أصداء الموسيقى اللونية وهمسات الحوار الثنائية لأبطال اللوحات الفنية ملأت أجواء قاعة «بيكاسو للفنون» - بالزمالك فى أول معارض الفنانة التشكيلية الكويتية «مى النورى» بالقاهرة بعنوان (حكاية حلم) معبرة عن حبها للقاهرة وحلمها الطويل بإقامة معرض فنى بها، وافتتح معرضها السفير الكويتى بالقاهرة «رشيد الحمد». تقدم الفنانة مى النورى فى معرضها أعمالاً تبرز الحياة الإنسانية عبر حوار ثنائى مميز بين شخوصها بخطوط تتسم برابط قوى بين محورية المشهد.. فهى تتكلم فى لوحاتها عن الإنسان بشكل عام وعن المرأة بشكل خاص والتى رسمتها الفنانة برقة إنسانية جميلة، كما حاولت أن تصنع بأطياف ألوانها رواية متعددة الأوضاع، استطاعت من خلالها خلق حوار جدير بالتأمل مستخدمة الألوان الزيتية على القماش.
فجاءت شخوصها بوجوه مبهمة وبلا ملامح تفصيلية، وإن كانت طبيعتها العامة تحددت بواسطة ضربات لونية متناغمة تكشف عن قوة المشهد اللونى من خلال إيقاع تأثيرى يحمل فى طياته الكثير من الرموز والإيماءات، استطاعت الفنانة بها أن تقدم صياغة إبداعية متميزة صنعت احتمالات الرجل والمرأة، المرأة والمرأة فى حوارات ثنائية متقابلة وأحياناً متنافرة بمزيج من الألم والفرح، الحب والكره.. ولكن تأثيرية الألوان هى اللغة التى حرصت الفنانة على أن تكون المحرك الأساسى لتلاقى الاثنين معا، فبدت شخوصها الثنائية كأنها تتحاور فى رقة بألوان هامسة تثير دهشة المتلقى، وجاءت ألوانها نقية صافية ركزت معها على النغمة الضوئية أو الظلية التى تعتبر عند الفنانة أهم من الخط، فتسجيل الشكل العام بتفاصيله الدقيقة ليس من أهدافها، بل سجلت انطباعها الكلى عن الأشياء بطريقة توحى للمشاهد أنه يرى الأجزاء رغم أنها غير مرسومة.. مما يزيدها جمالاً وجاذبية من قبل المتلقى.
وتميزت أعمال مى النورى بتأثيرية الألوان واندماج الشكل مع الخلفية بلمسات أنثوية ناعمة وألوان هادئة عملت على خلق تكوين بصرى متناغم وامتزجت العناصر ببعضها لتصبح كتلة واحدة.. حيث عملت ألوانها على إبراز التضاد بين الثابت والمتحرك بطريقة جمالية تتماشى وتتفاعل مع مضمون التكوين حتى إن البعد فى اللوحة لم يأخذ إلا امتدادا واحدا، فاللون عند الفنانة هو فقط أهم العناصر البارزة، فهى سخرت فضاء اللوحة لبناء التركيب اللونى للتأكيد على مضمون أعمالها وهو «جسد الإنسان وعلاقته بالآخر».
ونلمس فى بعض لوحاتها أن اللون الأبيض والأسود هما سيدا الموقف، فاللون الأسود وما أضافته له الفنانة من لمسات مضيئة بألوان أخرى مثل الأحمر عمل على إظهار غموض محبب عبر عن حال ربما يعيشه أبطال لوحاتها. فجاءت شخوصها باللون الأسود بدرجاته على أرضية بيضاء لتكشف عن الكثير من التألق اللونى الذى يتمثل فى التناسق العذب بين الغامق والفاتح. وفى هذا التضاد بين الضوء والعتمة برزت قدرة الفنانة على التحكم اللونى.
عشق الفنانة مى النورى وتقديرها لفنها هو ما دفعها مع آخرين لتأسيس جمعية «الأصالة والإبداع الفنى» الكويتية، ورغم أنها بدأت مشوارها الفنى منذ سنوات إلا أنها مازالت تعمل على تطوير نفسها حتى الآن باشتراكها فى ورش فنية داخل الكويت وخارجها حرصاً منها على مجاراة الحركة الفنية وتطويرها.
