الصدمة هي أول شيء ينتابك في المطبخ الفارسي فكل شيء غريب وتختلط فيه الاسطورة بتعاقب الحضارات وكثيرا مما نعرفه في الوطن العربي علي انه أطعمة وطنية يرجع أصولها الي الفارسية والطبخ الفارسي متأثر ايضا بالطبخ في جميع انحاء العالم فمن اطباق لحم البقر من الهند الي الحلو والحامض الذي كان يزين موائد ملوك القرون الوسطي وعصر النهضة الاوروبية واذا ذهبت الي السوبر ماركت في ايران فلا تتعجب اذا وجدت مربة الباذنجان والخيار ولقد احضرت لي صديقة سافرت الي ايران احدي هذه المربات ولكنني للأسف لم اقترب منها رغم محاولاتي العديدة. والطبخ الفارسي ينبغي فهمه ضمن سياق فن الضيافة عند الشعوب الإيرانية في مختلف مناطق البلاد، وهو السياق الوحيد الذي ساعد في الحفاظ علي مكانة هذا الطبخ كفن من فنون الشعوب الإيرانية، وليس مجرد نوع من الطعام. فبصفة تاريخية، اعتادت الشعوب الإيرانية علي فكرة ان الطعام لا بد من إعداده بطريقة تجعل كل وجبة مغذية وصحية وجديرة بتقديمها الي ضيوفهم، سواء كانوا شعراء او فلاسفة، او حتي ملوكا، والمطبخ الفارسي اعتمد في جذوره علي المطبخ البابلي من ضمن الاقتباسات الحضارية الشاملة التي وردتهم من منظومة الحياة العراقية بعد سقوط بابل علي أيدي الأخمينيين عام 593 ق.م ،وتعدت وتشعبت إلي كل حيثيات الفكر والعقائد والأعراف، ووطأت الفنون والآداب والأطعمة الايرانية صحية رغم كونها غنية بالالوان وتشبه الرسوم المنمنمة الفارسية. الطبخ الايراني هو خليط الأرز مع اللحوم ، لحم الدجاج او السمك مع مقادير وفيرة من الثوم والبصل والخضروات والفستق والاعشاب العطرية. ومن اجل الحصول علي الطعم اللذيذ والحمية المتعادلة يجب اضافة التوابل الايرانية كالزعفران والليمون الحامض والقرفة والبقدونس ويخلط جميعها معاً برقة أكثر الأغذية شعبية في المطبخ الفارسي هو الأرز - ويتم تقديمه بأنواع وأساليب متنوعة مخلوطا مع الأعشاب مثل النعناع، الزعفران، القرفة)، الشبت، وحتي مخلوطا مع الفواكه، الكرز والجوز. عندما يتم طبخ الأرز مع خليط من المكونات يطلق عليه اسم (بالو)، وعندما يتم وضع لحم عليه أو عصائر علي طبق من الأرز يطلق عليه اسم (شيلو) وأكثر الأطباق شهرة هو (شيلو كباب و(الكباب) الذي يري كثير من الناس بأنه كلمة تركية إلا أن البحث اللغوي اكد إلي أن الكلمة آرامية منحدرة من الأكدية بصيغة (كبابا Kababa) ومعناها الحرفي شي اللحم علي الفحم واللبنة تعتبر شعبية جداً في إيران ولا أحد يجزم حتي الآن هي شامية ام فارسية، وتستعمل بطرق متنوعة تؤكل في الحساء وفي آخر الوجبة، مخلوطة بالماء للحصول علي شراب منعش وكذلك تستعمل في نقع اللحم. والمبدأ الأول في أسلوب الطبخ الفارسي هو عدم وضع الثقة الكاملة في مكونات واحدة ، أي مبدأ (الحلو مر) حيث يجب أن يكون المذاق الأول متعادلا مع الآخر. أما المبدأ الثاني أن جميع الأشياء الصالحة للأكل هي طعام، وليس العنب فقط بل ورق العنب أيضاً صالح للأكل، وهذا يقودنا إلي سلسلة متنوعة من النماذج. والمبدأ الثالث فهو أن الفواكه والجوز لايتم تأجيلها لآخر الوجبة، ولايوجد أي أسلوب طبخ آخر أكثر نجاحاً من أن يكون محتوياً علي الفواكه والجوز ممزوجة في المصدر الرئيسي للوجبة.