نظرا لتكرار انقطاع الكهرباء أو المياه أو كليهما في بلدنا هذه الأيام، ونظرا لأن الناس في بلدنا يحبون الضحك، ونظرا لأنه لا يوجد في هذا الجو الحار جدا جدا سوي حل واحد لانقطاع المياه أو الكهرباء ألا وهو التندر.. نظرا لكل ما سبق صرنا نتساءل أيهما تفضل: أن تنقطع في بيتك المياه أم أن تنقطع الكهرباء؟ والذين تنقطع عندهم المياه يفضلون انقطاع الكهرباء لأنهم يعانون معاناة شديدة في كل مكان بالبيت.. فلا توجد مياه للشرب ولا للتنظيف ولا للاستحمام ولا لإعداد الطعام بعد طول الصيام.. وبانقطاع المياه لمدة يومين - كما حدث في بعض المناطق - قد يصاب الناس باكتئاب مزمن نتيجة عدم وجود أحد أسباب الحياة الرئيسية وهو الماء، ولأن عملية شرائه وتعبئته من هنا وهناك والوقوف في طابور للحصول عليه هي غاية في المهانة.. لذا يفضل هؤلاء أن تنقطع الكهرباء وتبقي المياه.. أما الذين يعانون من انقطاع الكهرباء عدة ساعات في اليوم الواحد أحيانا نهاراً وأحيانا أثناء الليل فهم - من دون شك - يختارون إجابة مختلفة للسؤال، ويفضلون انقطاع المياه وبقاء الكهرباء.. فامتناع المكيفات والمراوح هو أكبر تعذيب علي الإطلاق.. وعدم وجود مياه باردة في الثلاجة ليس أفضل من عدم وجودها علي الإطلاق.. وفساد الأطعمة في هذا الجو الحار، وصراخ الصغار بسبب الظلام وارتفاع درجة الحرارة معا كاف جدا لبيان أهمية الكهرباء في هذا الوقت من العام وبخاصة عندما تضيف لهذا أن المصاعد لا تعمل، وعليك صعود السلالم.. والغيظ كل الغيظ هو ألا تستطيع متابعة مسلسلات وبرامج رمضان لا علي التليفزيون ولا حتي باستخدام الانترنت! ثم إن الماء من الممكن أن تشتريه أما الكهرباء فإذا انقطعت فهي مقطوعة ولا يوجد حل بديل!! وهناك فريق ثالث هو الأسوأ حظا، وهو الفريق الذي لا تصل المياه إليه إلا عن طريق موتور رفع يعمل بالكهرباء!! فإذا انقطعت الكهرباء انقطعت معها المياه دون استئذان ولا حرج!! وهؤلاء المساكين يعيشون حينئذ كالأجداد الأوائل في مراحل ما قبل التاريخ حيث لم يكن هناك أية قواعد للنظافة العامة بل لم تكن النظافة قد اكتشفت بعد.. وقطعا لا يمكن الاقتراب منهم لسؤالهم عما يفضلون: انقطاع الكهرباء أم الماء؟ لأسباب عديدة أهمها الحفاظ علي سلامة وأمن صاحب السؤال!! ولم يتم التوصل بعد لحل هذه المشكلة: لا أقصد مشكلة انقطاع المياه، ولا مشكلة انقطاع الكهرباء، ولا مشكلة انقطاعهما معا.. المقصود هنا هو المشكلة التي يطرحها سؤال: أيهما أسوأ.. فلم يتم التوصل إلي حل نهائي لها وإن كان المتفق عليه أن الأكثر سوءا هو انقطاع الماء والكهرباء معا.. وما زالت الأبحاث الميدانية وأسئلة استطلاع الرأي تدور حول هذا الأمر لبيان الإجابة التي يفضلها المصريون.. حينئذ فقط سيكون علي المسئولين الخضوع لرأي الجماهير وقطع الماء أو الكهرباء.. وإلي هذا الحين سيكون مشروعا أن يختار المسئولون ما يقطعون حتي تتفق الجماهير علي رأي واحد..