو تحقيق أهداف الثورة؟. نقول وبالفم المليان: لا لم يتوافر الظرف الذاتى لقيام الثورة فى يناير من عام 2011، فلم تكن هناك قوى سياسية مهيأة وناضجة لقيادة تلك الثورة العظيمة، الأمر الذى أوقعها فريسة فى أيدى الطابور الخامس بجناحيه، الإسلامى المتطرف والليبرالى المتأمرك، ففقدت الثورة محتواها، واختطفها أعداؤها، حتى وصلنا بها وبهم إلى 30 يونيو، ذلك اليوم الذى انتفض فيه شعب مصر العظيم على أوضاع أكثر قسوة من تلك التى ثار من أجلها فى 25 يناير، ولكن هذه المرة كانت قوى الشعب الحية والوطنية، المشكلة من قوى سياسية ومؤسسات وطنية، كالجيش والشرطة والإعلام، ومؤسسات قومية، كالأزهر والكنيسة، حاضرة وبقوة وفق خارطة مستقبل واضحة لالتقاط ثمار الثورة والدفع بها نحو أهدافها الوطنية، التى هى تكملة لأهداف ثورتهم الأولي، تلك الثورة المغدورة فى 25 يناير 2011. ومع السير قدما نحو خارطة المستقبل، باتت تتضح قوى الثورة المضادة شيئا فشيئا، تلك التى تحاول أن تعرقل مسيرة البناء والتنمية، عبر إحداث نوع من الضغط تارة والابتزاز تارة أخري، ناهيك عن الإرهاب الواضح الذى يحصد أرواح أبنائنا من ضباط وجنود الجيش والشرطة كل يوم، فى محاولة لتعطيل مسيرتنا، مدعوما بقوى خارجية عملاقة تحاول كسر الإرادة المصرية، لذا فإن واجب اللحظة يحدد علينا رسم خطوط واضحة وفاصلة بين أبناء ثورتى 25 يناير و30 يونيو وبين ثلة من أبناء الطابور الخامس الذين يقفون بالمرصاد ليس لثورة 25 يناير أو 30 يونيو فى محاولة لتشويه الأولى باعتبارها مؤامرة ليس إلا، غير مفرقين بين مفهوم ثورة شعبية لم يتوافر لها ظرف ذاتى ناضج فجرى اختطافها، وبين مفهوم المؤامرة، والثانية باعتبارها انقلابا على الشرعية، غير مفرقين بين ثورة مكتملة، ضد قوى سياسية ذات تكوين خاص، حماها الجيش، وبين مفهوم الانقلابات العسكرية. لقد بات لزاما علينا أن نجرى حوارا موضوعيا، بيننا وبين الأجيال الشابة، تتحدد فيه المصطلحات، والمسميات، سعيا نحو وحدة موضوعية، بين أطياف ثورتى 25 يناير و30 يونيو باعتبارهما مسارًا لثورة واحدة، أنجزها شعب عظيم وحماها جيش وطنى قوي، هذا كان موقفنا من الثورتين العظيمتين، ولم يزل. أما محاولات الافتئات واقتطاع الكلمات من سياقها فهو أمر اعتدناه فى صحافتنا الرشيدة، وتقديرى لمجلتى المحببة والقريبة إلى قلبي، وللقائمين عليها، فقط، هو ما دفعنى إلى الرد، احتراما وتقديرا. .. وأحمد شوقى العطار يرد الهدف من المقال الذى نشرناه فى العدد الماضى هو إخماد الفتنة التى أشعلها البعض بين الثورتين وليس العكس وما حاولنا كشفه أن مشعلى هذه الفتنة ليسوا الإخوان وحدهم، بل بعض المحسوبين علي 30 يونيو أيضا. أما بخصوص ما ذكر عن محاولات الافتئات واقتطاع الكلمات من سياقها، فسنكتفى بعرض صورة من تصريحات د.عبدالرحيم لوسائل الإعلام فيما يخص ثورة يناير.