دائماً ما يحمل المصري خارج بلاده هموم وطنه وشواغله، حتي ولو كان في رحلة إيمانية، رحلة إلي الله، تلبية لنداء الله للحج لبيته الحرام، وزيارة رسول الله (صلي الله عليه وسلم) في المدينةالمنورة، ولقد كان (الحج) هذا العام غير أي عام سابق، حيث اكتظت الأراضي المقدسة بالحجيج من المسلمين من أنحاء العالم، وكأن الأعداد زادت بثلاث أضعاف كل عام، وكأن الأراضي المقدسة قد ضاقت (بزوارها)، رغم كل ما تيسر من تكنولوجيا وإعداد للطرق وتسهيل في الحركة حول المناسك الأكثر (ازدحامًا) كرمي الجمرات والنفرة الكبري، حيث يتحرك الجميع (خمسة ملايين أو أكثر) دفعة واحدة بعد غروب شمس يوم الوقفة في عرفات وتتحرك الملايين إلي (المزدلفة) - إما سيراً علي الأقدام أو في الحوافل السياحية أو في السيارات النصف نقل، الجميع مرة واحدة يتجه إلي المزدلفة، ورغم أن هناك قطارًا سريعًا بين (عرفات والمزدلفة ومني) إلا أنه لم يختبر فعليا، حيث قيل إنه خصص هذا العام للخاصة من أهل الخليج أو غير ذلك من أقاويل، حيث لم أجد تصريحاً رسمياً من سلطات الحج السعودية عن هذا القطار!! ومع ذلك فإن دعوة الله لضيوفه في أراضيه المقدسة، كانت ومازالت وسوف يظل لها معني ومذاق خاص، حيث مع كل الإرهاق والازدحام والمعاناة الشديدة إلا أنه بعد مرور اللحظة، نجد المتعة الإيمانية بقضاء الفرائض وأداء المناسك. ويجمعنا في هذه المناسك دائماً وكان لي حظ أكثر من سبع مرات لأداء (الحج) مع أصدقاء يحرصون علي أداء المناسك، ويحرص كثير من هؤلاء الأصدقاء علي التواجد في مجموعات تتكرر كل عام وكأن (الحج) يكتمل باللقاء الحميم فيما بينهم وبين مشاعرهم في مناسك الحج، وكان هذا الحوار الذي يتكرر دائماً عن شئون الوطن والأماني الطيبة لبلادنا، ودعائنا في كل منسك للوطن بالخير والستر والازدهار. وفي إحدي قاعات التجمعات كان لقاؤنا الدائم مع الأخ الدكتور شريف الجبلي والأخ المهندس عبد السلام الجبلي والصديق الأستاذ أحمد أبوهندية والأستاذ هشام حسن والمهندس مجدي العلايلي وكانت الأمنيات والحوارات تدور كلها عن التغيرات المتلاحقة في المملكة لمواجهة هذه الملايين من حجاج بيت الله الحرام، وكذلك ما نعانيه نحن في بلادنا من مسالب سلوكية تزيد من الازدحامات في الطرق في المناسبات العامة والوطنية أيضاً في مصر، وتتعدد الحوارات حول المسلمين القادمين من بلاد عديدة حاملين سلوك أوطانهم وانصهار ذلك في طواف حول الكعبة المشرفة أو في السعي بين الصفا والمروة أو في التحرك من منسك إلي آخر ما بين مكة ومني وعرفات، والعودة من عرفات إلي المزدلفة - فمن مكةالمكرمة لطواف الإفاضة والوداع، وزيارة رسول الله في المدينةالمنورة، سواء لاحقاً لأداء الحج أو سابقاً لأداء المناسك - كل تلك الحوارات والدعوات العامة والخاصة أعتقد أنها تجد طريقها إلي الله دون معاناة حيث يفتح الله السماوات لاستقبال دعاء المسلمين، وهذه دعوة ووعد الله حق، اللهم ارزقنا بخير ما يفيد أوطاننا واجعل لنا في ديننا عصمة أمرنا رشدا، وكل عام والمسلمون بخير، والمصريون أكثر تلاصقاً وتلاحماً واطمئناناً علي مستقبل بلادنا!!