منذ نحو عشر سنوات ولم نسمع عن تقدم حدث في مسار القضية الفلسطينية، علي الأرجح حدث تأخر وتراجع، بينما يواصل الفلسطينيون الكلام وانتظار ما تجود به أمريكا واسرائيل علي الشعب الفلسطيني، تواصل اسرائيل هضم الأراضي المحتلة باقامة المستوطنات وتهويد مدينة القدسالشرقية . الطريف في الموضوع أن الفلسطينيين حتي الآن يتطلعون الي أمريكا آملين في حدوث معجزة فيهدي الله بني اسرائيل الي التنازل عن الأرض المحتلة وتقديمها علي طبق من فضة أو نحاس الي الشعب الفلسطيني ليقيم عليها دولته . ربما تحدث المعجزة فالله سبحانه وتعالي علي كل شيء قدير، وربما لا تحدث مطلقا لأن الله سبحانه وتعالي أمر الناس أن يأخذوا بالأسباب ومن بين تلك الأسباب ازاحة المحتل عن الأرض المحتلة ورده عنها، وهو ما استبعدته القيادة الفلسطينية تماما من برنامجها لاسترداد الأرض المحتلة. ان ما أخذه العدو بالقوة لن يرده الا اذا خشي علي مصالح له أهم وأكبر، وفي حالتنا هذه لن يوجد سياسي اسرائيلي أحمق، وأكرر أحمق، يطلب من الشعب الاسرائيلي أن يعيد الأرض المحتلة الي الفلسطينيين طالما لا توجد مصالح توازن تلك المطالبة، مثل انعدام الأمن أو خشية الوقوع في حرب مدمرة أو فقدان التأييد ومصادر التمويل والتسلح الدولية، أو غيرها مما لاينبغي ذكره في مقامنا هذا . لما كانت أسباب قبول اسرائيل لتسوية مناسبة للفلسطينيين غير قائمة حتي الآن، فانه من الطبيعي أن تغيب آفاق أي تسوية عادلة معتدلة، كما أنه من الطبيعي أن تحرص الحكومة الاسرائيلية علي عدم تقديم تنازلات بلا ثمن . فيما يتعلق بالخيارات الفلسطينية في حال استمرار الاستيطان وفشل المفاوضات المباشرة؛ أكد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية أن الخيار الأول هو المفاوضات المباشرة، لبحث قضيتي الحدود والأمن، إذا توقف الاستيطان ولمدة معينة، وإذا لم تنجح هذه المفاوضات فسوف نطلب من الولاياتالمتحدة أن تعترف بالدولة بحدود 67 وعلي رأسها القدسالشرقية، فإذا لم توافق أمريكا، هناك خيار يليه أن نذهب إلي مجلس الأمن للاعتراف بدولتنا فإذا لم يوافقوا، هناك خيار يليه أن نذهب إلي الجمعية العامة، فإذا لم يوافقوا هناك خيار يليه في مجلس الأمن يسمي مجلس الوصايا التابع للأمم المتحدة . ما لم يقله عباس هو الخيار الذي لا بد أن يكون موجودا ضمن الخيارات ولا يمكن استبعاده بأي حال وهو خيار الكفاح المسلح ضد الاحتلال، لأن الغاء هذا الخيار بصفة نهائية يفتح الملعب امام اسرائيل دون أن تضع في حساباتها مايمكن أن يلحق بها من خسائر نتيجة تمرد الفلسطينيين علي الأوضاع القائمة. ما نسمعه من الجانب الفلسطيني لا يتجاوز الكلام في كل الأحوال، ولا نعرف بالضبط ماذا تنتظر القيادة الفلسطينية من اسرائيل أو من الولاياتالمتحدة، حتي التهديدات التي تصدر عن السلطة لا تهدد سوي كيانها هي، مؤخرا طرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس فكرة حل السلطة الفلسطينية في حال عدم التوصل إلي اتفاقية سلام مع إسرائيل وعدم اعتراف العالم بدولة فلسطينية، وقال إنه لا يمكنه البقاء رئيسا لسلطة غير موجودة . يبدو أن الرئيس الفلسطيني بتلميحه إلي إمكانية حل السلطة يحاول الضغط من أجل الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية متجاوزا بذلك المفاوضات مع إسرائيل . فقد قال إنه إذا لم تجمد إسرائيل الاستيطان لثلاثة اشهر كما اقترحت واشنطن فسيطلب من الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإذا لم يحدث ذلك فسينظر في حل السلطة الفلسطينية. من جانبها رفضت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الاعتراف بأن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية علي وشك الانهيار، وقالت إن واشنطن تخطط للإعلان عن خطوات جديدة قريبا ربما في أوائل الأسبوع المقبل حول الخطوات التالية في عملية السلام . الواضح الآن أن اسرائيل تخطط لعدم التخلي عن الأراضي المحتلة للفلسطينيين، وأمريكا تخطط لتخدير السلطة الفلسطينية بالمفاوضات المباشرة، بقي أن نعرف ماذا تخطط له السلطة الفلسطينية غير الانتحار .