نجحت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لحل أزمة تخصيص أرض مدينتي وإعادة بيعها مرة أخري لمجموعة طلعت مصطفي في إعادة الثقة إلي السوق العقارية بحسب المسئولين والخبراء بعد أن شهدت توقفا ملحوظا في حركة البيع والشراء من ناحية أو من ناحية إتمام المشروعات التي حصل المستثمرون العقاريون علي الأراضي المقامة عليها بنظام التخصيص بالأمر المباشر. فقد بدأ المستثمرون في استكمال مشروعاتهم بعد تلويح الحكومة بإمكانية إعداد مشروع قانون يعرض علي البرلمان قريبا لتوفيق أوضاع الحاصلين علي أراض بالأمر المباشر بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات 1998 وإبقاء الموضع علي ما هو عليه. كما توقفت تهديدات بعض المستثمرين العرب والأجانب بسحب أموالهم والخروج من السوق المصري باعتبار أنه أصبح سوقا غير آمن.. لكن مع توفيق أوضاع أرض مدينتي سيستمر تدفق الأموال المقبلة للاستثمار في مصر من الخارج. جذب الاستثمارات يقول المهندس أحمد المغربي وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية إن المشكلة كانت بسيطة وهي خطأ في الإجراءات، لكن البعض أراد إشعال أزمة، لكن مع تصحيح الأوضاع القانونية لتخصيص أرض مدينتي لمجموعة طلعت مصطفي بما يتوافق مع القانون ولا يخالف حكم الإدارية العليا ويحفظ حقوق أصحاب المصالح أصبح الجو الاستثماري هادئا وعادت إليه الثقة التي كاد يفقدها. ويضيف أن استقرار الأوضاع الاقتصادية مهم لجذب الاستثمار ويعد أهم المحددات الرئيسية التي وضعتها الحكومة نصب أعينها عند الاختيار بين الحلول المقترحة لحل الأزمة. ويوضح «المغربي» أن علاج الحكومة للأزمة أكد التزام الدولة بتعاقداتها وهو الأمر الذي يعيد الاستقرار إلي السوق العقاري بصفة خاصة والاستثمار بصفة عامة، مشيرًا إلي أن القرارات التي قامت بها الحكومة الآن تظهر مدي الجدية التي تتعامل بها الدولة لإثبات التزامها بتعهداتها وتعاقداتها وتشيع الاطمئنان علي عملية الاستثمار. ويقول وزير الإسكان: مبدأ غير مقبول أن تتعامل مع الدولة بحسن نية ثم يضار شخص أو مجموعة شركات لما له من تأثير سلبي علي الاستثمار، مؤكدًا أن كل من تعامل مع الدولة بحسن نية لن تسمح الدولة بإيذائه، مؤكدًا أن مشروع «مدينتي» قائم وأنه لن يضار أي من أطراف المشروع. هروب الاستثمارات ويؤكد الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية أنه لم يتم التعامل مع الأزمة بحكمة من جانب الحكومة فإنه كانت ستكون هناك كارثة ستتوقف علي أثرها الاستثمارات الموجودة وكنا سنشهد هروب بعض رءوس الأموال الموجودة في السوق المصري، مشيرًا إلي أن إحدي الشركات العقارية العربية الكبري كانت قد عرضت علي الحكومة استثمار مليار دولار في مجال العقارات ثم تراجعت مع صدور حكم «مدينتي» واشتعال الأزمة والحكومة تجري وراءها الآن من أجل جر رجلها للاستثمار في مصر. ويقول «غالي» إن صياغة العقد الجديد بنفس الشروط تقريبًا مع الالتزام بمنطوق الحكم القضائي ومراعاة عدم الاضرار بأصحاب المصالح وفقا لمنطوق الحكم جاء من أجل مصلحة قومية وضرورة اجتماعية واقتصادية وهي حماية المناخ الاستثماري مشيرًا إلي أن اعتراض الادارية العليا كان الوعاء القانوني الذي تم توقيع العقد من خلاله وقد تم تصحيحه. ويضيف وزير المالية: أن ما فعلته الحكومة يؤكد للمستثمرين احترام حرمة التعاقد من جانب الدولة مؤكدًا أن المقابل الذي ستحصل عليه الدولة في العقد الجديد أكثر من عادل. ويلوح «غالي» باتجاه الحكومة إلي إصدار تشريع من مجلس الشعب في دورته البرلمانية المقبلة لادخال تعديلات علي قانون المناقصات والمزايدات بعدم تطبيقه بأثر رجعي مما يغلق الباب أمام طالبي الشهرة من اللجوء للقضاء ومحبي الظهور أمام الفضائيات علي حد قوله من تشويه المناخ الاستثماري. «مدينتي» والاستقرار وخلال جلسات اليورومني الذي اختتم اعماله امس أكد ريتشارد بانكس رئيس منطقة «اليورومني» أن مشكلات مثل مشكلة «مدينتي» تعطي ايحاء بأن السوق المصري غير مستقر وخاصة سوق العقارات وأنه غير مستعد لاستقبال استثمارات عقارية مشيرًا إلي ضرورة إجراء تعديل تشريعي لعلاج المشكلات في البنية القانونية من أجل تشجيع الاستثمار. ويضيف أن ضمانات الحكومة لاتكفي لضمان ملكية الأرض للمستثمرين ولكنه يحتاج إلي العديد من التعديلات الأخري مؤكدًا أن الحكومة عليها دور كبير من أجل تنشيط السوق العقاري من خلال تغيير المفاهيم وإشاعة المزيد من الاطمئنان للسوق من خلال تشريعات قانونية وإعادة تأهيل العاملين بالدولة وخاصة أن هناك تدفقات مالية ضخمة موجهة للسوق العقاري المصري سواء من داخل مصر أو خارجها. وطالب بزيادة القروض المخصصة من جانب القطاع المصرفي لقطاع العقارات مع تخفيض الفائدة وتقديم التيسيرات وإطالة أمد السداد مشيرًا إلي أن توقف السوق يهدد قطاع العقارات في مصر والذي يتولد مع إشاعة مناخ غير مستقر كما حدث في أزمة «مدينتي» أو زيادة تكلفة الانشاء الذي يعجز معه المواطن علي شراء الوحدات. تشريع سريع ويؤكد الدكتور أحمد أبو النور الخبير بالأمم المتحدة واستاذ الاقتصاديات الحرجة أن الحكومة لو تركت قضية «مدينتي» أسبوعا واحدا بدون ايجاد حل سريع لها كانت معظم الاستثمارات الأرضية بالبلد قد هربت إلي جانب زيادة حالة الركود خاصة في المشروعات التي حصل المستثمرون علي أرضها بالأمر المباشر سواء أكانت صناعية أو زراعية أو عقارية أو سياحية. ويشير إلي ضرورة اصدار تشريع قانوني سريع لحل الأزمة ولتسوية ملفات الأراضي التي حصل عليها المستثمرون بالأمر المباشر وحتي لو عن طريق اصدار قانون بقرار جمهوري يؤكد علي تطبيق قانون المناقصات والمزايدات بأثر رجعي ويبقي الحال علي ما هو عليه وبمعني آخر تشريع يمنع فتح الملفات القديمة.