وسقط نظام القذافى فى ليبيا.. وانتصرت الثورة ولو بعد حين وأصبحت ليبيا هى الأخرى على أعتاب نظام جديد يتشكل بعد مصر وتونس.. والبقية تأتى.. فى سوريا.. وفى اليمن.. وغيرها من الدول العربية المتعطشة للحرية والديمقراطية.. وحكم الشعب الذى كان حبرا على ورق على يد حكام مستبدين كانوا أكثر استبدادا وطغيانا من الاستعمار الذى جثم على صدور العرب قرونا عديدة. كان لابد أن تسقط هذه الأنظمة الهشة المتهاوية بعد أن استمرأوا الحكم.. وعزلوا أنفسهم عن شعوبهم.. وفسروا الديمقراطية على مزاجهم وكما يحلو لهم.. والأنكت من ذلك التوريث الذى ابتدعه حافظ الأسد فى ابنه بشار.. وأعجبت الفكرة مبارك وسار على دربه وبدأ يدرب ابنه جمال على التوريث وكان ثالثهما القذافى الذى كان يعد سيف الإسلام وريثا له.. وبعد أن قامت الثورات العربية على «الأنظمة الملكية» الرجعية القديمة.. جاء هؤلاء الحكام بنظريات جديدة تحت مسمى «الجمهلوكية» أى الملكية الجمهورية فهى جمهورية فى الظاهر.. وملكية مستبدة فى الباطن. سقط القذافى وكان لابد أن يسقط.. وكان غير مصدق أنه سيسقط مثلما حدث مع مبارك فى مصر.. والذى انهار نظامه فى 18 يوما فقط، والغريب أن القذافى كان يقول دائما أنه ليس رئيسا وأنه ليس زعيما.. وأنه قائد ثورة.. وأنه لا يحكم وأن الذى يحكم فى ليبيا هى اللجان الشعبية وهى نظرية جديدة فى الحكم ابتدعها مثل الكتاب الأخضر الذى لم يأت له مثيل من قبل ولامن بعد.. وكانت نظريات الكتاب تؤكد أن الذى يحكم ليبيا هو رجل مجنون حكم لمدة 42 عاما وأهدر أموال الشعب الليبى وثرواته على مشروعات فاشلة تمجد اسمه فقط. الأسد هو أيضا فى طريقه للسقوط، فالثورة تتصاعد ضده وتزداد يوما بعد يوم وها هو يرفض تدخلات الجامعة العربية مثلما فعل القذافى من قبل.. ولابد أن يتعلم بشار من الدرس.. درس بن على ومبارك والقذافى.. يجب أن يسارع إلى التخلى عن الحكم بدلا من إجباره على التخلى عنه مثل القذافى الذى تعنت من البداية.. ويطلب الآن نقل السلطة سلميا للثوار. لقد فعلت مصر الصواب بالاعتراف بالمجلس الانتقالى الوطنى الليبى.. وهذا موقف مصر دائما المفجر للثورات داخل العالم العربى.. وقد كانت ثورة مصر هى البداية الفعلية الحقيقية لثورات الربيع العربى التى تفجرت مع بداية العام.. وبدأت تؤتى ثمارها.. لكن الأهم أن هذه الثورات أمامها تحديات كثيرة لتنجح وتثبت نظامها الجديد الذى يشكل كيانا عربيا جديدا يحقق الاتحاد والوحدة العربية التى كنا نسعى لها منذ 60 عاما.